نظام تبون “يحرض” على انفصال إقليم بريتاني عن فرنسا

من المغرب إلى مالي، مرورا بأزمات تمت صناعتها بعناية في مناطق حساسة، لم تتوان الجزائر عن تبني خطاب الانفصال وتمويله وترويجه، وجعلت منه أداة مركزية في سياستها الخارجية. آخر الفصول الغريبة في هذا المسلسل الطويل جاء من قلب أوروبا، حيث أطل التلفزيون العمومي الجزائري على مشاهديه بـ”تقرير مفاجئ” يروّج لمطالب انفصالية في إقليم بريتاني الفرنسية، في مشهد لا يخلو من مفارقات صارخة، تتجلى في تبني النظام الجزائري لقضية انفصالية داخل دولة أوروبية، في الوقت الذي يشتد فيه الخناق الدبلوماسي بين الجزائر وباريس.
وفي تقرير بثه التلفزيون الجزائري مؤخراً، تم تسليط الضوء على ما وصفه بـ”رغبة سياسية لتحييد أي شكل من أشكال الهوية البريتونية” في فرنسا، مقدما وجهة نظر ترى أن بريتاني ليست منطقة فرنسية، بل كيان ذو تاريخ مختلف. التقرير استضاف “اروان براديي” قدم على أنه مطالب باستقلال مقاطعة La Bretagne الواقعة شمال غرب فرنسا، والذي عرض رواية تاريخية تتحدث عن ضم وقمع ومحو ثقافي تعرضت له بريتاني، معتبرا إياها “دولة استعمرتها فرنسا لعدة قرون”.
ووفقا للمتحدث الذي ظهر في التقرير، فإن “بريتاني، كوطن، تعرضت للغزو من قبل فرنسا عام 1488 وتم ضمها رسمياً بشكل أحادي الجانب في عامي 1532 و1789”. وأشار إلى أن “الحظر الأول على اللغة البريتونية حدث من قبل الثوار الفرنسيين عام 1789، وصاحبته مذبحة عنيفة أودت بحياة عشرات الآلاف من البريتونيين في غرق نهر لوار”، مضيفاً “لسنا الوحيدين الذين عانوا”، وذكّر بـ”الإبادة الجماعية الفاندية التي ارتكبت على أيدي نفس الثوار”.
التقرير التلفزيوني الجزائري نقل عن المصدر ذاته أن اللغة البريتونية “تم حظرها مرة أخرى من قبل الدولة الفرنسية عام 1902 بموجب قانون كومب، واستمر هذا الحظر حتى عام 1951”. وادعى المتحدث أن “الدولة الفرنسية تستمر في حظر اللغة البريتونية في الإدارات، وتحظر وجود قنوات تلفزيونية أو إذاعية أو وسائل إعلام أخرى باللغة البريتونية”، بل و”لا تزال تحظر إطلاق أسماء بريتونية على الأطفال”. وأكد أن البريتونيين ما زالوا يعتقدون أن لغتهم مهمشة، وأن الدولة الفرنسية، “على الرغم من الخطابات الرسمية، تستمر في منع استخدامها في الحياة العامة والإدارية”، واصفاً ذلك بـ”سياسة تهدف إلى منع أي وعي بالهوية”.
المصرح في التقرير الجزائري اعتبر أن ما تخشاه باريس من الاعتراف بهذه اللغات هو “فتح الطريق لاتخاذ وعي وطني”، مشددا على أن “البريتونيين ليسوا فرنسيين، فاللغة البريتونية ليست لهجة من الفرنسية، بل لغة سلتيكية مرتبطة بالويلزية والكورنيشية واللغات السلتية الأخرى”. ووسع نطاق حديثه ليشمل ما وصفهم بـ”الأقليات الأخرى المواطنة تحت الاحتلال الفرنسي، والتي تشمل بشكل خاص الباسك، الفلمنكيين، الألزاسيين، والكورسيكيين”.
التقرير التلفزيوني الجزائري نقل اتهامات للمتحدث بأن “دولة اليعاقبة الفرنسية مخادعة وكاذبة”، وأنها “في إطار عالميتها الجمهورية التي تدعي أن الجميع يجب أن يكونوا فرنسيين، تمارس سياسة استيعاب عنيفة للغاية تجاه ما يسمى باللغات الإقليمية، سواء في بلدنا أو بلدان الدول الأخرى التي هي حالياً تحت الاحتلال الفرنسي”. ووصف الدولة الفرنسية بأنها “منافقة للغاية بشأن هذه الأمور”، حيث “تتدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتدعو لحرية تعبير الأقليات الوطنية أو الإقليمية في أراضي الآخرين، لكنها لا تفعل ذلك على الإطلاق في أراضيها الخاصة”.
المصدر: العمق المغربي