القمة العربية تؤكد ثبات موقف المغرب بخصوص القضية الفلسطينية

إشارة قوية ثمنت الدور المهم للجنة القدس وذراعها التنفيذية وكالة بيت مال القدس الشريف، وفق “إعلان القاهرة” الذي توّج أشغال قمة عربية غير عادية حول فلسطين، التأمت بحضور القادة العرب، الثلاثاء؛ فيما جاءت محددات الموقف المغربي من تطورات القضية الفلسطينية واضحة، وفقاً لتصور وضعه الملك محمد السادس، بصفته رئيس لجنة القدس.
وشاركت المملكة المغربية في “قمة فلسطين” ممثلة بوفد قاده ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، الذي أكد في تصريح للصحافة على هامش انعقاد أشغال القمة العربية غير العادية حول فلسطين أن رؤية الملك للقضية الفلسطينية كانت دائما واضحة وقائمة على ثوابت في مقدمتها اعتبارُها في أهمية القضية الوطنية، مع “دعمه الدائم كل المبادرات التي تؤدي إلى تمكين الشعب الفلسطيني من حقوقه المشروعة”.
وكانت المشاركة المغربية وازنة من خلال تشديدها على ضرورة توحيد الصف الفلسطيني وخلق أفق سياسي للقضية الفلسطينية، متشبثة بشروط نجاح مرحلة إعادة الإعمار في القطاع، كما بسطها الوزير ناصر بوريطة.
ويتحدد الموقف المغربي كما وضعه الملك من خلال رؤية لا تقتصر فقط على الأوضاع بغزة وإعادة الإعمار، بل تنظُر إلى القضية الفلسطينية وفق مقاربة أشمل تهم كلا من غزة والضفة، بهدف واضح هو “توحيد الصف الفلسطيني”.
ولفت وزير الشؤون الخارجية المغربي إلى أن الرباط تعتبر أن “غزة مِثلها مثل الضفة الغربية جزء من التراب الفلسطيني؛ وبالتالي من حق الشعب الفلسطيني التقرير في مستقبلها”.
واعتمدت القمة الطارئة لرابع مارس الجاري الخطة المصرية، “بالتنسيق الكامل مع دولة فلسطين والدول العربية بشأن التعافي المبكر وإعادة إعمار غزة باعتبارها خطة عربية جامعة، والعمل على تقديم كافة أنواع الدعم المالي والمادي والسياسي لتنفيذها”.
المساعدات قبل الإعمار
يلحّ المغرب، وفق ما أبرزه بوريطة في القاهرة، على أنه “قبل الوصول إلى مرحلة إعادة الإعمار يجب تثبيت وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات، والانتقال إلى المراحل المقبلة في اتفاق وقف إطلاق النار، ثم المرور إلى وقف دائم للاعتداءات”.
واعتبر الوزير ذاته أنه رغم كون إعادة البناء والإعمار مسألة تقنية ومالية مهمة إلا أنه يلزمها في الوقت نفسه أن تتم في إطار “تصور ومواكبة سياسية وانخراط كل الفاعلين الإقليميين والفلسطينيين من أجل إنجاح هذه العملية”، وزاد شارحا أن نجاح عملية إعادة الإعمار يرتبط أيضا بالتوفر على أفق سياسي، ووقف الاعتداءات وخطابات التعصب والكراهية، وأن يتم تغليب منطق السلام، مؤكدا أن “توفر هذه العوامل سيؤدي بعملية إعادة الإعمار في غزة إلى تحقيق النتائج المتوخاة منها”.
معلقا على مخرجات القمة والمشاركة المغربية، قال محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض بمراكش، إن الموقف المغربي بشأن مستقبل غزة “ينطلق من محددات ثابتة للسياسة الخارجية المغربية”، مبرزا أنه “جاء مستحضراً الأبعاد الإستراتيجية لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة؛ فتثبيت السِّلم ووقف الاعتداءات وجعل غزة في مستوى الضفة كأراض فلسطينية لا يجب ألا تخضع للوصاية الدولية أوْلى من إعادة الإعمار”.
