اخبار المغرب

وسط تخوف إسباني.. هل يعترف ترامب بسيادة المغرب على سبتة ومليلية؟

تجدد النقاش داخل الأوساط الإعلامية والسياسية  الإسبانية حول قضية سبتة ومليلية المحتلتين، بعد التقرير الأخير الذي نشرته صحيفة “الإسبانيول”، والذي تحدثت فيه عن وجود قلق في بعض الأوساط الرسمية بخصوص دعم محتمل للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لسيادة المغرب على المدينتين المحتلتين على غرار موقفه من الصحراء المغربية.

وأكد تقرير نشرته صحيفة “إل إسبانيول” “وجود قلق لدى الدوائر العسكرية والأمنية من احتمال إقدام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إعلان مشابه لاعترافه بمغربية الصحراء، ولكن هذه المرة بشأن سيادة المغرب على سبتة ومليلية”.

وقالت الصحيفة في التقرير المعنون بـ”خوف في سبتة ومليلية من مسيرة خضراء جديدة من المغرب بدعم من ترامب لغزو المدينتين”، إن “عودة ترامب إلى البيت الأبيض ليست خبراً جيداً. في الأوساط العسكرية والأمنية بالنسبة إلى إسبانيا، وخاصة مدينتي سبتة ومليلية، مشيرة إلى أن هناك قلق من تحالفه مع الملك محمد السادس”.

وحذر التقرير من أن “عودة ترامب تمثل فرصة للمغرب، الذي يسعى إلى دفع الرئيس الأمريكي للوفاء بوعده بفتح قنصلية في الصحراء المغربية، بعدما اعترف في 2020 بسيادة المغرب على الإقليم، وذلك بالتزامن مع تعزيز التعاون العسكري بين البلدين”.

تخوف أمني إسباني

وأكد المحلل السياسي والخبير في العلاقات الدولية، محمد شقير، أن إبداء هذه المخاوف كان من طرف أوساط محددة داخل إسبانيا، وبالأخص الأوساط الأمنية أو العسكرية، حيث أشار إلى أن هذه الأوساط أبدت تخوفاتها، ليس فقط من مسألة سبتة ومليلية، وإنما من خلال تسلّح المغرب واقتنائه مجموعة من الأسلحة المتطورة من طرف الولايات المتحدة الأمركية، مشددا على أن هذه التخوفات كانت دائمًا تُطرح من طرف هذه الأوساط التي تتابع بقلق أي تطور في المغرب سواء على الصعيد العسكري أو التنموي.

وأوضح شقير، في تصريح لجريدة “العمق” أن “هذا التخوف تصاعد بعد صعود دونالد ترامب للبيت الأبيض وإمكانية إعادة ما قام به بخصوص قضية الصحراء المغربية سنة 2020 والدفع بمساندة المغرب لاسترجاع سبتة ومليلية، مذكرا بتصريحات وزير الخارجية الإسباني التي أكد من خلالها على عمق العلاقات الاستراتيجية بين الرباط ومدريد.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن “التحذير داخل الأوساط الإسبانية من إمكانية فتح المغرب لقضية سبتة ومليلية ليس جديدا بل مرتبط بطبيعة هذه الأوساط التي تعتبر المغرب كمدافع وحتى كعدو إستراتيجي وأن أي تحرك يعتبر منافسا للمصالح الإسبانية”، مبرزا أن “التوجه الأمريكي يعمل مؤخرًا على مساندة المغرب والاعتماد عليه في استراتيجيته في القارة الإفريقية وهو الأمر الذي لا تنظر له إسبانيا، وفق تعبيره، بنوع من الترحاب”.

توجه الإدارة الأمريكية

وفي هذا الصدد، ذكر المحلل السياسي بتوجه الولايات المتحدة الأمريكية نقل “أفريكوم” إلى المغرب والتقارب العسكري والأمني بين الرباط وواشنطن، وهو الأمر الذي أدى، وفق تعبيره، إلى تخوفات خاصة في الأوساط الأمنية الإسبانية”.

وحسب الصحيفة الإسبانية، فإن ما يثير القلق في الأوساط الإعلامية والعسكرية بشأن إمكانية إقدام المغرب على خطوة لاسترجاع مدينتيه المحتلتين بدعم أمريكي، هو عدم إخفاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تحفظه تجاه حكومة بيدرو سانشيز منذ البداية.

ولفت التقرير إلى انتقاد ترامب لمستوى الإنفاق الدفاعي لإسبانيا، الذي وصفه بأنه “منخفض جداً”، مما أدى إلى إدراجها ضمن مجموعة “البريكس” (البرازيل، روسيا، الهند، الصين، وجنوب إفريقيا)، التي هددها بفرض “تعريفات جمركية بنسبة 100 في المائة، بالإضافة إلى إزالة الموقع الإلكتروني وصفحات التواصل الاجتماعي التابعة للبيت الأبيض باللغة الإسبانية، في خطوة اعتُبرت إشارة إلى تراجع الاهتمام الرسمي بإسبانيا والعالم الناطق بالإسبانية.

