من الثورة إلى العزلة.. كيف دمر البرهان مكانة السودان دوليًا وأعاده إلى العقوبات والقوائم الحمراء؟!

عبد الرحمن الكلس
نشرت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ثلاث قوائم جديدة قالت إنها تقوم بدراستها تستهدف مواطني ما يصل إلى (43) دولة حول العالم؛ تزمع حظرهم عن السفر إليها، وفقاً لصحيفة “نيويورك تايمز”، وتنقسم القوائم التي وضعها مسؤولون أمنيون إلى ثلاثة ألوان “الحمراء، البرتقالية، والصفراء”، ويأتي السودان والمواطن السوداني للأسف ضمن القائمة الأولى (الحمراء).
مرةً أخرى ها نحن نعود القهقرى بسبب نزوة وحلم عسكري أرعن وغبي بالقوات البرية لا يفهم أبعد من أرنبة أنفه، لا في تخصصه كعسكري ولا في السياسة، فقد أعادنا عبد الفتاح البرهان مرةً أخرى إلى عصر الظلام فصرنا غير مرغوب بنا وغير مرحب بنا في جميع الدول، عدنا إلى عصر الإرهاب والمقاطعة والحظر وإلى عهد العزلة والحصار!
استبشر السودانيون خيراً بعد ثورة ديسمبر وتشكيل الحكومة المدنية الانتقالية برئاسة الدكتور المحترم عبد الله حمدوك الذي يحظى بقبول واسع داخلياً وخارجياً، عدا من قبل الكيزان والشيوعيين (الأيدولوجيين المنبوذين)، فقد تم إعفاء معظم الديون السودانية البالغة نحو (60) مليار دولار والتي كانت متراكمة منذ العهود السابقة، من خلال تسوية 80% منها مع نادي باريس ودائنين آخرين وذلك من خلال مبادرة (هيبك) للدول الفقيرة المثقلة بالديون، فضلاً عن شطب اسم السودان رسمياً من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب في ديسمبر 2020، بعد وجوده في هذه القائمة لـ(27) عاماً متواصلة، عانى فيها المواطن السوداني الأمرين، الحظر من السفر وتدهور وضعية جواز السفر السوداني ووصوله إلى الحضيض، بالإضافة إلى حظر الكثير من المنتجات والصناعات والتقنيات الحيوية المتعلقة بحياة المواطن، إلا أن انقلاب طائر الشؤم عبد الفتاح البرهان على الانتقال الديمقراطي في أكتوبر 2021، وعدم اكتفائه بذلك وإعادته النظام السابق إلى الواجهة وسيطرة الكيزان المنبوذين داخلياً وخارجياً على مفاصل السلطة تماماً، ثم دفعهم البلاد إلى الحرب الراهنة، أوقع السودان والسودانيين مرة أخرى في قاعٍ سحيق وهوة لا قرار لها.
السبب الرئيس لوضع السودان ضمن هذه القائمة وفقاً لمصادر من ادارة ترامب تحدثت للصحيفة، هو أن هذه الدول: “صُنفت خطيرة ما يجعلها مُهددة للأمن والسلم العالميين وارتباطها بشبكات إرهابية تشكل خطراً على الأمن القومي الأميركي”.
والحقيقة ليس من دولة تمثل خطراً إرهابياً على جميع دول العالم مثل سودان بورتسودان الراهن، فكتائب الإرهابيين والدواعش والمرتزقة من الداخل والخارج التي تشارك عبد الفتاح البرهان في حربه الراهنة من أجل السيطرة على الحكم، أنتجت الكثير من الأدلة التي تؤكد ذلك، من ذبح للمدنيين وبقر للبطون وأكل لأكباد البشر وسحل للجثامين في الشوارع، كل هذه الأمور من أعمال وأفعال عبد الفتاح البرهان بصفته قائد الجيش الذي يوفر لهذه الجماعات الإرهابية السلاح لتحارب بجانبه، وهي التي أعادت السودان ومواطنيه إلى قائمة الحظر، لقد عاد المواطن السوداني منبوذاً مرةً أخرى هذا مؤسف، لكن ربما تأتي المنن من المحن والمزايا من البلايا، وسيدفعون ويدفع البرهان ثمن خيانته لبلاده وشعبه قريباً جداً.
القائمة الحمراء التي تشمل (11) دولة على رأسها السودان وفقاً للتقييم؛ يُمنع مواطنوها بشكل قاطع من دخول الولايات المتحدة الأميركية، وهذا ضرر مباشر يقع على رؤوس المواطنين السودانيين، بسبب “الكيزان” الذين يمثلون حاضنة سياسية وعسكرية وذراعاً إرهابية متقدمة لقيادة الجيش بالمنظمات العالمية الإرهابية العابرة للحدود وبدول منبوذة مثل إيران التي هرعوا إليها لجلب المسيرات مقابل منحها موطئ قدم في البحر الأحمر ليمثل بؤرة إرهاب جديدة تقلق أمن هذا الممر المائي الحيوي.
لقد أعاد البرهان وكيزانه المواطن السوداني إلى الوراء عقوداً وعقوداً، فبعد أن كان على مرمى حجر للتخلص من الإرث الإرهابي الثقيل الذي خلفه الكيزان ونظام المخلوع، بفضل جهود الثورة الشعبية العظيمة والتوجه الديمقراطي والقبول الدولي والإقليمي لحكومة الفترة الانتقالية، وصار قبلة يتوافد عليها رؤساء دول العالم الأول وكبار المسؤولين الأممين، ها هو البرهان يعود بنا إلى عهد القطيعة وسمسمرة مصر في الوساطة بين السودان والعالم، والاحتفاء بمسؤول من جيبوتي التي لم يسمع بها أحد، وها نحن نعود إلى القرون الوسطى؛ إلى أعوام العزلة والشظف والإرهاب والأناشيد الجهادية الكذوبة وإلى الجوع والعزل والحرمان وعهود التشرد والتخلف والبدائية.
الحرب التي أشعلها الكيزان جعلت من جواز السفر السوداني غير مرغوب فيه في معظم الدول، وها هي إدارة ترمب تأتي لتزيد الطين بلة، لكن معها حق، فكيف لدولة محترمة أن تسمح لقاطعي رؤوس البشر وباقري بطون الآدميين وآكلي أكباد وأحشاء الإنسان بالدخول إلى أراضيها؟!
مؤسف حقاً أن نوضع كمواطنين سودانيين في هذا الحيّز الضيق، مؤسف أن تتردى مكانتنا بين البشر إلى هذا الحضيض من أجل عيون الكيزان والعسكر، من أجل هذا الرجل شديد الغباء، والذي يعد الكيزان حالياً بديله استعداداً لتغييره في المستقبل القريب بكوز كامل المواصفات هو “نصر الدين” قائد المدرعات، هذا بعد أن حطم أحلام شعبه ودمر بلاده من أجل أن يرجعهم للحكم مرة أخرى ويصير رئيساً على رؤوسنا بأسنة رماحهم، وها هو يصبح كالمنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى، له الخزي وعليه وعلى كيزانه اللعنة إلى يوم يبعثون.
المصدر: صحيفة الراكوبة