اخبار المغرب

عبد الإله “مول الحوث”: رمز المقاومة والتضامن في مواجهةالجشع و الاحتكار

قضية عبد الإله، المعروف بـ “مول الحوث” في مراكش، ظاهرة مثيرة تستحق المتابعة والتحليل المتأني والرصين نظرا لأهميتها الرمزية باعتبارها تجليا مختلفا للتدافع القيمي في المجتمع المغربي بين قيم السوق الوافدة والمتغلغلة في النسق التجاري والاقتصادي عموما وبين القيم التضامنية الاصيلة والراسخة في الموروث التاريخي للمجتمع النغربي وراسماله الاجتماعي و ثقافته ودينه .

1/ عبدالاله ورمزية التمرد على قيم السوق ونظامه البراغماتي التحكمي
على الرغم من أن تأثيرعبد الإله مول الحوث المباشر على السوق وقيمه ونسقه التحكمي قد يكون محدودًا وبسيطا ، إلا أنه من الناحية الرمزية والقيمية ربمايكون قد شكل تهديدا ملحوظا باعتباره دعوة إلى اعادة تشكيل مفاهيم وقيم السوق بطرق مغايرة لما هو سائد. ظاهرة عبد الإله تبرز الصراع والتقابل بين خيار التضامن مع الفقراء في مجال التجارة وبين مصالح اللوبي الرأسمالي. كما تسلط الضوء على التحديات التي قد يواجهها الأفراد الذين يحاولون تحدي النظام الاقتصادي القائم على لوبيات الاحتكار والتحكم في الاسعار (الوسطاء)

ولعل هذا ما جعل لوبي وسطاء التحكم والاحتكار يرى في ظاهرة عبد الإله تهديدًا مباشرًا لمصالحه، ومن هنا نفهم لماذا قد يكون استخدم نفوذه للضغط لإغلاق محله باستخدام القوانين كوسيلة لتقييد عمل عبد الإله، حتى لو كانت تُطبق بشكل انتقائي.

2/التأثير الرمزي للظاهرة:
تتجلى الخطورة الرمزية لظاهرة عبد الإله مول الحوت في الزخم الإعلامي الذي صاحبها حيث عرفت انتشارا ومتابعة كبيرة إعلاميا( اكتر من تمانية ملايين متابع ) والزخم الاعلامي الممتد تجاوز بكثير تهديد الظاهر ة الواقعي
رمزية ممانعة اللوبي الرأسمالي:
تحول عبد الإله الى شخصية رمزية تعكس استياءً شعبيًا واسعًا من الممارسات التحكمية الاحتكارية السائدة في التجارة ، ووعيا بتهديد مصالح اللوبي الرأسمالي الذي يعتمد على الأرباح العالية من خلال التحكم في الأسعارعلى المستهلك خاصة الفئات الفقيرة والهشة .

رمزية المرافعة لرفع الوعي العام:
يعث عبد الإله مول الحوت برسالة قوية مفادها أن التغيير ممكن حتى في مواجهة قوى السوق الكبيرة.وذلك عبر مرافعة منظمة وقوية وممتدة إعلاميا ومن قلب ميدان السوق بشخصيته المراكشية وأسلوب الجذاب والمنفتح مما اسهم في زيادة الوعي حول قضايا الاحتكار والفساد،

رمزية المقاومة:
* عبد الإله أصبح رمزًا للمقاومة ضد الاحتكار وضد ممارسات السوق التي تضر بالفقراء.من خلال تحديه للأسعار المرتفعة ونمط السوق السائد، وقد تكون قصته ملهمة للعديد من الناس، ليس فقط في مراكش ولكن في جميع أنحاء المغرب،متى بدأ آخرون في التفكير في كيفية تطبيق نهجه.

رمزية توفير بدائل:
من خلال بيع السمك بأسعار منخفضة، قدم عبد الإله بديلًا للسوق التقليدي، ومعلوم ان اقتراح البدائل يشكل تهديدًا رمزيا قويا للتجار الذين يعتمدون على الأرباح الكبيرة من خلال الاحتكار أو المضاربة في الأسعار.
*رمزية التضامن الشعبي:* على الرغم من ممانعة اللوبي الرأسمالي، فإن دعم واستجابة فئات واسعة من المغاربة بما فيهم رموز مغربية التي رأت في عبدالاله رمزًا للتضامن مع الفقراء ورمزا للتاجر المغربي الذي يستحضر في ممارسه التجارية قيم التضامن والتراحم والرفق والسماح ..المغربية العميقة ورمزا للكفاح ضد الظلم الاقتصادي.
وقد حضي عبد الاله بدعم حتى من عدد من المنتجين ( ارباب سفن الصيد) والذي قد يعكس استياء المنتج من نسق الوسطاء المتحكم .
3/التأثير القيمي: إعادة تشكيل قيم التجارة في الوعي الشعبي :
روج عبد الإله مول الحوت لجملة من القيم التجارية الأصيلة التي تقع في النقيض من قيم السوق الراسنالي .
ورغم أن التمكين لقيم التجارة الأصيلة الاخلاقية في السوق الراسمالي المعولم غاية مستبعد تحققها راهنا بشكل جماعي مجتمعي الا أن عبد الإله اختط نهج الالتزام الفردي الذي قد لا يبدو مؤثرا في النسق الكلي ولكنه اذا ما شاع وانتشر وتمدد يمكن أن يحدث في النسق الكلي تغييرات مؤثرة وفاعلة ونوعية .
ومن القيم التي روجت لها مرافعة وممارسة مول الحوث نذكر ما يلي:
قيمة التضامن التجاري: بمعنى مساعدة الفقراء من خلال توفير السلع بأسعار معقولة. هذا النهج يعيد تعريف مفهوم التاجر حيث يكون التركيز على ادواره الاجتماعية التضامنية
قيمة القناعة والربح المعقول:: عبد الإله يقدم نموذجًا للربح المعقول الذي يراعي الفقراء، بدلاً من السعي وراء الأرباح الكبيرة على حساب المستهلكين. هذا النهج يعيد تعريف مفهوم النجاح في الأعمال التجارية، حيث يكون التركيز على خدمة المجتمع بدلاً من مجرد تحقيق الأرباح.
قيمة تفادي الديون ووسطاء السوق:
من خلال تجنب شبكة الوسطاءو تفاديضغطهم
بتجنب التسوق بالدين يقدم عبد الإله نموذجًا بديلًا للتجارة حيث يتم تقليل التكاليف وزيادة الشفافية. هذا النهج يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على السوق من خلال تشجيع المزيد من الشفافية والعدالة.

الخلاصة:
ويبقى الجميل في هذه الظاهرة هو انها تسلط الضوء على أهمية المبادرة الفردية في الالتزام بقيم التضامن والتراحم والقناعة في مواجهة الاحتكار والفرداتية والاثرة، وعلى دور الإعلام في تعزيز الوعي العام ودعم التغيير الاجتماعي.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *