نحو ابتكار نظام معلوماتي لتثمين ممتلكات الجماعات الترابية المغربية.. مؤلف جديد للدكتور محمد لكيحال اليوم 24

تتوفر الجماعات الترابية على أرصدة عقارية وممتلكات جد مهمة تشكل أساس مواردها المالية وتشكل هاته الممتلكات المحفز الرئيسي للاستثمار المنتج وأساس التنمية الإنتاجية المستدامة والمدرة للدخل والموفرة لفرص الشغل لها. بالإضافة إلى ذلك فهي الارضية التي تبنى عليها السياسات العمومية للدولة والبرامج التربية في مجال والتخطيط الترابي لتقديم للخدمات العمومية المثلى للمواطن الذي يعتبر أساس وجود الادارة.
إلا أن تثمين هاته الممتلكات يبقى رهين بوجود نظام معلوماتي للممتلكات ناجع مساعد للفاعلين الترابيين باتخاذ القرارات الإستراتيجية. لكن تثمينه يبقى مقرون بدوره بتجانس ونجاعة وشفافية النظامين المكونين له وهما نظام تدبير الممتلكات، المتكون خصوصا من الأرصدة العقارية والممتلكات العامة والخاصة وتجهيزات المرافق العمومية ونظام المعلوماتي المحاسباتي المرتكز على مبدأ شفافية في المحاسبة يمكن من تقديم وضعية الممتلكات الجماعية بطريقة شفافة وصادقة.
حسب النظريات والمذاهب العلمية تم تصنيفهما كنظامانين معقدين ومجالين واسعين بسبب حجم الاختصاصات اللامركزية وكثرة الجهات المتدخلة وكذا الطبيعة المعقدة والمتشابكة لهيكلهما.
ومن الاكراهات التي تواجه هاذين النظامين كون تدبيرهما وتحليلهما من قبل الفاعلين الترابيين والجامعيين يتم بطريقة أحادية غير أن المقاربات التدبيرية العصرية تدبرهما بطريقة مندمجة. كما أن المحاسبة العمومية المرتكزة على المقاربة الممتلكات لا تدرس في الجامعات مما يعيق إدماج الفاعلين الترابيين في مسلسل التغيير.
ولهذه الغاية قام الكاتب، مستنداً إلى نظرية التدبير العمومي الترابي الجديد واطار نظري معتمد على نموذج لويدر(Lüder)لاحتمالية الابتكارات في مجال المحاسبة المحلية وعلى مبدأ الاتساق ومبدأ قابلية المرفق للتغيير والتطور، بوضع اطار تصوري لنظام معلوماتي للممتلكات مندمج وهو نموذجاً علميا وعمليا يجمع بين نظام تدبير الممتلكات المرتكز على مبادئ التدبير العمومي الجديد (NPM)ونظام المحاسبة العمومية المحلية المرتكز على معايير المحاسبة الدولية في القطاع العام (IPSAS) .
ونظرا لغياب نظام معلوماتي محاسباتي خاص بالممتلكات مندمج وناجع داخل الجماعات الترابية، يبقى النموذج المحاسباتي الحالي الخاص بالممتلكات غير قادر على تثمين وترجمة البرامج الترابية والخدمات العمومية المحلية بشكل شفاف وصادق إلى العموم. زيادة على ذلك، فإنه يعيق توحيد وتجانس الحسابات العمومية للدولة، وبالتالي يشكل حاجزا لأجهزة الحكامة لتمكينها من ممارسة مهمة المراقبة وتقييم البرامج الترابية بشكل فعال.
وبهدف فهم وتحليل العوامل المساعدة والمعيقة لإحداث نظام معلوماتي محاسباتي فعال ومندمج خاص بالممتلكات الجماعية قام الدكتور لكيحال في مؤلفه على مقاربة علمية جديدة ترتكز نموذج لاحتمالية الابتكار في المحاسبة العمومية المحلية.
وقد خلص المؤلف إلى نتيجتين رئيسيتين؛ الأولى تؤكد أن متغيرات ومحددات السياق الخارجي والمتغيرات القانونية المتمثلة في الالتزامات الدولية واليات الحكامة القانونية تشكل محفزاً للجماعات الترابية لابتكار نظام معلوماتي محاسباتي فعال ومتكامل خاص بالممتلكات في حين تكشف الثانية عن أن العوائق الهيكلية، المرتبطة بطبيعة الجماعات وبروفايلات القادة السياسيين الترابيين، تظل من أبرز المعيقات أمام ابتكار نظام محاسباتي شفاف وناجع يمكن من تثمين ممتلكات الجماعات الترابية.
وفي ختام مؤلفه، يبرز الدكتور محمد لكيحال الخصائص والمحددات التي تتميز بها شركات التنمية المحلية كنموذج تدبيري حديث يتميز بالحياد السياسي والاعتماد على المعايير الدولية لنظام محاسباتي ممتلكاتي، وهو ما من شأنه يساعد القادة السياسيين الترابيين من ابتكار أنظمة معلوماتية محاسباتية خاصة بالممتلكات تمكنهم من ترجمة برامجهم بنجاعة وشفافية عبر تثمين الممتلكات الجماعية.
وتمكن هذه المقاربة المحاسبتية الجديدة للجماعات الترابية في بعدها الاستراتيجي من تأهيل حكامتها المالية، سواء من ناحية توسيع وعائها الجبائي او عقلنة مصرفها، عبر تثمين ونجاعة نظام تدبير الممتلكات مما سيساعد في بزوغ ثقافة جديدة للتنافس السياسي والترابي معززتا تنزيل الاوراش الترابية الكبرى كالجهوية المتقدمة وتعزيز ريادة الحكامة الذكية الترابية إفريقيا في إطار التعاون الدولي اللامركزي.
المصدر: اليوم 24