اخر الاخبار

تركيا… خطاب إعلامي صاخب وواقع استراتيجي يخدم إسرائيل

أمد/ في الوقت الذي تتصدر فيه التصريحات النارية للمسؤولين الأتراك، وعلى رأسهم الرئيس رجب طيب أردوغان، شاشات القنوات العربية والإسلامية، مدعية الوقوف الحازم في وجه “الاحتلال الإسرائيلي”، نجد أن الواقع الاقتصادي والاستراتيجي يكشف عن علاقة أكثر عمقاً وتعاوناً مما يُعرض على العلن. هذا التناقض الصارخ بين الخطاب الإعلامي والممارسات الفعلية يثير تساؤلات جدية حول مصداقية الموقف التركي، خاصة في قضايا الشرق الأوسط الحساسة.

أحد أبرز الأمثلة على ذلك هو خط أنابيب باكو تبليسي جيهان (BTC)، الذي يمر عبر أذربيجان وجورجيا وتركيا، وينتهي في ميناء جيهان التركي. هذا الخط الحيوي لا ينقل فقط نفط بحر قزوين إلى الأسواق العالمية، بل يعد مصدرًا أساسيًا للطاقة بالنسبة لإسرائيل، إذ تزود الأخيرة ما يقارب 40% من احتياجاتها النفطية عبر هذا الخط.

ومع أن أنقرة تهاجم سياسات إسرائيل في غزة والقدس إعلامياً، إلا أن تدفق النفط عبر ميناء جيهان لم يتوقف يوماً، بل استمر حتى في أحلك فترات التصعيد والمجازر في غزة. هذه الحقيقة تجعل من تركيا شريكاً مباشراً في استمرار آلة الحرب الإسرائيلية، فلو كانت أنقرة جادة في موقفها، لأوقفت هذا الإمداد الحيوي، ما كان سيشل جزءاً كبيراً من القدرة الإسرائيلية على مواصلة الإبادة والتجويع.

*إن استمرار تدفق النفط عبر تركيا يعني ببساطة أن أنقرة تتحمل مسؤولية مباشرة عن نحو 40% من المجازر التي ارتكبتها إسرائيل وتساهم في إستمرارها ، لو أوقفت هذا التدفق لما استمرت الحرب أكثر من 18 شهرا ، فهي لم تزودها بالوقود فحسب، بل زودتها بالغطاء الأخلاقي عبر خطاب مزدوج يخدع الشعوب ويخدم الأعداء.

السؤال الذي يجب أن يُطرح اليوم: هل يمكن الوثوق بدولة تقول شيئاً وتفعل نقيضه؟ وهل باتت بعض الأنظمة تستخدم فلسطين مجرد شعار لتسويق نفسها في الشارع العربي والإسلامي، بينما تبيع ظهرها في غرف التفاوض المغلقة؟

إن كشف هذه التناقضات لم يعد ترفاً فكرياً، بل ضرورة لفهم الواقع السياسي بشكل ناضج. الشعوب تستحق الوضوح، وتستحق أن تعرف من يقف معها ومن يتاجر بقضاياها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *