اخبار

صحيفة فرنسية: هكذا يُجَوِّع نتنياهو قطاع غزة

معنونةً على صفحتها الأولى: “نتنياهو مجوّع غزة”، قالت صحيفة “ليمانيتي” الفرنسية إن مليوني فلسطيني في غزة يعيشون خطر المجاعة الحاد. فمنذ أن فرضت حكومة بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة حصارًا كاملاً على القطاع في الثاني من مارس/آذار الماضي، أصبحت المجاعة تُستخدم كسلاح حرب ضد شعب أنهكه القصف الدموي على مدى تسعة عشر شهرًا.

انتشرت الصور في جميع أنحاء العالم، وكانت لا تطاق: أجساد هزيلة، وعيون غائرة بسبب الجوع والعطش، وأطفال في السادسة من عمرهم يبدون كأنهم في الثانية… فبنيامين نتنياهو يُجَوِّع قطاع غزة. فبعد تسعة عشر شهرًا من القصف، والتهجير القسري، والاستهداف المنهجي للمدارس والمستشفيات، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي في الثاني من مارس/آذار وقفاً كاملاً لقوافل المساعدات الإنسانية (غذاء، أدوية، ملاجئ، ووقود)، مما وضع الغزيين في مواجهة “خطر حرج من المجاعة”، تضيف صحيفة “ليمانيتي”.

آخر تقييم أجراه خبراء الأمن الغذائي التابعون لحوالي 15 وكالة تابعة للأمم المتحدة ومنظمات دولية وجمعيات، كان حاسمًا: من أصل 2.1 مليون نسمة في غزة، هناك 1.5 مليون في المرحلتين الرابعة والخامسة من مقياس التصنيف المتكامل للأمن الغذائي (IPC). وإذا لم يُتخذ إجراء عاجل لإعادة إدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع، فإن نحو 470 ألف شخص قد يُعتبرون في وضع “كارثي”.

الجوع كسلاح حرب

قال الدكتور مصطفى البرغوثي، رئيس جمعية الإغاثة الطبية الفلسطينية (PMRS)، خلال جولة له في أوروبا هذا الثلاثاء، إن “استخدام المجاعة هو استراتيجية متعمدة من قبل الحكومة الإسرائيلية في إطار منطق الإبادة الجماعية”. وأضاف، خلال زيارة له إلى باريس بدعوة من جمعية الإغاثة الشعبية الفرنسية (SPF)، أنه “منذ اثنين وسبعين يومًا، لم يدخل إلى غزة رغيف خبز واحد، أو قطرة ماء، أو دواء واحد. بالنسبة لنتنياهو، المجاعة سلاح كغيره. الهدف هو تنفيذ تطهير عرقي وإفراغ القطاع من سكانه”.

 

منذ أسابيع، تحذر جميع المنظمات الإنسانية من ضرورة تنفيذ خطة عمل فورية، وإلا فإن تعميم المجاعة سيؤدي إلى ارتفاع كبير في حالات سوء التغذية الحاد المميتة. وهذا ما أكده التقرير الأخير لمنظمة أطباء العالم الصادر يوم الثلاثاء، حيث أشار إلى أن مستويات انعدام الأمن الغذائي في غزة “تشبه تلك التي سُجلت في دول تعاني من أزمات إنسانية مزمنة استمرت لعقود”، مثل اليمن ونيجيريا، تشير صحيفة “ليمانيتي” دائماً.

أوكسفام: “مجاعة مصطنعة ومتعمدة”

من جهتها، أكدت منظمة أوكسفام الدولية في بيان صدر يوم الاثنين، على لسان محمود السقا، منسق الأمن الغذائي وسبل العيش في غزة، أن هناك “مجاعة متعمدة ومصطنعة بالكامل” تفرضها إسرائيل عبر “حصار شامل (…) في حين أن آلاف الشاحنات المحملة بالإمدادات الحيوية تنتظر على بعد أمتار من الحدود دون أن يُسمح لها بالدخول”. وترى المنظمة أن هذه الاستراتيجية المتمثلة في “عسكرة إيصال المساعدات الإنسانية” تُعد “انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وتعرض حياة المدنيين للخطر” كما نددت بـ“صمت المجتمع الدولي المتواطئ”.

وقالت هنرييت ستينبرغ، الأمينة العامة للإغاثة الشعبية الفرنسية، إن “الوضع في قطاع غزة يجب أن يُوقظ ضميرنا الإنساني العالمي”. وجددت، يوم الثلاثاء، دعوتها لـ“وقف فوري للنزاع”، مضيفة القول: “هذه الصور المروعة غير مقبولة. لم يعد الصمت ممكنًا، وعلينا أن نُطلع العالم على واقع الحياة اليومية في غزة والضفة الغربية. علينا أن نظهر تضامننا مع الفلسطينيين وندعم شركاءنا هناك. لا شيء يبرر استهداف النساء والأطفال وسكان غزة بالقصف أو طردهم من أراضيهم”.

أوروبا شريكة في الجرائم الإسرائيلية

فهل للفلسطينيين نفس الحقوق الإنسانية التي يتمتع بها باقي شعوب العالم، يتساءل مصطفى البرغوثي، مستنكرًا سلسلة الجرائم والفظائع التي يعاني منها سكان غزة والضفة الغربية. وأضاف القول: “ما زلنا نأمل في كسر هذا الحصار والسماح بدخول قوافل تحمل الطعام والماء والدواء. لكن التدمير الممنهج لمراكز العلاج وشبكات المياه والصرف الصحي، والجثث المنتشرة، والقيود، كلها عوامل تُسبب أمراضًا مثل التهاب الكبد الناتج عن شرب المياه الملوثة. هذه الظروف تهدد أيضًا بعودة أمراض مثل شلل الأطفال، والتيتانوس، والدفتيريا. فالجنود الإسرائيليون في غزة تم تطعيمهم، على عكس الأطفال الفلسطينيين. نية الإبادة واضحة”.

وأوضحت صحيفة “ليمانيتي” أنه رغم الإدانة الدولية، قصفت القوات الإسرائيلية ليلة الاثنين إلى الثلاثاء مستشفى ناصر في خان يونس، ما أسفر عن مقتل صحافي وعدد من المرضى. ولا يُظهر بنيامين نتنياهو أي نية للتراجع. بل على العكس، وبدعم من ائتلافه اليميني المتطرف، وعد بأن يتدخل الجيش الإسرائيلي “بكامل قوته لإنهاء العملية وهزيمة حماس”.

تل أبيب مصممة على ضم غزة

وقال نتنياهو: “لقد أنشأنا إدارة تُمكن سكان غزة من المغادرة، ولكن المشكلة بالنسبة لنا هي أننا بحاجة إلى دول مستعدة لاستقبالهم. إذا منحناهم الفرصة للمغادرة، فإن أكثر من %50 سيغادرون، وأعتقد أن العدد سيكون أكبر من ذلك”.

وفي مواجهة حكومة إسرائيلية بلا حدود، شدد جانفرانسوا كورتي، رئيس منظمة أطباء العالم، على أن ”الوقت قد حان للتحرك. أكثر من مليونين من الأرواح معرضة للخطر. تقاعس الدول التي لديها القدرة على الضغط على السلطات الإسرائيلية لرفع هذا الحصار القاتل أمر غير مقبول، وقد يُعتبر تواطؤًا بموجب القانون الدولي ”.

من جهتها، طالبت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) بفتح ممرات إنسانية ورفع الحصار “نظرًا للخطر الوشيك من المجاعة، والانهيار شبه الكامل للقطاع الزراعي، واحتمال تفشي أوبئة مميتة”.

مع تدمير البنية التحتية الزراعية ومحطات الكهرباء، وقصف قوافل المساعدات وسيارات الإسعاف… في وسط هذا السيل من الفظائع، روى مصطفى البرغوثي قصة أب رأى طفله يفقد ذراعيه الاثنتين. “سأله الطفل إن كانت أطرافه ستنمو من جديد عندما يكبر، فكان الأب صامتًا”، يروي البرغوثي. ويضيف: “لقد حان الوقت لمعاقبة الحكومة الإسرائيلية، كما فُرضت عقوبات على روسيا في 2022 بعد غزو أوكرانيا، وللتحرك ضد الدعم العسكري المقدم لها. أين ذهبت تلك الأصوات الأوروبية الكبيرة التي لطالما حدثتنا عن القانون الدولي وحقوق الشعوب والقانون الإنساني؟”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *