اخبار المغرب

وسط تراجع الأسعار.. إلغاء الأضاحي يفتح أفواه الكسابة للاستفادة من إعانات حكومية

أهاب الملك محمد السادس، يوم الخميس الماضي، بالشعب المغربي عدم القيام بشعيرة ذبح الأضحية خلال عيد الأضحى هذا العام، في ظل التحديات المناخية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي أدت إلى تراجع كبير في القطيع الوطني.

في هذا السياق، حمل مصطفى مول الضهرة، المسؤول في النقابة الوطنية للقطاع الفلاحي بمنطقة دكالة، وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات مسؤولية الأزمة، لأنها لم تكن استباقية في التعامل مع تراجع القطيع الوطني. وقال: “لقد حذرنا كثيرًا من تراجع القطيع الوطني، لكن لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة في الوقت المناسب”.

وأشار إلى أن سنوات الجفاف المتتالية، خاصة في مناطق مثل دكالة والرحامنة، أدت إلى تدهور كبير في الثروة الحيوانية، حيث اضطر العديد من الفلاحين إلى بيع إناث المواشي للذبح بدلاً من الحفاظ عليها لتربية الأجيال المستقبلية.

واعتبر مول الضهرة، في تصريح لجريدة “”، أن القرار الملكي “وجيه لإنقاذ القطيع الوطني، لكنه سيشكل ضربة قاضية لعدد كبير من الفلاحين والكسابة الذين يعولون على العيد للاسترزاق”، موضحًا أن ثمن الماشية تراجع بنسبة 50%، أمس الخميس، في مناطق دكالة.

وأكد في تصريحه أن العديد من الفلاحين والكسابة اقترضوا أموالًا لشراء المواشي وتحضيرها للبيع خلال موسم العيد، مشيرًا إلى أن إلغاء شعيرة الذبح سيترك هؤلاء في وضع اقتصادي صعب. وأضاف أن “إحصاء هذه الفئة الكبيرة وتعويضها أمر بالغ الأهمية، وكان يتعين على وزارة الفلاحة أن تبادر باتخاذ خطوات ناجعة منذ السنة الماضية على الأقل لإصلاح ما يمكن إصلاحه”.

وشدد على أن القرار الملكي بإلغاء شعيرة الذبح يعد خطوة ضرورية لحماية الثروة الحيوانية، مشيرًا إلى أن نجاح هذا القرار مرهون بتوفير تعويضات عاجلة للفلاحين والكسابة المتضررين، وإعادة هيكلة السياسات الفلاحية لضمان استدامة القطاع وحماية الأمن الغذائي للمغرب.

ولفت المسؤول النقابي إلى أن القرار الملكي، رغم أهميته ووجاهته، يجب أن يكون مصحوبًا بإجراءات حكومية عاجلة لدعم الفلاحين والكسابة المتضررين. وقال: “إن الدولة مطالبة اليوم بتوفير تعويضات عاجلة لهذه الفئة، التي تعتمد بشكل كبير على موسم العيد لتأمين دخلها السنوي”.

من جهة أخرى، أشار مول الضهرة إلى أن سياسات وزارة الفلاحة في السنوات الماضية لم تكن كافية لحماية القطيع الوطني، منتقدًا اعتماد الوزارة على استيراد الأغنام، الذي لم يُسهم في تحسين أوضاع الكسابة الصغار، بل خدم مصالح رجال الأعمال والمستثمرين الكبار. وشدد على أنه “كان من المفترض أن يتم توجيه الأغنام المستوردة لدعم الفلاحين الصغار، وليس لخدمة الفنادق الفاخرة والمناسبات الكبرى”.

وحذر من أن استمرار إهمال قطاع الفلاحة والكسابة سيؤدي إلى تفاقم الأزمة، مشيرًا إلى أن تراجع القطيع الوطني ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل يشكل تهديدًا للأمن الغذائي الوطني. ودعا إلى إعادة النظر في السياسات الفلاحية، مع التركيز على دعم الفلاحين الصغار وضمان وصول الدعم إليهم بشكل مباشر.

مراجعة السياسة الفلاحية

في سياق متصل، أكد نائب الكاتب العام للجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي، المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، إدريس عدة، أنه ليس من المنتظر اليوم تقييم السياسة الفلاحية التي “أثبتت فشلها بالملموس، بل السعي نحو توجيه السياسة الفلاحية للدفاع عن السيادة الوطنية الغذائية والتأسيس لمنظور وطني قوامه إصلاح زراعي شامل وديمقراطي، والتخلي عن المنظور الرأسمالي”.

وأضاف عدة ضمن تصريح سابق للجريدة، أن سؤال السيادة الغذائية في المغرب أصبح يشغل المواطنين، وليس فقط الخبراء أو المهتمين بالقطاع الفلاحي. مشيرًا إلى أن المغرب يعيش حاليًا “أزمة غذائية حقيقية”، سواء فيما يتعلق بالمنتجات البحرية أو الزراعية، مسجلاً أن “هذه الأزمة تعكسها أسعار المواد الغذائية في الأسواق التي ارتفعت بشكل ملحوظ، بالإضافة إلى ارتفاع كبير وغير مسبوق في واردات المواد الغذائية، ونسب البطالة المرتفعة”.

وأشار عدة إلى أن هذه الأزمة لها جانب آخر مرتبط بصحة الغذاء، حيث يطرح الإنتاج الفلاحي التصديري وتسويق المواد الغذائية في الأسواق العديد من الأسئلة حول مدى جودتها وصحتها، موضحًا أن “الأمن الغذائي لا يعني فقط توفير الغذاء بكلفة مناسبة، بل يتطلب أيضًا ضمان صحته وجودته”.

ويرى عدة أن السياسة الفلاحية المتبعة في المغرب قد تخلت عن الأمن الغذائي لصالح الفلاحة التصديرية منذ عام 2008، رغم ما تدعيه من شعارات مغايرة. لافتًا إلى أن الموارد المالية الكبيرة التي تم تعبئتها لهذا القطاع تم توجيهها للفلاحة التصديرية، مما أدى إلى نقص في المنتجات الطازجة في السوق المحلية، وإن وجدت فهي بأسعار مرتفعة جدًا.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن هذا النهج الفلاحي “لم يحافظ أيضًا على فرص العمل، حيث فقدت مئات الآلاف من الوظائف في العالم القروي، خصوصًا في النشاط الفلاحي، بالإضافة إلى التأثيرات السلبية على البيئة، خاصة فيما يتعلق باستنزاف الموارد المائية”.

وسجل المسؤول النقابي أن السياسات الحالية “أثبتت فشلها بوضوح، إذ يشهد المواطن المغربي يوميًا ارتفاعًا مستمرًا في أسعار اللحوم، الخضروات، الحبوب، والقطاني”. مؤكدًا أن المغرب يحتاج إلى سياسة فلاحية جديدة تتخلى عن النهج الرأسمالي التبعي، وتركز على الفلاحة الأسرية والمعاشية، التي من شأنها حماية السيادة الغذائية الوطنية.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *