اخبار السودان

انهيار وطن بين الحرب والفساد وخراب البيئة

✍️ طه هارون حامد 

 

في لحظة مفصلية من التاريخ، قد ينهار وطن بأكمله لا بسبب نقص الموارد أو قلة الإمكانيات، بل بسبب غياب القيم. حين يُرفع الوازع الديني، وتغيب الأخلاق، تنهار الأعمدة التي يقوم عليها المجتمع، وتتلاشى معالم الدولة الواحدة، ويغدو كل شيء مباحًا، من الفساد حتى القتل، ومن النهب إلى التشويه الكامل للهوية الوطنية.

الوضع اليوم بات مأساويًا: اقتصاد على وشك الانهيار الكامل، عملة فقدت قيمتها، ملايين الجوعى والمشردين، وفوق ذلك كله حرب تأكل الأخضر واليابس، وتزيد من تمزيق ما تبقى من النسيج الاجتماعي.

منطقة حزام الصمغ العربي، المصدر الاقتصادي الهام الذي كان يومًا ما فخر البلاد ومصدرًا للعملة الصعبة، لم يسلم من الخراب. قطع جائر للأشجار، تهريب منظم، إهمال متعمد، وغياب أي خطط حماية أو استثمار مستدام. القطاع الغابي عمومًا يُذبح ببطء، في ظل سكوت رسمي واستهتار مجتمعي، وكأن المستقبل لا يعني أحدًا.

أما القوانين، فقد باتت أقرب إلى النكتة السوداء: تشريعات تصدر بلا منطق، وبلا دراسة، وأحيانًا بلا حاجة. قوانين تحابي الأقوياء وتقصم ظهر الفقراء، وتكرّس العبث باسم القانون.

ما نراه ليس مجرد أزمة، بل هو نتيجة حتمية لغياب الضمير. فحين يغيب الوازع الديني، وتُدفن الأخلاق، ويُحتفى بالفساد ويُسجن الشرفاء، يصبح الانهيار الكامل مسألة وقت فقط.

لكن، حتى في أحلك اللحظات، يظل الأمل موجودًا. إصلاح ما تم تدميره ممكن، لكن بشرط: أن نعيد بناء الإنسان أولًا. أن نزرع في النفوس من جديد قيمة الحق، والعدل، والرحمة، وأن نؤمن بأن الوطن لا يُبنى بالحقد والنهب، بل بالتضامن والمعرفة والعمل الشريف.

كما قال الشاعر ..

انما الامم الاخلاق مابقيت

فان هم ذهبت اخلاقهم ذهبوا

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *