بعد إقرار وزير الفلاحة بفشلها.. هل تستجيب الحكومة لمطالب وقف إعفاءات استيراد المواشي؟

رغم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المغربية لتخفيض أسعار اللحوم، من خلال إعفاءات جمركية وضريبية على استيراد المواشي، إلا أن هذه السياسة لم تؤت ثمارها على أرض الواقع، وفق ما أقر به مسؤولون وسياسيون.
ومع تزايد الضغوط الاقتصادية وارتفاع الأسعار، تتعالى الأصوات داخل الأغلبية الحكومية نفسها لمراجعة هذه التدابير، وسط تساؤلات حول مدى استجابة حكومة عزيز أخنوش لهذه المطالب.
وفي خطوة لافتة، دعا حزب الأصالة والمعاصرة، المشارك في الحكومة، إلى إلغاء الإعفاءات المعتمدة، مقرا بأنها لم تحقق النتائج المرجوة، كما حث على التصدي للمضاربات التي يفتعلها بعض الوسطاء، والتي تعمّق الأزمة بدل أن تساهم في حلها.
هذا الموقف يجد صداه في تصريحات رسمية، حيث اعترف وزير الفلاحة أحمد البواري بفشل تجربة دعم استيراد الأغنام، مشيرا إلى أن الأسعار المرتفعة للمواشي المستوردة حالت دون تموقعها في السوق المحلية.
هذا الاعتراف يطرح تساؤلات جوهرية حول مدى استجابة الحكومة لمطلب التخلي عن سياسة الإعفاءات، وما إذا كانت ستتخذ تدابير أكثر نجاعة لضبط الأسعار وحماية المستهلكين من المضاربات.
في هذا السياق، يرى المحلل الاقتصادي محمد جدري، أن تعافي القطيع الحيواني في المغرب إلى مستواه ما قبل الجائحة لا يزال بعيد المنال، متوقعا أن يتحقق ذلك بحلول عام 2028 على أقل تقدير.
وأوضح جدري أن الدعوة الملكية لعدم إقامة شعيرة الذبح خلال عيد الأضحى ستؤدي إلى الإبقاء على ما بين 6 و8 ملايين رأس من الماشية، وهو ما قد يخفف من الضغط على القطيع الوطني، غير أن ذلك، وفق المتحدث ذاته، لا يعني بالضرورة عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه سابقا.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن الحكومة اعتمدت إجراءات لدعم القطاع، من بينها إعفاء استيراد المواشي من الرسوم الجمركية وإلغاء الضريبة على القيمة المضافة المرتبطة باللحوم، وهي تدابير تم تضمينها في قانون المالية لسنة 2025 وصادق عليها البرلمان، لذا، فإن التراجع عن هذه المقتضيات الضريبية يبدو أمرا مستبعدا في الوقت الراهن.
وأكد جدري على ضرورة استمرار هذه التدابير لدعم القطيع الحيواني، مع التشديد على أهمية ضمان انعكاسها الإيجابي على المستهلك النهائي، وهو ما لم يتحقق بعد بالشكل المطلوب.
ولتفادي المضاربات، شدد على ضرورة تسقيف أسعار المواشي المستوردة، وبيعها في أسواق محددة لضمان عدم اختلاطها بالإنتاج المحلي، وبالتالي تفادي التلاعب بالأسعار.
وفيما يتعلق بأثر هذه التدابير على السوق، اعتبر جدري أن التأثير على المستهلك النهائي لا يزال محدودا، غير أنه شدد على أهمية إجراء تقييم شامل لعملية الاستيراد، لتحديد النقاط السلبية وتصحيحها، خصوصا في ظل عاملين إيجابيين، أولهما عدم إقامة شعيرة عيد الأضحى، مما يوفر هامشا أوسع لتنظيم القطاع، وثانيهما الأمطار الأخيرة التي ساهمت في توفير الكلأ، ما يمنح المربين مرونة أكبر.
ورغم ذلك، حذر المحلل الاقتصادي من أن وقف عمليات الاستيراد ليس خيارا مطروحا في المرحلة الحالية، إذ لا يزال المغرب بحاجة إلى تأمين إمدادات المواشي من الخارج للحفاظ على التوازن داخل السوق الوطنية.
جدير بالذكر أن ميناء الدار البيضاء، استقبل مؤخرا، دفعة جديدة من الماشية في خطوة تهدف إلى تعزيز الأمن الغذائي الوطني ودعم سوق اللحوم الحمراء. حيث وصلت السفينة العملاقة Shorthorn Express، المتخصصة في نقل المواشي، قادمة من أيرلندا وعلى متنها حوالي 2000 رأس من الثيران، وذلك في إطار اتفاق تجاري استراتيجي يسعى إلى ضمان استقرار الأسعار وتلبية الطلب المتزايد.
المصدر: العمق المغربي