كيف نستقرأ الإعلان الحكومي حول الأزمة التشريعية

هناك معطى أساسي، يجدر الانتباه اليه في سياق تصريح السيد وزير العدل بوجود أزمة تشريعية، وهو يشارك في ندوة الفريق الاشتراكي المعارضة الاتحادية، بحر الأسبوع الفارط.
يؤكد المسؤول الحكومي، على تعذر التشريع في مواضيع أساسية من قبيل مشروع قانون مهنة المحاماة وإحداث معهد التكوين في موضوعها، مشروع قانون التراجمة، مشروع قانون المحاسبين العموميين. ويعزو ذلك، الى الصعوبات الأساسية المتعلقة بصعوبة التوفيق في إطار التشاور العمومي، مع الهيئات المعنية، من جهة، و الخلافات المتباينة بين الفرقاء و المؤسسات الدستورية في مواضيع تعتبر حاسمة من قبيل المادة 3 (سحب حق التشكي في جرائم الفساد المالي من الجمعيات) من مشروع قانون المسطرة الجنائية.
والسؤال الذي يطرح نفسه بكل إلحاح على مسؤول حكومي محسوب على الصف الحداثي، هو الانتباه الى مدى تحقق عدد من التزاماته الشخصية، التي تحولت وهو يصرح بها داخل قبة مجلسي البرلمان و في جلسات رسمية الى تعهدات حكومية بلغة النظامين الداخليين للنواب و المستشارين، جرى جردها و تدقيقها، و من دون شك ستفاجئه المعارضة بموضوعها في الوقت الذي تراه مناسبا، استقراءً لحصيلة السلطة الحكومية المكلفة بالعدل،
السيد الوزير أعلن أكثر من مرة في سياقات مختلفة، على وعود كثيرة، من ضمنها، عصرنة المنظومة الجنائية، و السياسة الجنائية بما هي سياسة عمومية، في بلد سيستقبل الملايين من السياح في أفق الخمس سنوات المقبلة، تعزيز الحريات الفردية، وضمانات المحاكمة العادلة، وإرساء أسس قوية لحماية المرأة والطفل، الى جانب عدد من الوعود التي ستظل وعودا إذا ما استقرئنا كلفة التشريع من حيث الزمن ومن حيث السياق السياسي، الذي ينذر باقتراب حمى الانتخابات.
طيب، ما العمل في سياق تشريعي ومؤسساتي خاص، حتى لا أقول أنه سياق تراجعي، في ظل توقف قانون المسطر ة المدنية بمجلس المستشارين، مع الإشارة الى استنفاذ المسطرة التشريعية في موضوعه، بعد النقاش و الدينامية الكبيرة التي عرفها، ثم تراجع وزارة العدل عن إحالة مشاريع قوانين أساسية لتحديث منظومة العدالة على مجلس النواب، اذا ما نظرنا الى الصعوبات الموضوعية الكامنة لدى الأغلبية البرلمانية، في الدفاع على المبادرة البرلمانية، (المسألة هنا يطول التفصيل فيها، لأسباب متشعبة)،
ما العمل، إذا ما انتبهنا، الى أن السيد وزير العدل الحالي وصل الى نفس الباب الذي بلغه السيد المصطفى الرميد وهو وزير الدولة المكلف بحقوق الانسان والعلاقات مع البرلمان، حينما تشبث بموضوع الإثراء غير المشروع سنة 2019، وربط نسخ المادة من مشروع القانون الجنائي، (المسحوب من مجلس النواب في بداية الولاية الحادية عشرة)، باستقالته الشخصية من الحكومة،
فإلى أين أدى بنا هذا التشبث بالرأي و الموقف، ضد السياق السياسي، والأغلبية الحكومية و البرلمانية برسم سنوات 20162021 ؟
مع كامل الأسف يمكننا أن نقول أن مشروع القانون الجنائي و معه مجهود جبار و مقدر، لعضوات و أعضاء لجنة العدل و التشريع آن ذاك ذهب مع مهب الريح.
هذا ما وقع، وهذا ما كلفنا الاستمرار في تطبيق نصوص جنائية، عفى عنها الزمن، لا يأدي ثمنها الا المواطنات و المواطنون.
أعتبر شخصيا أن أحد الحلول الناجعة، للخروج بأقل الأضرار على مستوى العمل التشريعي للحكومة و البرلمان، هو الذهاب رأسا الى بعض المواد الكبرى على مستوى القانون الجنائي، بغاية التعديل او التتميم أو النسخ، هكذا نكون أمام وفاء بالتزامات سياسية، لوزير محسوب على الصف الحداثي والتقدمي، وننجح في انهاء معركة كسر العظام، التي ستنطلق من دون شك مع افتتاح الدورة الخريفية المقبلة،
هل يظن معالي الوزير أن أغلبيته ستسمح له بتمرير قوانين تراكم رصيده من النقط في سنة انتخابية، تحيلنا على حكومة ستنفذ أهم الاستراتيجيات والمشاريع في تاريخ المملكة المغربية.
يقول السيد وهبي دائما، اللهم احمني من أصدقائي، أما أعدائي فأنا كفيل بهم.
المصدر: العمق المغربي