هذا أو الطوفان…دعوة لإنقاذ الوطنْ السودانية , اخبار السودان


هذا أو الطوفان…دعوة لإنقاذ الوطنْ
نضال عبدالوهاب
٤ مايو ٢٠٢٥
دخلت الحرب في السُودان مراحل خطيرة جداً ونوعيّة ، وهي تقترب شئياً فشئياً ليس من حسمها ونهايتها كما ظلّ يُصرح قيادات طرفيها العسكريين ومن يتحالفون معهم سواء من إسلاميين أو غيرهم من مدنيين ، وإنما من إتساع رقعتها وتحويل بلادنا إلي ساحة حرب حقيقية دولية ودخول جيوش وأطراف أخري خارجية فيها ، وذلك طبيعي في ظل الصرّاع للنفوذ وعلي حماية المصالح للدول الإقليمية والدولية ، أو حتي لحماية حدود بعض الدول المجاورة للسُودان وأمنها ، أو للصرّاع في منطقتي البحر الأحمر و القرن الأفريقي ، ولوجود الأطمّاع والتآمرات للذين ظلوا يدعمون الحرب ويطيلون أمدها من القوي الخارجية والأقليمية في بلادنا وفي مواردها وثرواتها وموقعها…
إن دخول الحرب مناطق جديدة في غرب كردفان وقبلها محاولات توسيع دائرتها في النيل الأبيض إضافة لشمال كردفان ، مع التحول الكبير والمفاجئ في موازين القوي لطرف المليشيا بعد أن ظنّ طرف الجيش وحلفاؤه في مليشيات الإسلاميين والحركات أنه بتحرير الجزيرة واجزاء واسعة من الخرطوم وجزء من ولاية النيل الأزرق أنهم قد كسبوا المعركة وأصبحوا يتحدثون عن حسم خلال أيام قليلة ، وأنهم في طريقهم لدارفور لحسم وطرد المليشيا منها ، ولكن الواقع يقول أن دارفور والفاشر لاتزال مُحتلة و محاصرة من عناصر مليشيا الدعم السريع ، وفي الوقت الذي تطلق فيه الآلة الإعلامية للكيزان وبعض قياداتهم سيطرتها والتبشير بعهد جديد من الإستبداد والإنتقام من كُل معارض لهم ولمنهجهم وتوجههم الذي حكموا به البلاد بالحديد والنار لثلاثون عام ولايزالوا يقولون ( وهل من مزيد ) ، في هذا التوقيت دخلت بلادنا ونتيجة للدعم الذي تتلقاه المليشيا ممن يدعمونها بالعتاد والسلاح المتطور مرحلة جديدة من حرب ( المُسيرات ) والمطارات ثم إستهداف لمدن جديدة ( النهود والخوي) ينسحب منها الجيش بنفس سيناريو الجزيرة ومدني والنيل الأزرق وتفعل المليشيا نفس ماظلت تفعله بالشعب في تلك المناطق التي تدخلها من إنتهاكات ، ثم لتعود كتائب الإسلاميين والجيش وإستخباراته في حال تحريرها مُجدداً لتقوم بالتصفيات ضد المواطنين داخل تلك المناطق بتهمة التعاون مع المليشيا المُجرمة ، في حرب هي بكل المقاييس ضد البلاد وشعبها وضد خصوم الحركة الإسلامية وضد كُل من ثار ضد نظام المؤتمر الوطني من طرفين رئيسين فيها أحدهم صنع الآخر فانقلب عليه وإقتتلوا حول السُلطة ولتمرير أجندة خارجية وتحولوا لأدوات لتقسيّم بلادنا ونشر الفوضي فيه وإعادة إحتلاله وإضعافه لتسهيل سرقته ونهبه والسيطرة عليه.
هاهي المليشيا تنفذ وعدها وتهديدها بضرب عمق بورتسودان معقل الكيزان والجيش وحلفاؤه ، فضربت مُسيراتها مطار بورتسودان ويهددون بمزيد من التصعيّد فيها رداً علي إستهداف الجيش بالمُسيرات أيضاً مطار نيالا وطائرة تحمل أسلحة للمليشيا بحسب ما تم إيراده ، وكانت مليشيا الدعم السريع أيضاً قبلها بساعات قد إستهدفوا مطار كسلا ومحطة الوقود فيه ، دخول الحرب منطقة الشرق تحديداً هو تهديد وتطور خطير ، ويمكن أن يكون مسوقاً لدخول أريتريا وأثيوبيا معاً للحرب وكذلك مصر وبشكل رسمي وعلني وليس من وراء ستار ، وهذا حتماً سيتم في حال إستمرار هذه الحرب وبهذا المنحي ، وهنالك تهديدات مُسبقة بإستهداف الشمالية ولعلها مسألة زمن ليس إلا وأمر متوقع في أي لحظة.
