اخبار السودان

أيُّ مشروعٍ ينقذ السودان

د . أحمد التيجاني سيد أحمد

 

في زحمة المشهد السوداني المشتعل، كتب إليّ أحد القراء الكرام قائلًا:

“تحياتي، كل ما كتبته هو لذاتك ولفكرك. هل كل السودانيين مع ما تقوله؟ نعم نحترم ما تقوله، لكن هذا ليس وقته. الآن الوطن يكون أو لا يكون، فقط تطورات العدوان الآن وبالمسيّرات، يا رجل هداك الله.”

 

ردي على هذا السؤال لم يكن غضبًا، بل إصرارًا على الإضاءة وسط العتمة:

إن التدمير الذي تمّ فعليًا في السودان لم يكن نتيجة لحرب عشوائية، بل كان تنفيذًا ممنهجًا لمشروع الإسلام السياسي، مدعومًا بتحالفات إقليمية ودولية. لقد تمّ تدمير أكثر من ٤٠٠ مصنع وجسر، بما في ذلك جسر شمبات وجسر جبل أولياء، وتدمير المنشآت التعليمية والمستشفيات والمتاحف، وتجريف ملايين البيوت وتهجير سكانها.

 

هذا الدمار طال البنية التحتية الحيوية ليس فقط في العاصمة الخرطوم، بل امتدّ أيضًا إلى بعض الولايات الصغيرة التي وجدت نفسها فجأة في قلب المعارك، دون حماية، ودون إعلام ينقل معاناتها، وكأنّ الخراب في السودان يكتفي بالعاصمة فقط!

 

لقد تم كل ذلك بتمويل وتسليح خارجي:

قصف طيران الفلول والطيران المصري.

استخدام أسلحة إيرانية وتركية متطورة.

ضخّ أموال من “دولة غلط” لدعم الفوضى والتمكين بدلًا من التنمية.

 

كل هذا وقع بالفعل، واليوم يُهدّد ما تبقى من السودان، ويكشف حجم المؤامرة التي تستهدف ليس فقط النظام السياسي، بل وحدة الأرض والشعب.

 

مشروعان يتصارعان في قلب السودان:

 

1. مشروع الإسلام السياسي:

دمّر مشروع الجزيرة.

حوّل الجيش إلى مليشيا حزبية.

نهب المال العام.

عمّق الانقسام الإثني والديني.

استدعى مليشيات أجنبية تحت شعار “الجهاد”.

 

2. مشروع الحكم المدني العلماني الديمقراطي اللامركزي:

يقوده تحالف تأسيسي من ٢٥ حزبًا وهيئة.

يدعو لبناء جيش قومي مهني.

يضع دستورًا عادلًا.

يعتمد الحكم اللامركزي.

يفتح الباب للمصالحة الوطنية.

 

وقائع لا بد من تذكّرها:

 

فتوى قادة الإسلاميين بقتل نصف الشعب.

مجازر سبتمبر ٢٠١٣م.

بيع ميناء سواكن لتركيا.

تهجير دارفور والنيل الأزرق.

القصف الممنهج للمدارس والمستشفيات بأسلحة إيرانية وتركية.

استخدام أموال دولة “غلط” في تأجيج الحرب.

تدمير قرى وبلدات في ولايات صغيرة لا تملك مقاومة أو تغطية إعلامية.

 

الخاتمة:

 

اليوم، السودان لا يحتاج إلى تأجيل النقاش بين المشاريع الوطنية، بل يحتاج إلى وضوح تام:

هل نقف مع مشروع حياة وعدالة، أم مع مشروع دمار واستنزاف وتقسيم؟

هذه ليست معركة نخبوية، بل معركة كل سوداني يريد أن يرى وطنه واقفًا لا مستنزفًا.

من لا يرى خطورة الموقف اليوم، سيجد نفسه غدًا بين ركام وطن ضائع.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *