الهدم يتهدد “هنغارات عشوائية” ضواحي البيضاء وسط مطالب بتعويضات عادلة

شرعت السلطات المحلية بمنطقة المكانسة، ضواحي مدينة الدار البيضاء، في إشعار عدد من أصحاب الهنغارات العشوائية بقرارات هدم مرتقبة، وذلك في إطار حملة تهدف إلى تحرير الملك العمومي ومحاربة مظاهر البناء غير القانوني.
ووفقا لمصادر محلية، فإن العملية تشمل عددا من الهنغارات المقامة بالمنطقة، والتي ترى السلطات أنها لا تحترم ضوابط التعمير الجاري بها العمل.
وفي الوقت الذي تبرر فيه الجهات المعنية هذه الخطوة برغبتها في فرض النظام الحضري وتفادي تفاقم البناء غير المرخص، عبّر عدد من الملاك عن امتعاضهم من القرار، مؤكدين أنهم يتوفرون على تصاميم هندسية ووثائق قانونية تثبت مشروعية ممتلكاتهم.
وقال أحد المتضررين في تصريح لجريدة “العمق”: “نحن لسنا ضد تطبيق القانون، بل نطالب بتطبيقه بعدل.. أتوفر على تصميم هندسي مصادق عليه من الجهات المختصة، ومن غير المقبول أن تتم معاملتنا كما لو كنا مخالفين.”
من جانبها، أوضحت المصادر ذاتها أن العملية لا تستهدف البنايات المتوفرة على وثائق قانونية، مشيرة إلى أن لجنة مختصة ستتولى دراسة كل ملف على حدا للتحقق من الوضعية القانونية لكل بناء قبل الشروع في تنفيذ أوامر الهدم.
وفي سياق متصل، تتداول أوساط بعض المتضررين، امكانية تنظيم وقفة احتجاجية سلمية في حال تم تنفيذ قرارات الهدم دون تقديم تعويضات عادلة، مطالبين بضمانات لحماية ممتلكاتهم أو تعويضهم في حال ثبت تضررهم من العملية.
وتندرج هذه التحركات ضمن حملة أوسع تقودها سلطات مدينة الدار البيضاء لمحاربة البناء العشوائي، الذي يعد خطرا على السلامة العامة ويشوه جمالية المشهد الحضري للعاصمة الاقتصادية، وفق نفس المصادر.
وتترقب الساكنة المحلية ما ستؤول إليه هذه الإجراءات، في ظل دعوات لتحقيق توازن بين تطبيق القانون وصون الحقوق المشروعة للمواطنين.
وقال سعيد عاتيق، فاعل مدني بمدينة الدار البيضاء، إن “ظاهرة العشوائيات واحدة من أبرز التحديات التي تواجه التنمية المجالية في عدد من المناطق، حيث باتت تحتل رقعة واسعة من المجال الحضري، وتفرض واقعًا عمرانيا واقتصاديا واجتماعيا مشوها”.
وأضاف عاتيق، في تصريح لجريدة “”، أنه وإن كانت السلطات اليوم قد كثفت من حملاتها لهدم هذه البؤر، فإن التساؤل الجوهري الذي يفرض نفسه هو: هل تكفي الجرافات لاجتثاث الظاهرة من جذورها؟
وزاد: “لقد ظلّت بعض المنشآت غير القانونية، من “هنكارات” ضخمة إلى محلات واسعة، قائمة لسنوات طويلة، تذرّ الملايين على أصحابها. فكيف يمكن تفسير استمرارها رغم وضوح خروقاتها؟ الجواب، على الأرجح، يكمن في التواطؤ، أو على الأقل في التغاضي المتكرر من قبل من يُفترض فيهم مراقبة احترام القانون”.
وتساءل المتحدث نفسه قائلًا: “أين كانت أعين السلطات خلال مراحل نشأة هذه البنيات وتوسّعها؟ ولماذا لا يتم فتح تحقيقات شفافة تُسائل المتورطين في السكوت أو التغاضي؟”، مضيفا أن “محاربة العشوائيات لا تعني فقط هدم الجدران والإزالات الفُجائية، بل تتطلب قبل ذلك مساءلة دقيقة للفاعل المحلي، من منتخبين، وسلطات، وشركاء تنمويين”.
وأشار الفاعل المدني إلى أن “مبدأ عدم الإفلات من العقاب يفرض نفسه هنا، لأن التقادم لا يُسقط المسؤولية الإدارية أو الأخلاقية”.
وأفاد عاتيق، من جهة أخرى، بأن الحل الأمني وحده غير كافٍ، بل قد يعمّق الأزمة. إذ إن اللجوء إلى الجرافات دون استحضار المقاربة الاجتماعية والحوارية قد يولد حالة من الرفض، ويغذي الإحساس بالظلم لدى فئات تعيش الهشاشة وتكابد لأجل لقمة العيش”.
وأكد أيضا أن العشوائيات لم تنشأ بزر تحكم، بل هي نتاج سياسات سكنية غير منصفة، وتخطيط ترابي غائب، وغياب العدالة المجالية.
واعتبر المتحدث نفسه أن “القضاء على الظاهرة يستوجب رؤية شمولية تنطلق من الوقاية قبل الردع، ومن التأطير قبل العقاب. كما يجب إعادة الاعتبار لكرامة المواطن، من خلال إدماجه في مسلسل التهيئة، وتمكينه من بدائل سكنية ومهنية تحفظ حقه في العيش الكريم”.
وخلص عاتيق حديثه قائلا: “العشوائيات ليست مجرد بنايات تهدم، بل هي عنوان لفشل تنموي نحتاج جميعا إلى مواجهته بعقلانية، وجرأة، ومحاسبة حقيقية”.
المصدر: العمق المغربي