تقرير رسمي: ازدواجية التعليم العام والخاص تهدد وحدة المنظومة بالانشطار التدريجي

أفاد المجلس الأعلى للتربية والتكوين في تقرير حديث له أن تطور مؤسسات التعليم الخاص، بمختلف مراحله وأطواره، قد أفرز تفاوتات ملحوظة حالت دون تحقيق أهدافه المنشودة، مشيرا إلى أن هذا التطور أسهم في تعزيز الازدواجية بين التعليم العمومي المجاني والتعليم الخاص المؤدى عنه، مما خلق فوارق كبيرة بين النظامين.
وتناول التقرير، المعنون بـ”المدرسة الجديدة”، الانشغال المتزايد لدى التلاميذ والأسر بشأن جودة التعليم العمومي ومدى فعاليته في تأهيل الطلاب لمواصلة التعليم والاندماج في سوق العمل. وأوضح التقرير أن هذه الازدواجية بين المدارس العامة والخاصة، وكذلك بين مسارات التعليم العالي المفتوح والمحدود، قد تسببت في اتساع الفجوات الاجتماعية والعلمية، وأثارت تساؤلات واسعة حول فعالية الخدمة العمومية.
وفي هذا السياق، ذكر التقرير أن المراهنة على فرض برامج دراسية مشتركة بين القطاعين العام والخاص لا تكفي لتوحيد النظام التعليمي، إذ أن ذلك يتطلب أيضا توافقا في الأهداف والمضامين والمناهج التربوية بين القطاعين، محذرا من خطر الانشطار التدريجي الذي قد يهدد المنظومة التربوية الوطنية.
وإلى جانب ذلك، أشار التقرير الرسمي الذي تتوفر جريدة “العمق” على نسخة منه، إلى تأثير ظهور مؤسسات تعليمية أجنبية التي بدأت تنافس أو تحل محل المؤسسات التعليمية الوطنية، مما يضعف قدرة المغرب على الحفاظ على وحدة المنظومة التربوية.
وفيما يتعلق بتنوع العرض التربوي، أكد التقرير أن ذلك قد يضيف قيمة للتعليم، ولكنه يتطلب أيضا تقييما دقيقا للآثار السلبية المحتملة على التفاوتات الاجتماعية، ونجاح التلاميذ، وتراجع التمازج الاجتماعي، فضلاً عن تأثير خوصصة التعليم على تنشئة الأجيال القادمة، كيفما كانت البيئة الاجتماعية التي ينحدرون منها.
وشدد المصدر ذاته، على أن أهمية الترابط بين مكونات المنظومة التربوية ومختلف مستويات التعليم وأنواعه، تقتضي من السياسات العامة، اعتماد منهجية شاملة لمقاربة التعلم، تمس مختلف قطاعات التربية والتكوين.
في سياق آخر، قال المجلس الأعلى للتربية والتكوين إنه يسعى من خلال هذه الوثيقة، أولًا، إلى إعادة تركيز النقاش حول “المدرسة الجديدة”، في ظل التأخر الذي عرفته السياسات العمومية في تنزيل توصيات الرؤية الاستراتيجية ومقتضيات القانون الإطار 51.17.
أكد أن “تحقيق التناسق بين الرؤية الاستراتيجية والسياسات العمومية، وضمان تكامل أفضل بين السياسات القطاعية للتربية والتكوين، يمثل اليوم شرطا ضروريًا لتجديد النظام التربوي”.
ووفقا للتقرير ذاته، يسعى المجلس إلى جعل قضية التربية والتكوين موضوعا لمشاورات وطنية واسعة، تضم جميع الأطراف المعنية، بالنظر إلى التحدي الكبير الذي يطرحه واقع منظومة التربية والتكوين، وقدرتها على تمكين بلادنا من مواكبة التحولات العالمية الكبرى. ويمكن أن تمثل هذه الوثيقة أرضية لهذه المشاورات.
المصدر: العمق المغربي