سي أن أن: تنحية برنيع وبار وتعيين ديرمر لسيطرة نتنياهو على مفاوضات تهدئة غزة

أمد/ تل أبيب: نقلت شبكة سي إن إن الأميركية، عن مصدر إسرائيلي مشارك في مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة، أن تنحية رئيسي الموساد والشاباك من الوفد المفاوض وتعيين رون ديرمر، مستشار بنيامين نتنياهو هدفه هو سيطرة رئيس الوزراء على مسار التفاوض.
كما أشارت الشبكة الأميركية في تقرير لها إلى أن تعيين ديرمر رئيساً لفريق التفاوض أدى أيضا إلى إبطاء وتسييس المحادثات بشأن الإفراج عن المحتجزين.
وفي تقريرها ذكرت «سي إن إن» أنه عندما بدأت مناقشات إطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين بعد وقت قصير من هجوم حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول، كان المفاوضون المكلفون بإبرام الاتفاق في الغالب من خبراء الاستخبارات والأمن، لكن في فبراير/شباط، أجرت إسرائيل تغييرًا مهمًا يقول المشاركون فيه الآن إنه كان له تأثيرٌ كبيرٌ على تباطؤ مناقشات إحياء وقف إطلاق النار المنهك، حيث ولى رون ديرمر، أقرب مساعد سياسي لرئيس الوزراء، مسؤولية الملف.
ويقول مصدر مشارك في المفاوضات إن هناك «اختلافا كبيرا في الزخم» مع ديرمر مقارنة بالفترة التي كان فيها الفريق الإسرائيلي بقيادة رئيسي الاستخبارات ديفيد برنياع ورونين بار.
تهميش الموساد والشاباك
وأشارت الشبكة الأميركية إلى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عمل على تهميش برنياع، الذي يدير الموساد، وطرد بار، الذي كان يدير جهاز الأمن الداخلي (الشين بيت)، ما تسبب في ضجة داخل إسرائيل.
وقال مصدر إسرائيلي مطلع على المفاوضات إن القرار بدفع خبراء الأمن القومي المحترفين جانبا لصالح أقرب مستشار لنتنياهو كان يهدف إلى منح نتنياهو مزيدا من السيطرة على عملية التفاوض.
ويقول أحد الأميركيين المدافعين عن عائلات المحتجزين الإسرائيليين: «الاعتبارات السياسية للفريق الإسرائيلي بقيادة ديرمر لا تُحدث تأثيرًا إيجابيًا، وتُدرك العائلات أن ديرمر يُمثل عائقًا كبيرًا أمام استعادة أحبائهم، كما يؤثر على نتائج المفاوضات».
وانهار وقف إطلاق النار الهش بين إسرائيل وحماس، والذي بدأ مع تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه الشهر الماضي، عندما أعادت إسرائيل إطلاق عملياتها العسكرية، واتهم مسؤولون أميركيون وإسرائيليون حماس برفض اتفاق لتمديده، وهو ما نفته حماس.
عائلات المحتجزين
وفي رد على تقرير شبكة سي إن إن، أعربت عائلات المحتجزين عن شعورها «بالقلق الشديد في ظل هذا التقرير الذي ينضم إلى أخبار أخرى خلال الشهرين الماضيين، بشأن طريقة إجراء المفاوضات وفشلها».
وقالت العائلات إن ما نشرته شبكة سي إن إن «يؤكد ما ادعيناه سابقا، ففي حين وعدنا بأن تعيين ديرمر سيؤدي إلى تقدم كبير، إلا أنه في الواقع يبدو أن شيئًا آخر يحدث».
وأضافت العائلات في بيان «في عشية عيد الفصح، ندعو الوزير ديرمر مرة أخرى: إما استعادة الـ 59 محتجزا أو الاستقالة، وإذا كنتم غير قادرين على التوصل إلى اتفاق كامل ينهي الحرب ويعيد جميع الرجال والنساء المحتجزين دفعة واحدة، فتنحوا جانباً، فكل لحظة يتأخر فيها تحرير المحتجزين تعتبر بمثابة سفك لدمائهم».
استئناف الحرب
وكانت هناك مؤشرات منذ فترة طويلة على أن إسرائيل تخطط لاستئناف حربها ضد حماس بعد المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار، عندما تم إطلاق سراح 38 محتجزا إسرائيليا وتايلانديا على مدى ستة أسابيع.
