جامع كتشاوة.. الشاهد على هولوكوست فرنسا

جامع كتشاوة تحفة معمارية تركية فريدة من نوعها، سمي بـ«كتشاوة” نسبة إلى السوق التي كانت تقام في الساحة المجاورة، وكان الأتراك يطلقون عليها اسم: سوق الماعز، حيث أن كلمة كتشاوة بالتركية تعني: عنزة؛ كيت: ساحة شاوا: عنزة.
ويعدّ جامع كتشاوة من أشهر وأكبر المساجد التاريخية بالجزائر العاصمة، بناه حسن باشا في العهد العثماني عام 1612م، وجرى توسيعه عام 1794م. ومع الاحتلال الفرنسي للجزائر، حوّله الدوق دو روفيغو إلى كنيسة تحت إمرة قائد الحملة الفرنسية دي بولينياك، حيث أخرج جميع المصاحف الموجودة فيه إلى ساحة الماعز المجاورة التي صارت تحمل فيما بعد اسم ساحة الشهداء، وأحرقها عن آخرها، فكان منظرا أشبه بمنظر إحراق هولاكو للكتب في بغداد عندما اجتاحها.
ثم قام الجنرال روفيغو بعد ذلك بتحويل الجامع إلى إسطبل، بعد أن قتل فيه من المصلين ما يفوق أربعة آلاف مسلم، كانوا قد اعتصموا فيه احتجاجا على قراره تحويله إلى كنيسة، وكان يقول: «يلزمني أجمل مسجد في المدينة لنجعل منه معبد إله المسيحيين»، ثم هدم المسجد بتاريخ 18/12/1832م.
وبعد استقلال الجزائر، وبالتحديد في 4 جمادى الآخرة 1382هـ الموافق 2 نوفمبر 1962م، تمّ إقامة صلاة الجمعة في جامع كتشاوة بالجزائر، وكان خطيبها العالم الجزائري الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، وكانت هذه هي الجمعة الأولى التي تقام في ذلك المسجد بعد مائة وثلاثين عاما من تحويل الاحتلال الفرنسي هذا المسجد إلى كنيسة.
والمشاهد لجامع كتشاوة يكتشف تعاقب الآثار على التي رمت عليه من بنائه وإلى يومنا هذا، منها جملة من الكتابات الرائعة التي تمتد بتشكيلها إلى الامتداد الثقافي الإسلامي، والتي تم فصلها في عام 1855م، حيث تم نقلها إلى متحف بفرنسا، واستبدلت بنقوش أخرى تعكس الواقع الثقافي الديني الفرنسي.