وأضاف بنطلحة الدكالي، معلقا لجريدة هسبريس، أنه “موقف ملك وحكومةٍ وشعب بمساندة الفلسطينيين، وما يجري على سكان الضفة يجب أن يجري على قطاع غزة؛ في إشارة ضمنية إلى رفض التهجير الجماعي للفلسطينيين الذي يعد محلّ إجماع عربي، مع ضرورة عدم فرض الوصاية الدولية على أراضي غزة”.
ولفت المصرح ذاته إلى أن “الموقف المعلن من الدبلوماسية المغربية التي يقود مسارها الملك محمد السادس يستند إلى العمل الواقعي بالنتائج وتثمين الدبلوماسية الواقعية والفاعلة بهدوء، وليس مجرد شعارات تسويقية؛ فالإشادة العربية بدور لجنة القدس ووكالة بيت المال تنوّه بجهود خدمة الإنسان الفلسطيني والحفاظ على الوضع التاريخي للقدس الشريف”، وتابع بأن “إقرار السّلم وشروط الحل العادل لدولة فلسطينية مستقلة يجب أن يَسبق جهود إعادة الإعمار في أفق مواكبتها ووقف الاعتداءات”؛ قارئا في ذلك إشارة دالة من الرباط إلى استحضارها “التفكير الإستراتيجي لإقامة الدولة الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني في تقرير مستقبل أراضيه بعيدًا عن أيّ خطط للتهجير أو فرض الوصاية”.
رسالة هامة
قدّر خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بكلية الحقوق بوجدة، أن “مخرجات قمة غير عادية لجامعة الدول العربية تمثل إنجازًا، باعثة برسالة هامة بحدّ ذاتها، حتى وإن لم تكن هناك عوامل قوة متكاملة”، مبرزا أن “المغرب يساهم في الموقف العربي الموحّد بشأن فلسطين، وخاصة بعد الحرب المدمرة على القطاع المحاصر، قبل وخلال وبعد القمة، بوصفه دولة فاعلة في المنطقة”.
ولفت شيات، في تصريح لهسبريس، إلى “المقومات التي يمكن أن نبني عليها الموقف العربي المقابل لطرح التهجير؛ على أسس مهمة أبرزها مرتبط بالإعمار في حد ذاته، وهي عملية مهيكلة عملية مهمة لأن هناك فلسطينيين نازحين بدون مأوى مرافق، وطرق مدمرة وهياكل كثيرة تقوم عليها الدولة خرّبتها الحرب المدمرة”.
ومقابل الموقف المغربي الواضح والقائم على ثوابت عملية معلنة قال الخبير في العلاقات الدولية إن “بعض الدول تحاول تقويض الإجماع العربي، مثل الجزائر”، التي اختار رئيسها عدم المشاركة في قمة القاهرة الطارئة.
أما الجانب السياسي فيتطلب، وفق شيات، “توحيد الموقف الفلسطيني وإيجاد بدائل للصراع الفلسطيني الداخلي، بهدف ضمان الاستقرار والسلام في المنطقة عبر ضمانات زمنية ومتابَعَة من جهات متعددة”، لافتا إلى “مخاوف ناشئة من تهديدات الجانب الإسرائيلي تجاه حل الدولتين والسلام”؛ وهو ما نبه إليه بوريطة.
“غير أن بناء موقف عربي موحد يمكن أن يساهم في فرض حل سياسي وسلمي في المنطقة”، حسب المتحدث لهسبريس، الذي زاد: “المغرب يرى أهمية الربط بين المصالح المغربية ومصالح القضية الفلسطينية لحماية الحقوق المشروعة للفلسطينيين”، مشددا على أن “المملكة المغربية تشكل اليوم جزءًا من جبهة الممانعة الحقيقية بالمنطقة مع دول مثل مصر والأردن ولبنان والسعودية، التي تعد دول الطوق”.
المصدر: هسبريس