اخبار السودان

جريمة فض الاعتصام..اسألوا اللواء بحر السودانية , اخبار السودان

حيدر المكاشفي

 

جريمة فض الاعتصام..اسألوا اللواء بحر

حيدر المكاشفي

ولكن أين نجد اليوم اللواء بحر لنسأله عن دوره أو علاقته بتلك الجريمة القذرة البشعة، فالرجل راح ضحية حادثة طائرة أم درمان المشؤومة ضمن مجموعة من جنرالات الجيش وعدد من المدنيين، تلك الحادثة التي اختلف حول أسبابها ودواعيها الناس (سنأتي عليها)، فمن أين لنا باللواء بحر لنسأله الان وهو بين يدي ربه العزيز المقتدر غير الملكان منكر ونكير، أو كما جاء في حديث ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تزول قدم ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس عن عمره فيم أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم، وعن ابن عباس قال ثكلته أمه، وأنى له التوبة والهدى؟ والذي نفسي بيده ! لقد سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول ثكلته أمه، قاتل مؤمن متعمدا، جاء يوم القيامة آخذه بيمينه أو بشماله، تشخب أوداجه دما في قبل عرش الرحمن، يلزم قاتله بشماله بيده الأخرى يقول سل هذا فيم قتلني، وعليه تبقى مطالبة اللواء الفاتح عروة لنا بسؤال اللواء بحر عن جريمة فض الاعتصام مردودة عليه، وعليه ان يجيبنا هو عن جريمة فض الاعتصام بدلا من ان يحيلنا الى اللواء بحر الذي غادر الدنيا بأكملها، فاللواء عروة وبحسب افادته هو شخصيا في لقاء مبثوث وموثق أكد بأن لديه المعلومات الكاملة والحقيقية عن جريمة فض الاعتصام ومرتكبيها (الواضحين والمعروفين) على حد تعبيره، بيد أنه امتنع عن الادلاء بما يعلم بحجة ضعيفة هي أنه غير مخول بالحديث عن جريمة فض الاعتصام ولا صفة رسمية له، وهل يحتاج قول الحق وكشف الحقيقة ونصرة المظلوم الى تخويل أو صفة رسمية، فالساكت عن الحق شيطان أخرس، المهم أن عروة امتنع وتأبى وكتم الشهادة وأحالنا الى اللواء بحر بقوله أسألوا عنها اللواء بحر، (ولا أدري لماذا لم يقل أسألوا عنها نبيل أديب)، ولم يوضح عروة حتى مجرد علاقة اللواء بحر بجريمة فض الاعتصام أو دوره فيها، وهل هو ضالع فيها أم كان رافضا ومقاوما لها، صحيح أن للواء بحر رحمه الله وكل فقداء الطائرة علاقة بالجريمة القذرة، ولكن ماهي طبيعة وحقيقة هذه العلاقة، البعض يرى أنه ضالع فيها بل أنه كان المسؤول المباشر عن تنفيذ عملية الفض وعلى علم بكل تفاصيلها، بينما يرى بعض اخر أنه عارضها بعد أن عرضت عليه وكان رافضا لها، بل أن هذا البعض مضى الى أكثر من ذلك بالقول أنه وبسبب موقفه الوطني هذا الذي أدى الى اعفائه من الجيش رشحه البعض وقدموه لرئيس الوزراء د. حمدوك لشغل منصب والي ولاية الخرطوم، وأصحاب هذين الرأيين رغم اختلافهما حول علاقة اللواء بحر بجريمة فض الاعتصام، الا أنهم اتفقوا في تفسير سبب حادث الطائرة بأنه مدبر للتخلص من اللواء بحر باعتباره الصندوق الأسود لمجزرة فض الاعتصام والعالم ببواطنها وأسرارها، بينما عزا الجيش في بيانه المقتضب الذي أثار من الاسئلة أكثر مما قدم من معلومات، عزا الحادث للقضاء والقدر لعطل مفاجئ أصاب محركات الطائرة..