وذكر التقرير بما اعتبرته، “استبعاد ترامب لرئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز من أول جولة اتصالات له، حين أعطى وزير خارجيته، ماركو روبيو، الأولوية للمغرب، حيث تواصل هاتفيًا مع وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في وقت نشرت الرباط بيانا رسميا أكدت فيه على “الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية”.

في السياق ذاته، أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “سوسيوميتريكا” لصالح صحيفة “إل إسبانيول” أن 70.4% من الإسبان يشعرون بالقلق إزاء مستقبل مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، معربين عن خشيتهم من تحركات مغربية محتملة لاستعادتهما، خاصة في ظل التقارب المغربيالأمريكي الأخير.

الصحراء المغربية.. أولولية قصوى

شدد المحلل السياسي محمد شقير على أن قضية الصحراء المغربية تحظى بالأولوية القصوى داخل الأجندة المغربية، وبالتالي فليس من مصلحة الرباط، وفق تعبيره، فتح هذا الموضوع في هذا الوقت الحساس وخسارة موقف إسبانيا من قضية الصحراء، لا سيما بعد تطور العلاقة في الأشهر الأخيرة والاعتراف الصريح لمدريد برجاحة الموقف المغربي.

وفي السياق ذاته، أشار شقير إلى أن المغرب لا يمكنه أن يضع علاقاته بإسبانيا على كف عفريت خاصة أن البلدان يستعدان لتنظيم كأس العالم بشكل مشترك مع البرتغال سنة 2030، مبرزا أن الرباط ستفتح، عاجلا أو آجلا، في المدى المتوسط أو الطويل قضية سبتة ومليلية.

وذكر المتحدث ذاته أن “التوجه الأمريكي، أصبح يعطي أهمية كبرى للمغرب كقوة إقليمية مستقرة وكقوة يُعتمد عليها لإيجاد موقع أمريكي في إفريقيا، خاصة مع الانسحاب الفرنسي من مجموعة من المواقع الإفريقية”.

وتابع قائلا: “الأوساط الإسبانية ترى أن المغرب أصبح فاعلًا أساسيًا، وأصبحت الولايات المتحدة تعتمد عليه في إطار استراتيجياتها وساهم ذلك في تراجع الوضع بالنسبة لإسبانيا بشكل كبير، وفق تعبيره، مجددا التأكيد على أن الأوساط الأمنية والعسكرية بإسبانيا وبعض الجهات السياسية هي من طرحت هذا النقاش في الوقت الحالي”.

تكهنات غير واقعية

لم ينتظر المسؤولون الإسبان طويلا لنفي التقارير التي نشرتها وسائل إعلام إسبانية بخصوص اعتراف محتمل للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بمغربية مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، استغلالا للعلاقة الطيبة التي تجمع ترامب بالمملكة المغربية.

واعتبر وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، “هذا النقاش عبثيًا، مؤكدًا أنه لا يوجد أي قلق حقيقي داخل المدينتين، كما أن الطبقة السياسية المحلية لم تتفاعل مع هذه الادعاءات، ما يدل على أنها مجرد تكهنات غير واقعية تحركها دوافع غير واضحة”، على حد قوله.

وأكد أن العلاقة الجيدة بين الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب والمغرب لا تمثل أي تهديد أو تأثير سلبي على إسبانيا، خاصة فيما يتعلق بمدينتي سبتة ومليلية، مؤكدا أن “المغرب بلد صديق وشريك استراتيجي، والولايات المتحدة كانت ولا تزال الحليف الطبيعي لجميع الأوروبيين”.

وأشار إلى أن الوضع القانوني والإداري لسبتة ومليلية داخل إسبانيا واضح تمامًا للجميع، مؤكداً أن العلاقات مع المغرب قائمة على التعاون والاحترام المتبادل، مذكرا أن إسبانيا والمغرب اتفقا مؤخرًا على إعادة فتح الجمارك في مليلية وافتتاح معبر جمركي جديد في سبتة، وفقًا للتفاهمات الثنائية بين مدريد والرباط.

كما على أن التعاون بين البلدين يشمل ملفات الهجرة غير النظامية ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى تحقيق رقم قياسي في التبادل التجاري بلغ 25 مليار يورو، ما يعكس متانة العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وفق تعبيره.

كما خرج رئيس الحكومة المحلية لمليلية المحتلة، خوان خوسيه إمبرويدا، بتصريحات نفى فيها بشكل قاطع المعلومات الأخيرة التي تشير إلى وجود قلق مفترض في المدينة بشأن “المسيرة الخضراء” التي قد يروج لها المغرب.

ووفقًا لتصريحاته التي نقلتها صحيفة “الفارو دي مليلية” المحلية، فإن النقاش الإعلامي حول هذا “التهديد المحتمل” هو “اختراع” لا أساس له في الواقع المحلي، وأضاف إمبرويدا: “أنا رئيس المدينة ولا أشعر بأي قلق على الإطلاق. تحدثت مع زملائي ولم أسمع أيًا منهم يذكر قلقًا بشأن مسيرة خضراء، لا في الحانات ولا في المطاعم ولا مع الناس بشكل عام”، نافيًا بذلك التكهنات التي نشرتها صحيفة “الـ إسبانيول”.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *