الأعوج رأي والعديل رأي

حسن عبد الرضي الشيخ
في زمن اختلطت فيه الأوراق، وصار الحق باهتًا بين الأصوات العالية، يصبح الرأي الواضح كالشعلة في ليلٍ معتم.
نحن المعلمين، أهل الكلمة والمعنى، لا ينبغي أن نخاف من الكلمة إذا صدحت، ولا من الفكرة إذا اشتدت. فكما نعلّم أبناءنا أن يقولوا الحق، علينا أن نكون أوّل من يتقن النطق به.
وإن من أغرب ما نواجه اليوم، أن يُلام من يتحدث عن الحقوق وكأنما ارتكب إثمًا، وتُتهم كلمته بأنها “سياسية” وكأن السياسة صارت وصمة تُغسل بالصمت!
لكن الحقيقة أبسط من كل هذا التضليل : لا يمكن لمن يطالب بحقه أن يفصل صوته عن الشأن العام، ولا يمكن للحر أن يُكمم باسم “الحياد”. فالحياد أمام الظلم ليس عدلًا، بل وقوف في الصف الخطأ.
من هنا، أضع بين أيديكم رأيًا كتبته في القروبات كما هو، دون تنقيح ولا مداراة، لأنه يعبر عن قناعة صادقة، لا عن رغبة في جدل ولا خصومة. فإن رأيتم فيه خيرًا، فمرحى به، وإن خالفتموه، فمرحى بالحوار. أما الحذف والتكميم، فذلك طريق لا يليق بنا كمعلمين.
نص المنشور :
> إلى الزملاء والزميلات في قروب “معلمين ضد الظلم”،
أود أن أعبّر عن رأيي بكل شفافية واحترام : إن الدفاع عن الحقوق هو عمل سياسي في المقام الأول، ولا يمكن فصله عن السياسة كما يُراد لنا أن نصدق. هذه الفكرة التي يُروّج لها البعض، بأن المطالبة بالحقوق يجب أن تكون “بلا سياسة”، ليست سوى دعاية سوداء من جماعات سياسية تسعى إلى خداع المعلمين والتقليل من وعيهم، بل و”تأكل بعقولهم حلاوة”.
هذه الجماعات تمارس السياسة عندما يتعلق الأمر بإخضاع المعلمين وسلب حقوقهم، لكنها تعتبر أن استخدام المعلمين للسياسة في المطالبة بحقوقهم “ممنوع”!
فهل أصبحت السياسة حرامًا على المظلومين، حلالًا على الظالمين وأعوانهم؟
نعم، السياسة قد تفرّق إذا استُخدمت لأغراض خبيثة، ولكن مقولة “السياسة تفرق وتفسد” تُستخدم اليوم كلمة حق أريد بها باطل، الهدف منها ترك المعلم أعزل أمام آلة الظلم.
أما عن مساهمتي المتواضعة أنا حسن عبد الرضي فهي رفع الوعي بالحقوق وتقريب الأفكار بين المدافعين عنها. فإن رضيتم بمشاركتي هذه، فأهلاً وسهلاً، وإن كنتم ترون أنها لا تليق، فلكم أن تحذفوني من القروب لا أن تحذفوا مشاركاتي، لأنني لا أقبل الحجر على رأيي ولا أقبل الانتقاص من فكرتي.
ثم إنني كلما خرجت من القروب أجد من يعيدني إليه! فإما أن تُقبل مشاركاتي وتُناقش برحابة صدر، وإما أن يتم حذفي نهائيًا، فلا عودة بعد ذلك.
مع شكري وتقديري واحترامي لكل الزملاء.
حسن عبد الرضي الشيخ
وختامًا، إنّ الفكرة الصادقة لا تحتاج إلى صراخ، بل إلى صدور تتّسع لها، وإن الكلمة حين تُقال بصدق، فإنها تُثمر ولو طال صمت الحقول. فلنمشِ معًا على درب العدالة، كلٌّ برأيه، فربما كان في اختلافنا بداية اتفاق جميل.
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة