اخبار السودان

أزمة المعلمين في السودان : صرخة استغاثة وحلول مقترحة

حسن عبد الرضي الشيخ

 

يعيش المعلم السوداني اليوم واقعًا مأساويًا يزداد قتامة، حيث تأخر الرواتب، وتعسُّر المعاشات، وتدهور الأوضاع المعيشية بشكل يهدد كرامته ويفقد مهنة التعليم هيبتها. أصبح المعلم رمزًا للفقر والتهميش، يتجرع الإذلال يوميًا، حتى بات البعض يعتبر اختيار هذه المهنة ضربًا من التضحية بالنفس والمستقبل. ورغم هذا الألم، يظل صوته خافتًا، لا يجد آذانًا صاغية من المسؤولين، وكأن التعليم لم يكن يومًا عماد نهضة الأمم.

 

جذور الأزمة : لماذا وصلنا إلى هنا؟

تعاني مهنة التعليم في السودان من عدة أزمات متشابكة، لعل أبرزها :

١. ضعف الأجور وانعدام الحوافز : يتقاضى المعلم راتبًا لا يكفي لسد رمقه، بينما ينعم المسؤولون بامتيازات ضخمة. كيف لمن يعلّم الأجيال أن يعيش في فقر مدقع؟ .

 

٢. البيروقراطية المعرقلة : يعاني المعلمون من تأخير صرف مستحقاتهم لسنوات دون تحرك جاد، وكأن توفير قوت يومهم ليس أولوية.

 

٣. تجاهل الدولة وانعدام المحاسبة : لا يوجد اهتمام جاد من الحكومة بحل مشاكل المعلمين، ولا مساءلة لمن ينتهك حقوقهم.

 

٤. ضعف الكيانات المدافعة عن المعلمين : لا توجد جهة قوية توصل صوتهم للسلطات، مما يزيدهم ضعفًا وهوانًا.

 

٥. استخفاف المجتمع بمهنة التعليم : ينظر الكثيرون إلى المعلم بدونية، مما يقلل من احترام الطلاب له ويفقد العملية التعليمية قيمتها.

 

الحلول الممكنة : هل من أمل؟

رغم قتامة المشهد، فإن الحلول ممكنة إذا توحدت الجهود. يمكن تلخيص بعض المقترحات فيما يلي :

 

١. توحيد صفوف المعلمين وتشكيل أجسام فاعلة : يجب على المعلمين تنظيم أنفسهم وإنشاء كيان قوي يدافع عن حقوقهم ويخاطب السلطات العليا.

 

٢. استخدام الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي : لا بد من نشر معاناة المعلمين وكشف الممارسات الظالمة عبر الإعلام المحلي والعالمي لإجبار السلطات على التحرك.

 

٣. تصعيد الاحتجاجات والإضرابات المنظمة : لا بد من تصعيد الاحتجاجات السلمية حتى يصل صوت المعلمين إلى صناع القرار.

 

٤. إقرار هيكل راتبي عادل : يجب الضغط على الحكومة لوضع حد أدنى للأجور يضمن للمعلم حياة كريمة.

 

٥. إنشاء صندوق دعم للمعلمين : يساهم فيه المجتمع المدني لدعم المعلمين المحتاجين حتى يتم إصلاح الوضع رسميًا.

 

٦. تفعيل دور القضاء لمحاسبة الفاسدين : يجب رفع قضايا قانونية ضد الجهات التي تعرقل صرف المستحقات المالية للمعلمين.

 

٧. تعزيز ثقافة احترام المعلم : من خلال حملات توعية تبرز دوره المحوري في بناء الأجيال.

 

كلمة أخيرة : إلى متى؟

 

إن استمرار هذا الوضع المزري يعني انهيار التعليم في السودان بالكامل. فالمعلم هو حجر الأساس لأي نهضة، ولا يمكن لدولة أن تتقدم بينما يعيش معلموها في فقر وإذلال. آن الأوان لأن يطالب المعلم بحقه بقوة، فالتاريخ لن يرحم الشعوب التي أهانت معلميها وأهملت تعليمها.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *