السياسة بلا مبادئ: تجارة خاسرة مهما ربحت

أمد/ في عالم تزداد فيه التقلبات السياسية والرهانات الدولية، يبرز سؤال جوهري: ما جدوى السياسة إذا تجردت من المبادئ؟ قد يظن البعض أن البراغماتية السياسية تعني التخلي عن القيم في سبيل المصالح، وأن المكاسب الآنية تبرر الوسائل، لكن الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها هي أن السياسة التي تُبنى على الانتهازية والنفاق، مهما بدت رابحة، تظل في جوهرها تجارة خاسرة.
السياسة ليست مجرد فن الممكن، بل فن المبادئ الممكنة
المبدأ لا يعني الجمود أو التصلب، بل يعني امتلاك بوصلة أخلاقية توجه السلوك السياسي في كل ظرف، حتى في أصعب الظروف. السياسة التي تقوم على المصلحة فقط، قد تنجح مؤقتًا، لكنها سرعان ما تنهار عند أول اختبار أخلاقي أو إنساني. بينما السياسة التي تحفظ كرامة الشعوب وحقوقهم، تبقى وتُخلَّد في ضمير التاريخ.
الخسارة الحقيقية ليست في صناديق الاقتراع، بل في فقدان الثقة
ما أثمن من أصوات الشعوب إلا ثقتها. والسياسي الذي يُقايض المبادئ بالمناصب أو التحالفات الظرفية، يربح مقعدًا، لكنه يخسر الوجدان العام. وحتى لو تمكّن من التقدم في سلّم السلطة، فإنه يفقد ما لا يمكن استعادته: احترام الناس وضميره الإنساني.
تاريخ السياسيين الذين لم يبعوا ضمائرهم هو من يكتب التاريخ الحقيقي
عبر الأزمنة، خلد التاريخ أولئك الذين ثبتوا على مبادئهم، حتى لو دفعوا أثمانًا باهظة. في المقابل، نسي الناس من عقدوا الصفقات في الظلام وباعوا قضاياهم. فالذاكرة الشعبية لا تصفّق إلا لمن ناصرها بصدق، لا لمن استغلها بخبث.
الخلاصة: المكسب بلا شرف هزيمة متنكرة
قد يظن بعض الساسة أن السياسة لعبة مصالح خالصة، لكن الأيام تُثبت أن كل من خان مبادئه لأجل مكسب سريع، كان كمن يربح معركة ويخسر الحرب. السياسة بلا قيم تشبه السوق السوداء: رائجة ظاهرًا، لكن مصيرها السقوط والانكشاف. فاختر أن تكون صاحب مبدأ، حتى وإن تأخرت مكاسبك، لأن الربح الحقيقي ليس في المناصب، بل في أن تبقى مرفوع الرأس أمام شعبك وتاريخك ونفسك.