نشطاء إكنيون يطلبون “تنمية عادلة”

تستعد ساكنة منطقة إكنيون بإقليم تنغير للاحتفال بالذكرى الـ92 لمعركة بوكافر المجيدة، التي تعد إحدى أبرز المحطات في سجل المقاومة المغربية ضد الاستعمار الفرنسي. وتخليدا لهذه المناسبة الوطنية، تتعالى الأصوات من جديد للمطالبة بإنصاف المنطقة ورد الاعتبار إلى ساكنتها وأحفاد المقاومين، عبر إطلاق مشاريع تنموية واقتصادية فعلية من شأنها أن تنتشل المنطقة من التهميش الذي لازمها لعقود.
الفاعل المدني محمد آيت لحسن، وهو أحد أبناء المنطقة، قال إن “منطقة إكنيون تعد من بين أكبر المناطق بالمغرب التي لم تستفد من أية مشاريع تنموية حقيقية، وكأن الاستعمار الفرنسي غادرها يوم أمس فقط، دون أن يتحرك شيء منذ ذلك الحين”.
وأضاف آيت لحسن، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إنها ” ذكرى معركة بطولية نحييها؛ لكن للأسف لا نستفيد منها شيئا سوى الخطابات والوعود التي لا تنفذ”.
وأبرز المتحدث ذاته أن “الاحتفال السنوي يجب ألا يكون مجرد تظاهرة رمزية؛ بل ينبغي أن يرفق بمبادرات ملموسة ترد الاعتبار إلى المقاومين وإلى أبنائهم الذين يعيشون أوضاعا اجتماعية صعبة، في ظل غياب تام للبنيات التحتية والمرافق الأساسية”.
وتعد معركة بوكافر، التي وقعت سنة 1933، واحدة من أقوى المعارك التي خاضها المقاومون من قبائل آيت عطا ضد الاستعمار الفرنسي، حيث تجسدت فيها روح التضحية والصمود بمنطقة صاغرو؛ في مقدمتها إكنيون، التي كانت معقلا للمقاومين وعلى رأسهم عسو أو بسلام.
وعبّر فاعلون محليون، في تصريحات متطابقة لجريدة هسبريس الإلكترونية، عن استيائهم من استمرار تهميش المنطقة، رغم الوعود المتكررة من المسؤولين المحليين والجهات الحكومية، خاصة في مناسبات الاحتفال بمعركة بوكافر.
وفي هذا السياق، أشار الناشط الجمعوي إبراهيم بنعلي إلى أن “بعض المسؤولين لا يتذكرون إكنيون إلا في هذه المناسبة الوطنية، رغم أن المنطقة لا تستفيد فعليا من أية برامج تنموية مرافقة لهذه الذكرى”، مشيرا إلى أن كل سنة نسمع الخطب نفسها؛ لكن لا نرى أي تغيير على أرض الواقع.
وأضاف الجمعوي ذاته أن منطقة إكنيون تشكو من غياب شبه تام للمرافق الأساسية، سواء على مستوى الصحة أو التعليم أو البنية التحتية أو التشغيل؛ ما يجعلها تعاني من عزلة واضحة، ويفاقم من أوضاع شبابها الذين يضطرون إلى الهجرة نحو المدن الكبرى بحثا عن فرص العيش.
وصرحت فاطمة من مركز إكنيون، التي فضّلت عدم البوح بهويتها الكاملة، بأن “إكنيون تعيش وضعا تنمويا تحت الصفر، ولا يعقل أن تبقى هذه المنطقة المناضلة خارج ركب التنمية؛ في حين نرى مناطق أخرى تستفيد من مشاريع كبرى”، مؤكدة أنه “آن الأوان لإنصاف هذا الربع من الوطن”، وفق تعبيرها.
وفي سياق متصل، أشار مصدر محلي مطلع إلى أن اتفاقية شراكة تم توقيعها في عهد المجلس الجماعي السابق، تتعلق بإنجاز متحف للمقاومة بإكنيون؛ غير أنها ظلت حبرا على ورق، بسبب غياب التمويل اللازم من الجهات المركزية.
وأوضح المصدر ذاته أن “المندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير التزمت فقط بالمساهمة في تسيير المتحف مستقبلا، دون أن تساهم بدرهم واحد في بنائه؛ وهو ما يطرح تساؤلات حول جدية التعاطي مع المشاريع الهادفة إلى تثمين الذاكرة التاريخية للمنطقة”.
وفي تصريح لمصدر مسؤول، قال إن السلطة الإقليمية، في شخص عامل الإقليم، “تولي أهمية كبرى لمطلب التنمية، وتمت مراسلة مختلف القطاعات الوزارية بخصوص دعم مشاريع مهيكلة بالمنطقة”، لافتا إلى أن عامل الإقليم يولي أهمية كبيرة للتنمية بالجماعات الترابية.
وأضاف المتحدث ذاته أن “الاحتفال بذكرى معركة بوكافر مناسبة مهمة؛ لكننا نطمح إلى أن تكون منطلقا حقيقيا لتنزيل مشاريع واقعية، تخلق فرص الشغل وتعيد الاعتبار إلى أحفاد المقاومين وساكنة إكنيون”، مؤكدا أن جماعة إكنيون ستحتفل هذه السنة بهذه الذكرى الوطنية وسط مخاوف الساكنة من انتشار مرض السل الغامض.
في ظل التحديات التنموية والاجتماعية التي تواجهها منطقة إكنيون، تبقى الذكرى الـ92 لمعركة بوكافر فرصة ليس فقط لاستحضار بطولات الماضي؛ بل أيضا لمساءلة الحاضر، والدفع في اتجاه مستقبل أفضل، يليق بتاريخ المنطقة وتضحيات أبنائها.
المصدر: هسبريس