كُل هذا الواقع الماثل والحالي والمتوقع له يذهب لنتيجة واحدة وهي الخطر الكبير علي الدولة السُودانية وجوداً وعلي الشعب السُوداني حاضراً ومُستقبلاً ، وإستهدافاً عظيّماً ومُباشراً لوحدة بلادنا ولسيادتها ومصالح جميّع شعبها ، وتخريباً له ونشراً كبيراً للفوضي فيه وعلي أقلّ الإحتمالات سؤاً هو إضعافه الكبير وإعادة إحتلال أجزاء منه ، وأسؤا الإحتمالات هو تقسيّمه وإحتلاله معاً وتلاشئ لدولة السُودان الحالية ، هذا الواقع الخطيّر والمُخيف إن لم يُحرك السُودانيّن الآن شعباً وقيادة وجميّع القوي السياسية والفاعلة فيه وكل من يهمّه أمر الوطن فسيحل الندم بالجميّع بتضييع الوطن ومسؤلية حمايته والحفاظ عليه ، وستلعننا لا قدر الله دون أدني شك الأجيّال القادمة بسبب هذا المصيّر إن قُدر لها المجئ فوق أشلائه يوماً ما مُستقبلاً بالتفريّط فيه!
ولا زلنا نقول أن تدراك هذا المصيّر القاتم لايزال بأيدينا كسُودانين وكشعب وفي كل قواه السياسِية والمدنية والثورية والفاعلة والمجتمعية وكل وطني حقيقي وغيور علي هذا الوطن ويهمه أمره.
إن تقديم مصلحة بلادنا في هذا المُنعطف الخطير وهذه المرحلة ومصلحة جميّع السُودانيين تتطلب ودون أي تباطؤ أو تلكؤ أو إنتظار التحرك العاجل لإنقاذ الوطن وعدم الإلتفات للوراء أو الإستسلام ، وهذا يعني تحول كُلي في التفكير والفعل معاً ، وتنازلات كُبري من الجميّع لأجل الوطن وللمحافظة عليه وعدم إعطاء الطامعيّن والأعداء وأداواتهم بالداخل والخارج فرصة الظفر ببلادنا والنيّل منها وقطع الطريق أمام جميّع المؤامرات وضد كُل خطوات تقسيّمه وتكسيره وتلاشيه وسرقته والسيطرة عليه.
إنها دعوة لإنقاذ الوطن والعمل علي وحدته و وقف هذه الحرب فوراً وبكل الوسائل المُمكنة والمشرّوعة والمحافظة علي الشعب السُوداني من الإبادة والفناء والتهجيّر.
دعوة لكل القوي الحزبية بمن فيهم عُقلاء الإسلاميين إن وجدوا والوطنيين من كُل الشعب السُوداني بتحمل المسؤلية ونفض اليد عن هذه الحرب وطرفيها والوحدة كحائط الصد القوي والمتاريس ضد إستمرارها ، ولا يعني هذا باي حال القبول أو الإنكسار لإرادة طرفيها وإنما لفرض إرادة السُودانيون في المُحافظة علي بلادهم و وحدتها وأرواح السُودانيين أنفسهم وعدم جعلهم وقود لحرب تُدار بالوكالة أو من أجل سُلطة وصراع عليها.
إنها دعوة لكل القوي السياسية والحزبية والمدنية والثورية وكل الفاعليّن لهزيمة اليأس والأطماع الذاتية والفردية والإقصاء والتمترس في المواقف والإتكالية والإنتظار والهشاشة والضعف والخنوع والإستتباع للخارج والتوجه الصادق والمسؤول للعمل الجماعي المُخلص لأجندة الوطن ومصلحته العُليا التي لاتقبل المساومة ولا الإنتظار ولا التأجيل ولصالح جميّع السُودانين دونما فرز وفي كُل أجزائه ومع كُل تنوعنا فيه.
غير مقبول في هذه المرحلة الفارقة التخندق والتعصب في المواقف والأراء والإنغلاق في الماضي وصراعاته وإختلافاته ، وغير مقبول النظر بعيّن الأجندة الحزبية الضيّقة مهماً كانت في رأي مُعتنقيها صائبة فالصواب الآن فقط للقبول ببعضنا جميّعاً والعمل المُشترك المُخلص لإنقاذ الوطن و لوحدته أرضاً وشعباً ولوقف الحرب والإقتتال والصرّاع الدموي المُسلح ، والمحافظة علي الشعب ووقف جميّع مُعاناته ولهزيمة كُل الأطمّاع فيه لتقسيّمه ولتلاشيه ونهبه.
إنها دعوة لكُل السُودانيين في الداخل والخارج للعمل الجماعِي المُخلِص لإنقاذ الوطن ، ولنفض اليد من الحرب أو الدعم لإستمرارها وإعطاء المسوق لمزيد من سفك الدماء وتمدد خطابات الكراهية وبذور التقسيّم والتشظي الإجتماعي المهدد الأكبر لوحدتنا كشعب عظيّم عاش ويعيش في بلدٍ عظيّم أسمه السُودان ، ولتُحل جميّع خلافاتنا ومشاكلنا فيه بلغة الحوار والقبول بذلك والتواضع له بدلاً عن البندقية والسلاح والمُسيرات والطائرات والحرب المُدمرة وصولاً للسلام المُستدام و التحول الديمُقراطي في وطن مُوحد مُستقر وآمن يسع الجميّع…
دعوتنا صادقة في لحظة حاسمة من تاريخنا لاتقبل التأجيّل بالإيمان المُطلق بالحل الداخلي ، و للعمل الوطني الجماعِي المُخلِص لإنقاذ الوطن ، وكلنا يقيناً بعظمة شعبنا وهمته وعلو روح الوطنية لديه في أوقات الخطر العظيّمة!.
والمجد للسُودان وشعبه حاضراً ومُستقبلاً……
المصدر: صحيفة التغيير