الشاهد في كل هذه السرديات وغض النظر عن صحة هذه وكذب تلك، تبقى الحقيقة المجردة أن مجزرة فض الاعتصام ظلت تشكل البعبع المرعب لقيادة الجيش والدعم السريع معا ولكتائب الكيزان بحكم مسؤوليتهم المشتركة عنها، ولهذا دأب انقلابيو 25 اكتوبر 2021 بقيادة البرهان ومشايعييهم وحلفائهم من الفلول والكيزان، في تخطيط دائم و(حفر بالابرة) على حد قول البرهان قائد الانقلاب لتصفية ثورة ديسمبر ومن ثم طمر قضية فض الاعتصام الضالعين فيها، ومن كيدهم الذي سيرتد عليهم باذن الله، التعديل الذي أجروه مؤخرا على (بعاتي) الوثيقة الدستورية التي ذبحوها ودفنوها وأهالوا عليها التراب ثم عادوا ليبعثوها مثل البعاتي لخدمة أغراضهم، فقد عمدوا في هذه التعديلات لحذف البند السادس عشر من المادة الثامنة في الوثيقة البعاتية، الذي كان ينص في الوثيقة الدستورية على تشكيل لجنة تحقيق مستقلة في الانتهاكات التي وقعت خلال فض الاعتصام في 3 يونيو 2019. وتم استبداله بعبارة تنص على إنهاء الحرب وتقديم مرتكبي الجرائم ضد الشعب السوداني للعدالة وفقاً للقانون.وذلك بهدف تمييع قضية مجزرة فض الاعتصام بل وقتلها وتفريق دمها بين قبائل القضايا ولكن هيهات..
إن يوم الاثنين التاسع والعشرين من رمضان الموافق الثالث من يونيو عام 2019 سيظل هو يوم السودان الأكثر سوادا، وسيبقى محفورا فى ذاكرة الأجيال تجتره فى أسى جيلا بعد جيل، ذاك هو يوم فض الاعتصام المشؤوم، تلك الجريمة النكراء التي ستبقى وصمة لا تمحى وعارا لن يزول على القيادات العسكرية الذين احتمى بسوح قيادتهم العامة وأقاموا اعتصامهم حولها اولئك الشباب والشابات البواسل، ففي كل الأحوال لن تكون هذه القيادات بمنجاة من هذه الوصمة، فان لم يكن قرار فض الاعتصام من كيدهم وتدبيرهم فانهم على الأقل تقاعسوا عن حماية هؤلاء الشباب وغضوا الطرف وخلوا بينهم واولئك القتلة السفاحين، فمن العسير ابتلاع أي مبرر طالما أن تلك المجزرة والمقتلة وقعت أمام ناظريهم بل وبين ظهرانيهم، فما (حدس ما حدس) فى ذلك اليوم الأسود كان جريمة خطط لها المجرم بعناية وكان فى كامل الاستعداد والجاهزية بالسلاح والعتاد، بينما كان الضحايا سلميين ومسالمين عزل بل كانوا يستشعرون الأمان لكونهم فى استجارة قواتهم المسلحة، فتخير المجرم ساعة السحر حين كانوا نيام وهم صيام لتنفيذ جريمته البشعة الانتقامية الدموية الشيطانية بلا رحمة ولا وازع من دين ولا أخلاق، وكيف لا يفعل ذلك وهو في غاية الاطمئنان بعدم وجود من يتصدى له ويقارعه بالسلاح، وهذا ما يكشف أن هذه الجريمة لم تتم على عجل وانما بتخطيط وتنسيق وخطة محكمة وتأهيل وتهيئة للمنفذين حتى لا يرأفوا أو تأخذهم شفقة بالمعتصمين..وجريمة بكل هذه البشاعة والشناعة لن تنسى ولن تسقط أبدا ولن تطوى مهما حاولوا طيها ودغمستها والالتفاف عليها..

 

المصدر: صحيفة التغيير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *