“صفقات قطارات المونديال”.. المغرب يفتح باب الاستثمار أمام أسواق جديدة

في خطوة تعكس استراتيجية المغرب لتعزيز شراكاته الاقتصادية الدولية، وزع المكتب الوطني للسكك الحديدية صفقات اقتناء القطارات الجديدة على شركات فرنسية وإسبانية وكورية جنوبية. هذه الخطوة تفتح باب النقاش حول مدى نجاح المغرب في تحقيق توازن في علاقاته مع شركائه التقليديين والجدد، ومدى تأثير هذا التوجه على موقعه الاقتصادي إقليميا ودوليا.
وأعلن المكتب الوطني للسكك الحديدية، يوم الأربعاء المنصرم، عن إتمام إسناد الصفقات المتعلقة ببرنامج اقتناء قطارات جديدة، بغلاف إجمالي يصل إلى 29 مليار درهم، وذلك في إطار دورته الجديدة للتطوير التي تمتد أفقها إلى عام 2030.
وفي هذا السياق، تم إسناد ثلاثة صفقات للمقاولات التي تقدمت بأفضل العروض من حيث الجدوى والمزايا الاقتصادية، ويتعلق الأمر بصفقة اقتناء 18 قطارا فائق السرعة، والتي تم إسنادها إلى التجمع المكون من الشركة الفرنسية “ألستوم للنقل”، وشركة “ألستوم للسكك الحديدية المغرب/ ALSTOM Railways Maroc”.
أما صفقة اقتناء 40 قطارا للربط بين المدن فقد تم إسنادها إلى الشركة الإسبانية (كونستركسيونيس إي أوكسير دي فيريروكاريلوس)، بينما تم إسناد صفقة اقتناء 110 قطارات من نوع “RER” إلى الشركة الكورية الجنوبية (هيونداي روتم).
وتطرح صفقات اقتناء القطرات الجديدة استعدادا لمونديال 2030، أسئلة حول خلفيات وأبعاد التنويع في الشراكات، وعما إذا كان مجرد توزيع تقني للصفقات أم أنه يحمل أبعادا اقتصادية واستراتيجية أعمق تعزز من استقلالية المغرب وتوسيع خياراته التعاونية؟
في هذا السياق، أكد الباحث في مجال الاقتصاد السياسي، محسن الجعفري، أن إبرام المغرب صفقات لاقتناء 168 قطارا من شركات إسبانية وفرنسية وكورية جنوبية، يشير إلى تحول استراتيجي نحو التعاون مع دول شرق آسيا، لا سيما كوريا الجنوبية.
واعتبر الجعفري، في تصريح لـ “العمق” أن اختيار المغرب التعامل مع كوريا الجنوبية يعكس شراكة اقتصادية ناشئة، خاصة وأن قيمة المبادلات التجارية للبد الأسيوي تعادل 2 مليار دولار، وهو ما يعكس إدراك المغرب لضرورة تقليل الاعتماد على شركائه التقليديين في أوروبا، مثل فرنسا وإسبانيا، والتوجه نحو أسواق جديدة تمتلك مقومات تكنولوجية متقدمة.
الـONCF يكشف إقرأ أيضا: تفاصيل اقتناء 168 قطارا جديدا استعدادا لمونديال 2030
وأشار الجعفري إلى أن الصين لها أيضا علاقات قوية مع المغرب فرغم عدم فوزها بإحدى الصفقات إلا أنه لها استثمارات قوية في مجال صناعة السيارات والمجالات التكنولوجيا، ما يسهم في تعزيز الأمن الاقتصادي المغربي.
وأضاف المتحدث ذاته، أن الانفتاح على شركاء جدد يتيح للمغرب فرصة الاستفادة من نماذج اقتصادية ناجحة ونقل التكنولوجيا، خاصة أن هذه المشاريع تعتمد على كفاءات محلية، كما هو الحال في قطاع الطاقات المتجددة، حيث أثبتت الموارد البشرية المغربية جدارتها في هذا المجال.
ويعتبر الجعفري أن هذه الخطوات لا تعني التخلي عن الشركاء الأوروبيين، بل تأتي في سياق تعزيز العلاقات معهم بالتوازي مع الانفتاح على شركاء جدد، مثل كوريا الجنوبية، التي تمثل نموذجا اقتصاديا ناجحا، ما سيمكن المغرب من استقطاب التكنولوجيا والمعرفة التقنية، مما يعزز قدرته التنافسية في مختلف القطاعات الاقتصادية.
جدير بالذكر، أنه بالموازاة مع متطلبات المكتب الوطني للسكك الحديدية، تتضمن هذه الصفقات التزامات بالتعويض الصناعي مع تطوير الأنشطة الصناعية في المغرب من أجل دعم المنظومة الصناعية الوطنية للسكك الحديدية، بما في ذلك إنشاء مصنع محلي لصناعة قطارات القرب، وذلك بغية تطوير طموح التصدير للقطارات على المدى المتوسط والطويل.
وعلى صعيد متصل، سيقوم المكتب والمقاولات المصنعة المختارة بإبرام شراكات لصيانة القطارات التي تم اقتناؤها على مدار عدة سنوات. وقد تمت أيضا مواكبة إسناد هذه الصفقات بتمويلات ميسرة للغاية من قبل شركاء دول المنشأ، التي تغطي المبلغ الكامل للصفقات.
المصدر: العمق المغربي