“فاتح ماي”.. شقير: “جولة أبريل” فرصة استراتيجية استعدادا لانتخابات 2026

بموازاة التحضيرات الجارية للاحتفال بعيد العمال الذي يصادف فاتح ماي من كل سنة، تعود قضايا الحوار الاجتماعي إلى واجهة النقاش العمومي، في ظل تصاعد انتظارات الشغيلة وتزايد الضغط على الحكومة لتنفيذ ما تبقى من التزاماتها السابقة.
وشهد الأسبوع الأخير من أبريل انطلاق جولة جديدة من الحوار الاجتماعي، جمعت رئيس الحكومة بممثلي أبرز المركزيات النقابية، وسط أجواء تطبعها رهانات متعددة، تتوزع بين تحسين الدخل، ومراجعة مدونة الشغل، واحترام الحريات النقابية، إلى جانب ملفات فئوية عالقة.
وتكتسي هذه الجولة من الحوار طابعا خاصا بالنظر إلى تزامنها مع نهاية الولاية الحكومية، ما يضفي على المفاوضات بُعدا سياسيا إضافيا. فبينما تسعى النقابات إلى استثمار الظرفية لانتزاع أكبر قدر ممكن من المكاسب، تجد الحكومة نفسها مطالبة بتحقيق توازن دقيق بين الالتزامات المالية والاجتماعية، وتحديات الاستقرار الاقتصادي.
وفي خضم الاحتفالات التقليدية بعيد الشغل لفاتح ماي، وما يرافقها من تصعيد للمطالب النقابية، يرى الباحث في العلوم السياسية والمحلل السياسي، محمد شقير، أن جولة الحوار الاجتماعي التي انطلقت يوم الثلاثاء 22 أبريل الجاري، تأتي في سياق سياسي دقيق يتميز بقرب انتهاء ولاية حكومة عزيز أخنوش، ما يجعل منها “مناسبة لإعادة التموقع السياسي والاجتماعي لجميع الأطراف، تمهيدا للاستحقاقات الانتخابية لسنة 2026”.
وأكد شقير، في تصريح لجريدة “العمق”، أن الحكومة ستحاول استثمار جولة أبريل من الحوار الاجتماعي لإبراز حصيلتها الإيجابية، من خلال التذكير بالزيادات في أجور الشغيلة التعليمية والطبية، المقررة ابتداء من يوليوز المقبل، وكذا من خلال تفعيل بعض بنود الاتفاقات السابقة كإصلاح معاشات المتقاعدين. كما ستسعى الحكومة إلى إبراز حسن نيتها عبر استئناف جولات الحوار مع النقابات الأكثر تمثيلية، بما يعزز صورتها كشريك اجتماعي يحترم التزاماته.
في المقابل، يعتبر شقير أن المركزيات النقابية تدرك جيدا أن هذا التوقيت يمثل فرصة نادرة لانتزاع مكاسب جديدة. فهي، بحسبه، “تتحرك في سياق تعرف فيه أن الحكومة تسعى جاهدة لتلميع أدائها الاجتماعي، ما يمنحها هامشا أكبر للضغط، خصوصا في الملفات ذات الطابع الاستعجالي، مثل تنفيذ ما تبقى من اتفاق أبريل، وتحسين دخل فئات واسعة من الشغيلة، سواء في القطاع العام أو الخاص”.
وبخصوص قابلية المطالب المطروحة للتحقيق، يميز شقير بين “مطالب قابلة للتنفيذ في الأمد القريب، كالزيادات في الأجور والمعاشات”، وبين أخرى “أكثر تعقيدا وتستلزم مفاوضات شاقة، من قبيل إصلاح صناديق التقاعد أو تعديل مدونة الشغل وإقرار قانون النقابات”.
ويضيف: “من المرجح أن تستثمر الحكومة ميزانية سنتها الأخيرة لمحاولة إرضاء الفئات الاجتماعية الأكثر تعبيرا عن تذمرها، وهو ما يجعل من تنفيذ بعض المطالب أداة لتعبئة انتخابية غير مباشرة”.
أما عن شروط استدامة وفعالية الحوار الاجتماعي، فيشدد شقير على أهمية “تعزيز عنصر الثقة بين الأطراف، والابتعاد عن تسييس المطالب الاجتماعية”، مشيرا إلى ضرورة “إدماج التنسيقيات التي تمثل شرائح واسعة من الشغيلة، وضمان انتظام مواعيد الحوار، وعدم تحويله إلى مجرد محطة موسمية”.
ويخلص شقير إلى أن مستقبل الحوار الاجتماعي في المغرب “مرهون بإرادة سياسية حقيقية لتفعيل التشاركية، والاعتراف بدور النقابات كفاعل ديمقراطي، لا فقط كشريك تقني”.
وأشار إلى أن الجولة الحالية من الحوار، في حال استُثمرت بذكاء، قد تُشكل مدخلا لإعادة بناء الثقة بين الحكومة والمركزيات النقابية، على أسس أكثر نضجا وفعالية
المصدر: العمق المغربي