الجيش يسيطر على أهم جسور الخرطوم وسط استعدادات لحسم معارك الفاشر

أعلن الجيش السوداني، اليوم الثلاثاء، بسط سيطرته من جهة واحدة على جسر المنشية الرابط بين الخرطوم ومنطقة شرق النيل في العاصمة، وسط استعدادات وتعزيزات عسكرية لمعارك فاصلة في الفاشر بإقليم دارفور.
وجاءت السيطرة على الجانب الشرقي من الجسر بعد معارك عنيفة خاضها الجيش مدعوماً بقوات درع السودان بقيادة اللوء أبو عاقلة كيكل، ضد قوات الدعم السريع. وأعاد الجيش السوداني خلال المعارك الاستيلاء على أحياء شرق النيل مثل أم دوم، والجريف شرق، ومستشفى شرق النيل، أكبر المشافي في المنطقة، إذ كانت تتخذه قوات الدعم السريع ثكنةً عسكرية.
وبالسيطرة على الجانب الشرقي من الجسر، يكاد الجيش والقوات المتحالفة معه يكملان السيطرة الكلية على منطقة شرق النيل، وهي واحدة من محليات سبع بولاية الخرطوم، ونشر قائد درع السودان مقاطع فيديو، آخرها أمام مستشفى شرق النيل لتأكيد تلك السيطرة.
من جهتها، أعلنت لجان مقاومة الديوم الشرقية (تنظيم شعبي) تزايد هجمات الدعم السريع على المواطنين ونهب منازلهم بالتزامن مع تقدم الجيش في جنوب شرق الخرطوم، داعية الجيش إلى سرعة التدخل وإجلاء من تبقى من المواطنين الذين يعانون من الهجمات الوحشية والممارسات العنيفة التي تطاولهم من المليشيات. وقالت اللجنة في بيان أمس الاثنين إن مقاتلي الدعم السريع يطلقون النار بعشوائية على المواطنين، وقتلوا المواطن إبراهيم محمد بطلقة قناص أمام منزله، ولم يستطع أحد الاقتراب منه بسبب وجود القناص في المنطقة.
وفي مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، أعلنت الفرقة السادسة التابعة للجيش، أن الدعم السريع أطلقت أمس الاثنين سرباً من الطائرات الانتحارية المُسيّرة على أحياء المدينة، لكنها لم تحقق أهدافها بعد التصدي لها من الدفاعات الأرضية، واصطدمت بالمباني دون أن تلحق أي أضرار بالقوات أو المواقع الحيوية.
وقالت الفرقة في تصريح صحافي اليوم الثلاثاء، إن “الدعم” قصفت أيضاً الأحياء الجنوبية للمدينة بأربعين قذيفة مدفعية عيار 120، ما أدى إلى إصابة أسرة مكونة من أربعة أفراد بجروح عميقة. وأضافت أن جنودها بإسناد مدفعي دمروا سبعَ مركبات قتالية، وأعطبوا عربتين شمال غربي الفاشر، وعثروا على مخزن ذخائر مخبّأ داخل بعض المباني بالجنوب الشرقي للمدينة. فيما قالت مصادر عسكرية إن الجيش والقوات المساندة له في الفاشر تلقوا تعزيزات جديدة، تمثلت بجنود وآليات استعداداً لمعارك فاصلة مع الدعم السريع من أجل كسر الحصار عن المدينة.
ومنذ أشهر، يحقق الجيش السوداني تقدماً واسعاً في العاصمة الخرطوم، بمدنها الثلاث، إذ استعاد كامل مدينة الخرطوم بحري وأجزاءً واسعة من أم درمان، ونجح في فك الحصار على مقر قيادته بوسط الخرطوم، واستعاد السيطرة الكلية على عدد من الجسور والكباري، وأعاد الاستيلاء على أحياء ومناطق جنوبيّ الخرطوم، واقترب لحد كبير من تحرير القصر الرئاسي ومنطقة الوزارات الرئيسة في وسط الخرطوم، كذلك يتقدم المحور الجنوبي بسلاح المدرعات في عدد من المناطق والأماكن الحيوية، آخرها تمركزه في كبري الحرية.
من جهة أخرى، أعلنت قيادة الفرقة 19 مشاة مروي التابعة للجيش، أنها تصدت لطائرات مُسيّرة تابعة للدعم السريع استهدفت في الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، مركز قيادة الفرقة ومنشآت سد مروي لإنتاج الكهرباء، شمالي السودان، وأوضحت الفرقة أن مضاداتها الأرضية تصدت للطائرات المُسيّرة، وأسقطت عدداً منها، ونجحت في عدم تمكينها من إحداث أضرار كبيرة.
وقالت شركة كهرباء السودان إن محطة مروي التحويلية أصيبت في هجوم بطائرات مُسيّرة تضرر على إثرها المحول المغذي للولاية الشمالية، وأضافت أن الاستهداف المتكرر لمحطات الكهرباء ينعكس سلباً على خدمات المواطنين في شهر رمضان، مبينة أن مهندسيها يعملون حالياً على تقييم الأضرار والعمل على إصلاحها وإرجاع التيار للمناطق المتأثرة.
حمدوك يطلق نداءً من أجل السلام
من جهة أخرى، أطلق رئيس الوزراء السابق، رئيس التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة، عبد الله حمدوك، نداءً جديداً من أجل السلام، وقدم مبادرة اقترح فيها عقد اجتماع مشترك عاجل بين مجلس السلم والأمن الأفريقي ومجلس الأمن، بحضور كل الأطراف السودانية، للتوصل إلى هدنة إنسانية ووقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار.
واقترح حمدوك في النداء مشاركة كل من قائدي الجيش والدعم السريع، وقائد الحركة الشعبية شمال فصيل عبد العزيز الحلو، وقائد حركة تحرير السودان عبد الواحد محمد نور، والقوى المدنية الديمقراطية، لاتخاذ خطوات أخرى بجانب وقف إطلاق النار، منها اتخاذ حزمة إجراءات لبناء الثقة وتهيئة المناخ لإنهاء الحرب، تتضمن الاتفاق على آليات مراقبة فعالة لوقف إطلاق النار، بما فيها نشر بعثة سلام إقليمية ودولية، وفتح ممرات آمنة لإيصال المساعدات الإنسانية عبر حدود السودان وداخل المناطق المتأثرة، وضمان حرية الحركة للمدنيين في أرجاء السودان كافة.
ودعا إلى الاتفاق على إنشاء مناطق آمنة خالية من الأنشطة العسكرية، وتوفير بيئة مناسبة للعيش الكريم، فضلاً عن وقف التصعيد الإعلامي بين الأطراف المتنازعة، وإطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين، ومناشدة جميع الأطراف الإقليمية والدولية للامتناع عن أي فعل يطيل أمد النزاع، بما في ذلك فرض حظر شامل على توريد السلاح لأطراف النزاع كافة، وضمان تجفيف موارد تمويل الحرب.
كذلك اقترح حمدوك في مبادرته التي بثها على صفحة التحالف المدني الديمقراطي، الدعوة إلى مؤتمر للمانحين الدوليين لسد فجوة تمويل الاحتياجات الإنسانية التي حددتها خطة الاستجابة الأممية، مع إطلاق عملية سلام شاملة ذات مصداقية، يقودها السودانيون، تهدف إلى إيجاد حل سياسي يخاطب جذور الأزمة، من بينها مسار سياسي بإطلاق حوار وطني يخاطب جذور الأزمة ويرسي سلاماً مستداماً في البلاد، وترتيبات دستورية انتقالية تنهض على توافق عريض واستعادة مسار ثورة ديسمبر في الانتقال المدني الديمقراطي، وإعادة بناء وتأسيس منظومة أمنية وعسكرية موحدة، مهنية، وقومية، بعيدة عن السياسة والاقتصاد، وإرساء عملية عدالة وعدالة انتقالية تحاسب على الانتهاكات وتحقق الإنصاف للضحايا.
كذلك اقترح رئيس الوزراء السابق تشكيل سلطة مدنية انتقالية ذات صلاحيات كاملة، تقود البلاد حتى الانتخابات، وتصفية آثار الحرب وإعادة إعمار السودان. وتعهد حمدوك بالتواصل مع الأطراف السودانية العسكرية والمدنية لمناقشة هذا النداء وما طرح فيه من أفكار، والتواصل مع القوى الإقليمية والدولية لحشد الدعم لتنفيذ هذه الخطوات، وطرح رؤية تفصيلية حول أسس إنهاء الحروب وتحقيق السلام المستدام وتأسيس الدولة السودانية على أسس ديمقراطية.
العربي الجديد
المصدر: صحيفة الراكوبة