يُشير نتنياهو باستمرار إلى «تحرير» المحتجزين كأولوية قصوى. لكن «تدمير حماس» هو أيضًا من أولوياته، وقد اتهمه منتقدوه بإعطاء الأولوية للأولى على حساب الأولى، لأن هذه أيضًا هي المصالح السياسية لرئيس الوزراء.
وقال تقرير شبكة سي إن إن «لقد كان تدمير حماس منذ فترة طويلة أولوية لأعضاء اليمين الرئيسيين في الائتلاف الحاكم بقيادة نتنياهو، الذين هددوا باستمرار بالانسحاب من الحكومة، ونفذوا تهديداتهم».
وبحسب الشبكة فمع تولي ديرمر مسؤولية المفاوضات، يستطيع نتنياهو أن يدير بمهارة أكبر عملية التوازن السياسي الدقيقة التي أثرت على عملية صنع القرار الإسرائيلي في كل منعطف حاسم في مفاوضات وقف إطلاق النار.
خلال أشهر مفاوضات وقف إطلاق النار العام الماضي، والتي أفضت في النهاية إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في يناير/كانون الثاني، رفض مسؤولو الأمن الإسرائيليون مواقف نتنياهو المتغيرة وتكتيكاته المماطلة التي رأوا أنها متأثرة باعتبارات سياسية وأخرت التوصل إلى اتفاق، لكن مع تولي ديرمر زمام الأمور وتهميش قادة الاستخبارات، تراجعت أهمية هذه الآراء المعارضة في المناقشات الأمنية الإسرائيلية وفي التقارير الصحفية الإسرائيلية.
وفي أثناء زيارته للولايات المتحدة للقاء ترامب في وقت سابق من هذا الأسبوع، رفض نتنياهو الاتهامات بأن تحرير المحتجزين ليس من أولوياته القصوى.
مفاوضات جارية
وقد حاول مبعوث إدارة ترامب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف ومبعوث الولايات المتحدة للمحتجزين آدم بوهلر التوصل إلى صيغ تمكن حماس من إطلاق سراح الأميركيين المتبقين ــ واحد على قيد الحياة وأربعة أموات ــ وتمديد الهدنة بما يكفي لمحاولة التفاوض على المرحلة التالية.
ووافقت حماس على اقتراح مدعوم من مصر وقطر يعكس اقتراحا قدمه ويتكوف الشهر الماضي لإطلاق سراح المحتجز الأميركي الوحيد الباقي على قيد الحياة، عيدان ألكسندر، إلى جانب 4 آخرين، وتمديد فترة السلام خلال شهر رمضان وعيد الفصح.
سارعت إسرائيل إلى الرد، مطالبةً بـ 11 محتجزا على قيد الحياة، أي ما يقارب نصف المحتجزين الأربعة والعشرين المتبقين. وهذا من شأنه أن يُضعف بشكل كبير ما تعتبره حماس أكبر نفوذ لها على إسرائيل.
قال دبلوماسي مطلع على المناقشات «ما زلنا نعمل على خطة ويتكوف للتمديد. أعتقد أن لدينا هامشًا مناورةً يمكننا العمل عليه».
وقال المصدر الأول المشارك في المحادثات: «لا يوجد وضوح بشأن الهدف الإسرائيلي»، مضيفا: «الأميركيون بدأوا ينفد صبرهم».
وبينما أدت العمليات الإسرائيلية الأخيرة إلى استشهاد أكثر من 50 ألف شخص في غزة، كانت هناك تحركات واعدة لإحياء الهدنة، حسبما يقول المشاركون.
وفي محاولة لإنقاذ وقف إطلاق النار، اتخذ مبعوث المحتجزين بوهلر خطوة غير مسبوقة: الاجتماع مباشرة مع مسؤولين من حماس، التي تعتبرها الولايات المتحدة منظمة إرهابية.
أثار هذا الاجتماع غضب المسؤولين الإسرائيليين، وأكد الأميركي بوهلر أنه تحدث مع ديرمر، مستشار نتنياهو، بعد الاجتماع قائلاً لشبكة سي إن إن «لسنا عملاء لإسرائيل».
في هذه الأثناء، تستمر المناقشات مع الفريق الإسرائيلي بقيادة ديرمر، والذي لا يزال يضم متخصصين في الأمن يعملون على التفاصيل الفنية.