خريطة الجيش بلوحة الإضاءة : تكهنات بخروج وشيك من الفاشر

محمد الصادق
هذه مجرد تكهنات
بعيدة عن أي مصادر معلومات
وإنما أدهشني
صدور خريطة الجيش
باللونين الأخضر والأحمر
وهما لوني الإسلام والشيوعية
ومع انني لست طبيبا
لكن الشخص العادي
يستطيع أن يفهم شيئا
من صورة الأشعة المعتمة
حينما تتكشف ملامحها
عند وضعها علي لوحة الاضاءة
فالكسر والفصل يكون واضحا
والحالة هنا بينة
فمع وجود كسور متعددة
لكن “الفصل” ظاهر بوضوح
الخريطة التي اصدرها الجيش
كأنها رسالة مبطنة
بأن عليكم الالتزام
بالخروج من هنا
حالما نخرج لكم من هناك
وما يجعلنا نرجح الخروج من الفاشر
هو أن الخريطة مشوهة جدا
ثم أنه من الاستحالة
التقسيم علي أساس الإنتشار القبلي
ونحن نعلم أن القوم
يضعون اللمسات الأخيرة
لإعلان دولتهم الجديدة
وتسمية حكام ووزراء
من مختلف القبائل والاثنيات
هناك دلائل كثيرة تدعم تكهناتنا
أولها الخروج السلس من ولاية الجزيرة
ومن ثم مواصلة التوغل
شيئا فشيئا داخل الخرطوم
تلاحظون كذلك
أن المجتمع الدولي وخاصة امريكا
قد صمّ أذنيه فجأة
عن ما يدور في السودان
برغم تزايد الإنتهاكات بصورة
أكثر مما هي عليه في أول الحرب
كذلك التصريحات النارية
ضد دول الجوار
برغم حالة الانتصار
فكان الأولي صدورها
في حالة التقهقر
أيضا لا تخفي حالة المقاتلين
من جراح ونزف الدماء ونقص الأنفس
وملل المواطنين من سوء العيش
وتوق الجميع إلي مغادرة البلاد
ربما تكون هذه هي الصورة المثلي
لإنهاء الحرب في السودان
اخذا في الإعتبار تاريخ البلد
وحروبه الطويلة
ضد الإستعمار والتمرد
فدخول قوات أجنبية
كان سيعقد الأمر
ويؤدي لنتائج عكسية
كان هناك أيضا
مراعاة الجانب النفسي
فالجودية في حلّ المشاكل
هي من صميم التراث السوداني
لكن ليس بالضرورة
وليس كذلك من الحكمة
أن تظهر في العلن
تنازلات كلا الطرفين
مشكلة هذه النظرية
أنها تدحض الرواية التي تقول
أن هدف الحرب
كان الاستيلاء علي السلطة
وتثبت أن المشكلة إنما كانت
حول طبيعة نظام الحكم
فالعلمانية التي تأسس عليها
بنيان الدولة الجديدة
كانت مرفوضة جملة وتفصيلا
في الجانب الآخر
يبدو أنه يسود في العالم الآن
فكر براقماتي
يراعي ايدلوجيات الشعوب والقوميات
فقد لاحظنا الانسحاب المفاجيء
للامريكان من أفغانستان
وتقديم السلطة لطالبان
علي طبق من ذهب
كذلك تمكين الإسلاميين
من الوصول للسلطة في سوريا
بالرغم من تصنيفهم لدي أمريكا وأوروبا
أنهم من الجماعات الإرهابية
ليس معني هذا
أن الدولة القديمة
يسيطر عليها الإسلاميون
وأن الجيش القومي جيش مؤدلج
فبعض منتسبيه
هم حتي غير مسلمين
ولكن اللون الكاكي
وهو شيء من الأخضر
وجوده طبيعي جدا في بلد مسلم
وحتي غير المسلمين يتفهمون هذا الأمر
ربما تكون حالة فريدة
وتجربة جديدة
ربما يُهتدي بها في أماكن اخري
أن يتم الحلّ بالإنقسام الأيديولوجي
وربما كان هذا بسبب
الاتساع المهول
لرقعة الأرض في السودان
لأن السودان
حتي لو انقسم إلي أربعة
أو خمسة اجزاء
فإن أي جزء من الاجزاء
لا يزال يملك من الموارد والمقومات
ما يجعله قابلا
لأن يكون دولة قائمة بنفسها
بل ودولة ناجحة
وفي النهاية
يكون لا زال أهل السودان
“زيتهم في بيتهم”
فهذا أفضل من وصاية الدول الاخري
التي من المؤكد أنها
لا تنجح في نهاية المطاف
وخير مثال علي ذلك
هو ما عليه دولة الجنوب الآن
فبرغم التوترات الأخيرة
لكن في حقيقة الأمر
أن الفصل أتي بالخير
علي مواطني الجنوب
وكذلك علي مواطني الشمال
لأن الحرب هي أسوأ شىء
لأنها ترجع الناس قرونا إلي الوراء
بينما العالم يسابق الزمن في التطور
انظروا ماذا حلّ بالعاصمة القديمة
ولكن العزاء
انها كانت ضريبة حل المشكلة
لقد كنا نستغرب لظاهرة النهب والتخريب المتعمد
من أول يوم في الحرب
والتقاعس في قفل المخارج الغربية
لكن هذا لا يعني أن الحرب
لم تكن مفروضة
علي الأقل علي أحد الطرفين
بل الأرجح أنها كانت مفروضة على الطرفين معا
فقد أشرنا من قبل أن الغرب
يري أن الرقعة السودانية
أكبر من أن تكون دولة واحدة
خاصة في ظل التنوعات الاثنية الكبيرة
وربما أفلح الغرب
في استدراج الساسة
من خلال الوعود
بدعم الإعمار واعفاء الديون
الإشارات واضحة
في أن الخرطوم لن ترجع عاصمة
فقد كانت هي عنوان التوحد
فقد أشار وزير الإعلام
إجابة علي سؤال عن عودة الحكومة
ما يفهم منه
أنهم لن يلدغوا مرة آخري
من ذلك الحجر
كذلك أشار أحد كبار الخبراء العسكريين
إلي إعادة تخطيط المدن بعد الحرب
وإخلائها من المقرات العسكرية.
□■□■□■
نذكّر بالدعاء علي الظالمين
فهو دعاء لا شك مستجاب
الذين أخرجوا الناس
من ديارهم بغير حق
وسفكوا دماءهم
وانتهكو أعراضهم
وأخذوا حقوقهم
وساموهم سوء العذاب
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة