في الذكري الثانية للحرب إلى أين تسير البلاد؟

عمار الباقر
اليوم تكون حرب الخامس عشر من ابريل المشؤومة قد أكملت عامها الثاني، عامان من الموت والتشرد والجوع وكل صنوف الانتهاكات ضد أبناء شعبنا في كل بقعة من بقاع السودان، عامان خرج فيهما جيل كامل من التعليم حيث تعطلت المدارس وتوقفت الجامعات مما يعني ضياع مستقبل البلاد لسنوات طويلة قادمة.
عامان بلا صحة ولا كهرباء أو مياه مما أدي الي موت عشرات الالاف من المرضي وكبار السن. عامان أهملت فيهما الزراعة في معظم المشاريع الزراعية في البلاد كما توقفت معظم المؤسسات الصناعية وتشرد عشرات الالاف من العاملين في مختلف مواقع العمل.
كل هذا ما كان له أن يحدث لولا أن ابتلينا بقيادات سياسية غير جادة ولا تمتلك ادني رؤية أو إجابة لأسئلة التنمية الرئيسية التي تواجه بلادنا وتعتقد أن العمل السياسي هو مجرد كراسي وزارة وأحاديث وخطب علي المنابر. كذلك ابتلينا بأسوأ قادة عسكريين يعوزهم الاحتراف ولا يعرفون عن العسكرية سوي الانقلابات وتقويض الديمقراطية والتنمر علي المدنيين، ولا يفقهون شيئاً عن دور الجيوش في دعم الاستقرار والتنمية في بلادهم. هذه الحرب قد اندلعت نتيجة غياب سؤال التنمية الذي هو السؤال الرئيس الذي يؤرق جميع الشعوب ويسعي القادة الجادون في العالم الي إيجاد الإجابات الصحيحة والعملية له.
إن سؤال التنمية في بلادنا قد لخصة شعبنا في ثلاثة قضايا تحولت الي شعار لثورة ديسمبر المجيدة (حرية سلام عدالة). لن ينصلح حال البلاد ما لم نعمل علي تقديم طبقة سياسية جادة تعمل علي الإمساك بأمهات القضايا وتسعي لإيجاد الإجابات الصحيحة للأسئلة الصحيحة.
فاعظم السياسيين والذين انقذوا شعوبهم من هكذا أوضاع كارثية قد اعتلوا سدة الحكم بسبب امتلاكهم لرؤية واضحة حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية لبلدانهم فالمنصب الحكومي ينبغي أن يأتي نتيجة لامتلاك ووضوح الرؤية حتي لا يتحول هذا المنصب الي وبال علي صاحبه وعلي الشعب كما يجري الان في بلادنا.
كذلك وعلي الصعيد العسكري علينا التوقف عن استسهال منح الرتب والنياشين حتي وصلنا الي مرحلة أن يكون علي رأس مؤسساتنا العسكرية من هم اشبه بقادة الميليشيا أكثر من كونهم قادة عسكريون، فقتلوا وأذلوا وشردوا السواد الأعظم من الشعب في حرب يمكن أن توصف بانها حرب غبية يقودها مجموعة من القادة ناقصي العسكرية والأخلاق ولا فرق هنا بين قادة الجيش وقادة المليشيات المتحالفة معهم أو ميليشيا الدعم السريع، فكلهم في نقص الاحترافية والأخلاق سواء. ما يدعو الي التفاؤل علي الرغم من قتامة المشهد هو أن جذوة الثورة لازالت مشتعلة علي الرغم من كل الاهوال التي كابدها شعبنا، فواهم من ظن أن جذوة الثورة قد انطفأت وحالم من يعتقد أن شعبنا قد يقبل بأمراء الحرب قادة له في الخرطوم أو في دارفور حتي وإن أتوا الينا بالنصر المؤزر، أو حولوا دارفور الي جنة من جنان الله في الأرض. تلك اضغاث أحلام لا أدري من اين اتي بها هؤلاء. فهذا الشعب لديه مطالب واضحة ومحددة تتمثل في الحرية والسلام والعدالة، ولديه من التجارب والخبرات ما يؤهله للامساك بالسلطة مجدداً. وسوف يستمر نضالنا كتفاً بكتف مع شعبنا من أجل إيجاد الإجابات الصحيحة والعملية لأسئلة الحرية والسلام والعدالة فمن يمتلك الإجابات علي هذه الأسئلة هو من سينجح في وقف هذه الحرب. ذلك هو الدرس الأهم الذي تعلمناه خلال عامي الحرب المريرتين، فالثورة مستمرة والنضال مستمر والنصر قريب بإذن الله وحرية، سلام، وعدالة.
المصدر: صحيفة الراكوبة