إلّي بيدري بيدري وإلّي ما بيدري بيقول كف عدس

أمد/ هذا مثل شعبي فلسطيني بديع، عميق المعاني والدلالات،
هذا إلى جانب ان قصة اصله حكاية ظريفة طريفة، “إم عيون جريئة!!!”،
كان الفلسطينيون قديما يسهرون صيفا على البيادر، يدرسون محاصيلهم في الليل المنعش، بعيدا عن حرّ النهار اللآهب،
كان احد الفلاحيين يدرس غلّته من محصول العدس،
كان الموسم وفير الانتاج، كثير الخير والخيرات،
ولان محصوله كبير كان ينام على البيدر كي يحرسه من اللصوص والمتطفلين،
وفي ليلة صيفية صافية تبدو في سماء البيدر نجمات درب التبانات، تسير وراء بعضها،
اصطحب الفلاح، تلك الليلة، ابنته الصبية الجميلة، ذات القد الممشوق، كي تساعده وتنام هي الاخرى على البيدر بالقرب من ابيها،
ويبدو ان عيونا لم تكن تأبه للفلاح العجوز ولا لنومه المتتالي على البيدر لحراسة محصوله من العدس،
لكن هذه العيون، أو العينان ظلّتا متيقّظتين طوال الليل تُرافب الصبية الجميلة ذات القدّ الميّاس،
بعد منتصف الليل وعندما خبا قليلا ضوء نجمات درب التبانات على البيدر، تسلل الشاب، ذو العيون المتيقّظة، إلى البيدر بسرعة وخفّة النمر،
اقترب من “مخدع” الصبية، ومدّ يده المشتاقة ومرّرها على جسم الصبية الغض الدافئ المُتعرّق قليلا،
تنبّهت الصبية وجفلت واستيقظت من نومها وصرخت،
تنبّه ابوها “وغزّ” واقفا وتناول بيده المذراه الحديدية المدبّبة وركض وراء الشاب المُتطفّل، كي يغرز المذراة في بطنه او ظهره،
هرب الشاب وكان لبقا، ذكيّا محنّكنا، حاضر الذهن والبديهة، فقد مال، لتتويه وتموية الامر، على كومة العدس واخذ منها ملئ يده، “كفّه”، عدسا،
وبدأ يصيح ويستغيث، ويقول ويُردّد::
“يا ناس يا ناس، تعالوا شوفوا سيقتلني من اجل كفّ عدس!!!،
تجمّع الناس وتجمهروا على البيادر، واخذوا يلومون الفلاح على مقصده قتل الشاب من اجل سرقته حفنة عدس!!!،
فتوجّه إليهم الفلاح قائلا جملته الشهيرة، التي اصبحت وذهبت مثلا:
“إلّي بيدري بيدري وإلّي ما بيدري بيقول كف عدس”.
كاتب ودبلوماسي فلسطيني