اخبار مصر

ما أتعس العالم مع هذا الرجل


جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

ما أوسع المسافة بين اللقاء الذي جمع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، وبين الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما عقب الاتصال الشهير الذي جرى بين ترمب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

اللقاء بينهما سيظل يوضع في قائمة العجائب، وسوف يأتي وقت يخضع فيه للدراسة من جانب المعنيين ليرى العالم كيف كان سيد البيت الابيض يتصرف مع واحد من ضيوفه في مكتبه البيضاوي، وكيف وصلت عجرفته مع الضيف الأوكراني إلى حد قيل معه أن زيلينسكي لما غادر المكتب قد غادره مطروداً على مرأى من الحاضرين.

والحقيقة أن اللقاء ليس هو وحده الذي لا بد من إخضاعه للدراسة، لأن الأجدى بالدراسة هي شخصية ترمب، ثم الأجدى من دراسة شخصيته دراسة الأسباب التي دعت الناخب الأمريكي إلى أن يفضله كمرشح في السباق الرئاسي، وأن يعيده إلى البيت الأبيض، رغم ما اشتهر به في فترته الأولى من خرق لكل ما هو مستقر ومألوف في البلاد.

لقد قيل دائماً في الولايات المتحدة إلى ما قبل مجيء هذا الرجل إلى منصبه، أن شيئين لا يستطيع الأمريكي الهرب منهما: الموت والضرائب!

وكان المعنى أن وفاء رجل مثل ترمب بحق الدولة في أرباحه كرجل أعمال قضية لا نقاش فيها ولا جدال، ولكن ما العمل إذا كان هو نفسه قد اعترف مرات لا مرة واحدة بأنه لم يدفع ضرائبه المستحقة عليه تجاه الخزانة العامة؟.. ما العمل إذا كانت القضايا المتهم فيها أمام المحاكم لا حصر لها ولا عد، وبعضها قضايا جنائية لا سياسية، بل إنه حصل في بعضها الآخر على أحكام نهائية.. كيف تغير مزاج الناخب في أمريكا الى هذا الحد ولماذا؟

نعود إلى المكالمة بين الرئيسين الأمريكي والأوكراني، لأن ترمب وصفها بأنها كانت جيدة جداً، ولم يذكر طبعاً لماذا كانت هكذا؟

ولكن هذا لا يمنعنا من تخمين السبب الذي جعلها جيدة، فالخلاف بينهما يوم اللقاء كان لأن زيلينسكي رفض التوقيع على اتفاق تستغل بموجبه الولايات المتحدة معادن أوكرانيا النادرة، وهي معادن شديدة الندرة وكثيرة.. فلما دار الوقت دورته وجاء أوان الاتصال، كان الرئيس الأوكراني نفسه قد أخذ خطوات إلى الوراء، وكان قد أعلن أنه موافق على توقيع ما يريده ترمب.. هكذا صراحةً وبغير أي حياء! .. ومن بعدها تمادى الرئيس الأمريكي فقال أنه يفكر في الاستحواذ على شركات الطاقة في أوكرانيا! .. الحقيقة أن الأمر إذا كان كذلك، فلا ينقص ترمب والحال هكذا، إلا أن يضم أوكرانيا إلى بلاده، عوضاً عن كندا التي تقاوم فكرة الضم على مستواها، وتراها من بين أفكار مجنونة يرددها ساكن البيت الأبيض وهو لا يدري ماذا يقول أو يردد؟

واضح من وصف المكالمة بأنها جيدة جداً، أنها كذلك في نظر ترمب لا زيلينسكي، الذي لن يكون جيداً بالنسبة له أن يتنازل عن معادن أو عن شركات.. إن وصف الاتصال بأنه كان جيداً جداً قضية نسبية، لأن ما هو جيد في نظر ترمب يمكن جداً ألا يكون كذلك في نظر الطرف الآخر في الاتصال، خصوصاً وأن الرئيس الأمريكي قال الشيء نفسه عن مكالمته مع بوتين.. فما أتعس هذا العالم وهو يعيش على وقع ما يقوله ويفعله هذا الرجل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *