اخبار المغرب

“إنذار فرنسا” يثير سعار الجنرالات .. وباريس تلوح بإلغاء اتفاقيات الهجرة مع الجزائر

منذ زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى المغرب، والتي جدد خلالها التأكيد على مغربية الصحراء، شهدت العلاقات بين الجزائر وفرنسا تصاعدا ملحوظا في التوترات. إذ رفع النظام الجزائري من حدة هجومه على باريس، رافضا الاستجابة لمطالبها المتعلقة بإعادة الجزائريين المطرودين، ما أضاف طبقة جديدة من الاستفزازات والاحتكاك بين الطرفين.

ووجهت السلطات الفرنسية إنذارا إلى نظيرتها الجزائرية، مطالبة إياها بإعادة قبول “قائمة الطوارئ” للأشخاص المطرودين، مهددة بإعادة النظر في الاتفاقيات الثنائية إذا لم تتم الاستجابة. وفي المقابل، ردت وزارة الشؤون الخارجية الجزائرية يوم الخميس 27 فبراير، برفض قاطع لـ”الإنذار الفرنسي” المتعلق بإعادة قبول رعاياها المطرودين من الأراضي الفرنسية.

ويأتي الإنذار الفرنسي في وقت حساس عقب الهجوم المميت الذي وقع في مدينة “مولهاوس” في 22 فبراير، والذي نفذه مواطن جزائري كان قد تم رفضه عدة مرات من قبل السلطات الجزائرية رغم أنه كان تحت أمر مغادرة الأراضي الفرنسية. وقد شكل هذا الحادث نقطة تحول في الموقف الفرنسي، حيث أعلن رئيس الحكومة الفرنسية، فرانسوا بايرو، عن رغبة باريس في “إعادة فحص” كافة الاتفاقيات الثنائية بين البلدين في غضون 4 إلى 6 أسابيع.

ووفقا لتقارير فرنسية، فإن جوهر الخلاف يكمن في تصاعد المطالب الفرنسية بتطبيق الجزائر اتفاقيات الهجرة بشكل أكثر فعالية، خصوصا فيما يتعلق بإعادة قبول الأشخاص المطرودين من فرنسا. وقد أعلنت الجزائر في بيانها رفضها القاطع لهذه الضغوط، مؤكدة أن الأزمة الحالية ليست من صنعها، بل هي نتيجة لرفض الحكومة الفرنسية الوفاء بالالتزامات المتفق عليها في هذا الصدد.

وأضافت المصادر ذاتها أن الاتفاقيات الثنائية التي تم توقيعها في 1968 بين فرنسا والجزائر، والتي تنظم شؤون الهجرة والعمل والإقامة لمواطني الجزائر في فرنسا، تعد حجر الزاوية للعلاقات الثنائية بين البلدين في هذا المجال. وقد تم التوقيع عليها في وقت كانت فيه الجزائر بحاجة إلى توفير اليد العاملة في فرنسا، مقابل منح مواطنيها وضعًا قانونيًا خاصًا. وكان الهدف من الاتفاقيات تسهيل تدفق العمالة إلى فرنسا وتحقيق مصالح اقتصادية مشتركة.

لكن مع مرور الوقت، أصبح هذا الاتفاق يعكس تعقيدا في العلاقات بين البلدين، خاصة مع التغيرات السياسية والاجتماعية في الجزائر وفرنسا على مر السنين. وبحسب صحف فرنسية، فمنذ توقيع الاتفاقيات، تم إجراء مراجعات عدة لها، في سنوات 1985 و1994 و2001، ولكنها لم تحل جذريا القضايا التي تطفو على السطح من وقت لآخر، مثل مشكلة إعادة قبول المطرودين.

ويرتبط التوتر بين البلدين بعدة قضايا سياسية حساسة، أبرزها الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، وتداعيات قضية الكاتب الجزائري بوعلام سنصال، وكذلك الخلافات حول موقف باريس من عدد من القضايا الداخلية الجزائرية. كما شهدت الفترة الأخيرة تصعيدا كبيرا في المواقف، سواء على صعيد التصريحات الرسمية أو على مستوى الأحداث الميدانية.

ويبدو أن العلاقة بين البلدين وصلت إلى نقطة الانفجار بعد الحادث الأخير في مولهاوس، حيث برزت الإشكاليات المتعلقة بتطبيق الإجراءات القانونية بشأن الأشخاص الذين تم رفضهم من قبل السلطات الفرنسية. ووسط هذا المناخ المتوتر، تزايدت الأصوات في باريس التي تطالب باتخاذ إجراءات أكثر صرامة حيال الجزائر، بما في ذلك إمكانية إلغاء الاتفاقيات الهجرية أو على الأقل تعديلها لتتناسب مع المعطيات الحالية.

ويعكف المسؤولون الفرنسيون على دراسة كافة الخيارات المتاحة، بما في ذلك إعادة الفحص أو المراجعة أو حتى إلغاء الاتفاقيات بشكل كامل. بينما يركز البعض على أهمية “إعادة الفحص”، الذي يعد بمثابة تقييم عام للاتفاقيات دون أن يعني بالضرورة إدخال تعديلات كبيرة، يرى آخرون أن “المراجعة” قد تكون هي السبيل الأنسب لتغيير بعض بنود الاتفاقيات، بما يتماشى مع المصالح الفرنسية الجديدة في هذا الملف.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *