تناقض الكبر مع العبودية لله عز وجل

قال الله سبحانه وتعالى: {إن الذين كذّبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تُفتَّح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط} الأعراف:40، كأن في هذه الآية شرطا تعجيزيا: {لا تُفتَّح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج} أي يدخل {الجمل} الذي يزن طنا ونصف {في سم الخياط} معنى هذا لا يوجد أمل.
لكن أهل القلوب يفهمون الآية فهما آخر، أن الكبر يتناقض مع العبودية لله، كيف أنك إذا جاءك ضيوف، وعندك كيلو لبن، قد تزيده خمسة أضعاف من الماء، وتجعله شرابا طيبا، باردا، فاللبن قَبِل خمسة أضعاف ماء، لكن لا يحتمل قطرة كاز واحدة، قطرة واحدة تلقيه في المهملات. إذًا الكبر يتناقض مع العبودية، فما دام الكافر مستكبرا، فطريق الجنة مغلق، إلى أن تعود هذه النفس المستعلية، المستكبرة، التي هي كالجمل تصغر وتصغر وتصغر، حتى تصبح بحجم {سم الخياط}، عندئذ تفتح أبواب الجنة، هذا ليس شرطا تعجيزيا لكنه منهج إلهي: “لا يدخل الجنة من كان في قلبه حبة من كبر”، أخرجه ابن حبان والحاكم عن عبد الله بن مسعود. “الكبرياء ردائي والعظمة إزاري فمن نازعني واحدا منهما ألقيته في النار”، أخرجه ابن ماجه عن عبد الله بن عباس.
من خضع لله أعزه ومن استكبر أذله.. الآن عندنا قاعدة ذهبية: أنت كلما خضعت لله أعزك الله، وكلما استكبرت أذلك الله، أبدا، إن أردت الدنيا والآخرة فتذلل لله عز وجل، أما إن كنت من أهل الدنيا فأمام من هو أقوى منهم صغير، خنوع، أمام من هو أضعف منك متجبر، متغطرس، المؤمن ليس كذلك، المؤمن متواضع لله، يخضع لمؤمنٍ: {أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين} المائدة:54، فهذه الآية منهج، وليست تعجيزا، ما دام هناك كبر، تعال، تأله، فالطريق إلى الجنة مغلق، {حتى يلج الجمل} بحجمه الكبير يصغر ويصغر تواضعا لله عز وجل، فإذا صار في حجم بحجم {سم الخياط} فتحت أبواب الجنة لصاحبها، فهذا الدين العظيم لا يقبل كبرا، ولا غطرسة، ولا استعلاء، ولا تعاليا، ولا تألّها، بقدر طاعتك لله وعبوديتك لله تنال كل خير.