هل تحمي “استراتيجية 2030” من التهديد السيبراني المتصاعد بالمغرب؟

يشهد المغرب منذ أسابيع نقاشا موسعا حول منسوب الأمن الرقمي وحماية بنوك المعلومات من التهديدات المحتملة، وذلك على خلفية الهجمات التي استهدفت قاعدة بيانات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والتي مكّنت العامة من الولوج إلى معلومات خاصة بما مجموعه 1.996.026 أجيرا ومستخدما، يشتغلون في حوالي 500 ألف شركة ومؤسسة بالمملكة.
ودفعت هذه الهجمات، التي تبنّتها جهات خارجية، مؤسسات وطنية مختلفة إلى “استنفار” أجهزتها واتخاذ تدابير وقائية، من بينها تعطيل إمكانية الولوج إلى قواعد بياناتها وحجب مواقعها الإلكترونية. وعلى الرغم من ذلك، إلا أن النقاش حول الموضوع لم يهدأ بعدُ؛ إذ انتقل إلى إثارة سؤال مدى فعالية الاستراتيجيات التي يتبناها المغرب في هذا الجانب.
وتلتزم عموم المؤسسات بالاستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني 2030 التي أطلقتها المديرية العامة لأمن نظم المعلومات التابعة لإدارة الدفاع الوطني، في الوقت الذي يحتل فيه المغرب مراتب متقدمة على المستوى القاري ضمن الدول التي تواجه تهديدات سيبرانية من الخارج؛ فما الذي تنص عليه هذه الاستراتيجية على العموم؟
في أفق 2030
تقوم هذه الاستراتيجية، التي نشرت المديرية العامة لأمن نظم المعلومات نصّها لفائدة العموم في أكتوبر 2024، على أربعة محاور رئيسية، وتهدف إلى تحقيق 11 هدفا من خلال تنفيذ 26 مبادرة متنوعة مرتبطة بضمان الأمن السيبراني بالمغرب.
وتسعى الخطة في أفق 2030 إلى “تطوير آليات التنسيق الوطنية، عبر تحسين تبادل المعلومات بين الجهات المعنية بحماية البنى التحتية الحيوية، مع تعزيز التنسيق بين هيئات إنفاذ القانون والهيئات المكلفة بالاستخبارات السيبرانية، وتطوير التعاون مع القطاع الخاص”.
كما تسعى إلى “تحديث الإطار القانوني والمعياري عبر مراجعة دورية للترسانة القانونية المنظمة للأمن السيبراني، وتنزيل مضامينها على المستويات القطاعية”.
وتدعو الاستراتيجية إلى “تحيين خريطة البنى التحتية الحيوية وأنظمتها المعلوماتية، وتوضيح التبعيات بين القطاعات، إضافة إلى تعزيز أنشطة الافتحاص والمراقبة للتأكد من مدى احترام هذه البنى للقانون، مع تقوية قدرة الصمود لدى مشغلي الاتصالات والخدمات الرقمية”.
الشغل والتكوين
تقول الاستراتيجية ذاتها إنها “تولي أهمية كبرى لتطوير المناهج التعليمية في مجال الأمن السيبراني، سواء في المؤسسات الجامعية أو مراكز التكوين المهني، مع تشجيع الحصول على الشهادات المهنية لتكوين خبراء معتمدين، وكذا ملاءمة عروض التكوين مع حاجيات سوق الشغل”.
وتهدف الخطة أيضا، وفق نصّها، إلى “توعية المواطنين بالمخاطر السيبرانية، عبر إطلاق حملات توعوية موجهة للقطاعين العام والخاص، وإدماج وحدات دراسية حول الأمن السيبراني ضمن المناهج التربوية، فضلا عن دعم البحث العلمي والابتكار في هذا المجال”.
ولم تغفل الاستراتيجية الوطنية المذكورة الإشارة إلى “أهمية تطوير التعاون الدولي، من خلال تبادل المعلومات مع الدول الشريكة والمشاركة الفاعلة في المحافل والمنتديات ذات الصلة”.
وتثير مضامين هذه الاستراتيجية الوطنية اهتمام خبراء وأساتذة جامعيين متخصصين في الأمن والدفاع السيبراني، وذلك بالموازاة مع تصنيف المغرب من بين أكثر الدول تعرضا للتهديدات، حيث كشفت شركة “كاسبرسكي” للأمن السيبراني، مؤخرا، عن تسجيل المملكة ما يقارب 12 مليونا و600 ألف تهديد سيبراني في سنة 2024، في وقت تُقبل الإدارات والمؤسسات العمومية المغربية على عملية رقمنة واسعة للخدمات بحلول 2030 في إطار استراتيجية “المغرب الرقمي”.
المصدر: هسبريس