وتقابل حبيب: بين صراع النفوذ وسحر الأنوثة

أمد/ في ظل انقطاع الكهرباء وضعف الإنترنت في غزة، لم أتوقع أن يجذبني مسلسل وتقابل حبيب المصري إلى هذا الحد، لكنه استفزني بطريقة تصويره للمرأة وعلاقتها بالقوة والمال.
المسلسل، الذي يجمع ياسمين عبد العزيز، خالد سليم، ونيكول سابا، امتلأ بالصراعات العاطفية والنفسية، خاصة بين الزوجة الثانية، رقية العسكري (نيكول سابا)، وطليقة زوجها (ياسمين عبد العزيز).
من الطبيعي أن تتنافس امرأتان على قلب رجل، لكن المسلسل صوّر الأمر وكأنه معركة لا تنتهي، وكأن المرأة لا تجد راحتها إلا بالسيطرة المطلقة. الأغرب أن المسلسل رسّخ فكرة أن المرأة التي تكسب الرجل هي صاحبة المال والنفوذ، كما فعلت رقية العسكري، التي استخدمت ثروتها للسيطرة على زوجها، مستغلة نقطة ضعفه المادية.
لكن، هل كانت سعيدة؟ على العكس تمامًا، رغم جمالها وقوتها المالية، بدت طوال الحلقات وكأنها تعيش على أعصابها، في قلق مستمر من خسارة زوجها، وكأن المال هو سلاحها الوحيد.
لم يستمر معها الرجل بسبب حب أو انجذاب حقيقي، بل لأنها تملك القدرة على تمويل مشاريعه، وكأن العلاقة قائمة على “استثمار” لا على مشاعر صادقة.
هذا ما يجعلني أتساءل: ماذا لو انتهى مال المرأة الذي تعتمد عليه في علاقتها؟ ما الذي يبقى؟ الحب الحقيقي لا يُشترى، بل يقوم على الانسجام والراحة النفسية.
يقيني الثابت هو أن المرأة لا تحتاج إلى بذل جهد مبالغ فيه لإثبات نفسها في العلاقة، بل يكفي أن تكون كما هي: أنثى، جميلة، ذكية، خفيفة الظل، صاحبة شخصية قوية ومستقلة.
وأؤكد أن الأنوثة ليست مجرد مظهر، بل هي طاقة داخلية تنبع من الثقة بالنفس، والقدرة على تحقيق التوازن بين القوة واللطف، وبين الذكاء والعاطفة.
المرأة التي تمتلك طاقة أنثوية عالية لا تحتاج إلى شراء الحب أو إثبات قيمتها بالماديات، بل تُلهم من حولها بجاذبيتها الفطرية، بحضورها المريح، وبقدرتها على التعامل مع الحياة بتفاؤل وثقة.
وغالبا في الأعمال الفنية يتم تصوير المرأة على أنها إما عقلانية باردة أو عاطفية هشة، لكن الحقيقة أن سحر الأنوثة يكمن في الجمع بين القلب والعقل.
المرأة الذكية تعرف متى تقود بعقلها ومتى تترك قلبها يختار. إنها قادرة على فهم الآخرين، والتعامل بحكمة، واتخاذ قراراتها بناء على مزيج من الحدس والمنطق.
هذا التوازن يمنحها قوة خفية تجعلها أكثر جاذبية، فالرجل لا يبحث عن امرأة تتبعه دون تفكير، ولا عن أخرى تتعامل معه كخصم في معركة، بل يريد شريكة تمنحه السلام، وتساعده على التطور، وتكون له سندا دون أن تفقد استقلاليتها.
المرأة ليست بنكا ولا مشروعا استثماريا.
في مسلسل وتقابل حبيب، حاولت رقية العسكري امتلاك زوجها من خلال المال، لكنها لم تستطع منحه ما يبحث عنه حقًا، الطمأنينة والانسجام، وهذا ما يطرح سؤالًا مهما: هل يمكن شراء الحب؟
الحقيقة أن الحب الذي يقوم على المال والمصالح ينهار بمجرد زوال الدافع المادي.
أما الحب الذي يُبنى على التفاهم والاحترام والطاقة العاطفية العميقة، فهو الذي يستمر.
المرأة ليست بنكا، وليست مشروعا استثماريا يجب أن يُثبت نجاحه بالأرقام.
إن قيمتها الحقيقية لا تكمن في حسابها البنكي، بل في شخصيتها، في ذكائها العاطفي، في حضورها الذي يترك أثرا عميقًا فيمن حولها.
ويجب على المرأة أن تُعزز اطاقة أنوثتها لأنها السر الحقيقي للجاذبية، دون اللجوء إلى المال أو السلطة.
عليها أن تعي ذاتها، وتُعمق أسلوبها، وأن تستقل عاطفيا، ولا تنتظر من الآخر أن يمنحها قيمتها.
وأكرر إن الأنوثة لا تعني الضعف، بل القدرة على أن تكوني حنونة دون أن يُساء فهمكِ، وأن تكوني قوية دون أن تفقدي دفء مشاعركِ.
والاهتمام ليس فقط بالمظهر، ولكن أيضا بالطاقة الإيجابية، بحب الحياة، والنمو الشخصي والثقافي.
في النهاية الحب الحقيقي لا يُشترى، خاصة إننا نعيش في عالم يربط النجاح بالمال والمكانة، ومن السهل أن تنخدع المرأة بفكرة أن النفوذ هو مفتاح العلاقات السعيدة، لكن الحقيقة أن الأنوثة الصادقة، التي تمزج بين الذكاء والروح والقلب، هي القوة الحقيقية التي تجعل المرأة لا تُقاوم.
الرجل لا يبحث عن امرأة تُغرقه بالمال والهدايا، بل يريد من تمنحه السلام، من يفكر بها حين يغيب، من يشعر معها أنه في بيته، حتى لو كان بعيدا عن منزله.
الحب الذي يستمر ليس هو الذي يقوم على الصفقات، بل ذلك الذي يُبنى على التفاهم، والاحترام، والجاذبية التي تنبع من الداخل قبل الخارج.
فهل نعيد اكتشاف قيمة الأنوثة بعيدًا عن الحسابات المادية؟