الوطن ليس حدودًا فقط .. بل كرامة لا تقبل التفاوض

أمد/ الوطن ليس مجرد رقعة جغرافية مرسومة على خارطة، ولا مجرد اسم يُذكر في المحافل الدولية، ولا نشيد يُردد كل صباح. الوطن هو الكرامة التي نحملها في قلوبنا، وهو الكبرياء الذي يسكننا حين نرفض الذل، ونواجه الظلم، وندافع عن الحق مهما كان الثمن.
قد تُرسم الحدود وتُمحى، قد تتغير الأنظمة وتتناوب الحكومات، لكن الكرامة الوطنية إذا أُهينت، فإن شيئًا عظيمًا يُكسر في روح الأمة. فالكرامة ليست بندًا يمكن التفاوض عليه، ولا سلعة تُعرض على طاولات المصالح، بل هي الجوهر الأصيل الذي إن فُقد، فَقَدنا الوطن نفسه، مهما بقيت الأرض، ومهما رُفع العلم.
كم من شعوب احتُلت أراضيها، لكنها ظلت تملك كرامتها لأنها رفضت الانكسار، وكم من دول بقيت مستقرة، لكنها كانت فارغة من معنى الوطن لأنها فقدت شرف الموقف وسيادة القرار.
الوطن يُصان بالمواقف لا بالكلام، بالثبات لا بالمساومات، بالدماء إن لزم الأمر، لا بالتصفيق للمحتل أو التماهي مع القهر. من يظن أن الوطن مجرد تراب وحدود لا يعرف معنى الانتماء، ومن يقايض السيادة بالمكاسب المؤقتة لا يستحق شرف المواطنة.
الوطن الحقيقي لا يُشترى ولا يُباع، لا يُستورد ولا يُستعمر فكريًا، إنه كرامة نرفض أن تُداس، وسيادة نأبى أن تُنتزع، وقرارٌ حرّ لا يُؤخذ بالإملاء.
فلتبقَ الأوطان حرةً، كريمةً، لا تركع إلا لله، ولا تهادن من يطعنها في خاصرتها باسم السلام أو التحضّر أو الواقعية.