اخبار المغرب

إلغاء شعيرة النحر.. قرارات ملكية استثنائية لمواجهة الظروف الصعبة

عبر العديد من المغاربة، كما العديد من الهيئات السياسية والمدنية، عن ترحيبهم بتوجيه الملك محمد السادس بعدم القيام بشعيرة النحر خلال عيد الأضحى هذا العام. وتعد هذه الخطوة الملكية الرابعة من نوعها في المغرب منذ الاستقلال، إذ سبق للراحل الحسن الثاني أن ألغى هذه الشعيرة ثلاث مرات.

تراجع القطيع

وأهاب الملك بالشعب المغربي بعدم القيام بشعيرة النحر خلال عيد الأضحى لهذا العام، وذلك استحضاراً للتحديات المناخية والاقتصادية التي تمر بها البلاد، والتي أدت إلى تراجع القطيع الوطني.

وقال الملك، في رسالة تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، “سنقوم إن شاء الله تعالى بذبح الأضحية نيابة عن شعبنا وسيراً على سنة جدنا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، عندما ذبح كبشين وقال: “هذا لنفسي وهذا عن أمتي”.

وتأتي خطوة الملك محمد السادس لهذا العام في سياق يطبعه الجفاف وارتفاع أسعار اللحوم الحمراء وغلاء الأعلاف والكلأ. كما تأتي في وقت اعترف فيه وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات بتراجع القطيع الوطني بنسبة 38%.

هذا النقص في أعداد القطيع الوطني دفع الحكومة إلى دعم استيراد الأغنام من الخارج لسنتين متتاليتين، وذلك بدعم كل رأس بـ 500 درهم، ناهيك عن الإعفاء من الرسوم الجمركية، لكن مع ذلك ظل الغلاء سيد الموقف في سوق المواشي واللحوم الحمراء.

“الكارثة الوطنية”

قبل اليوم بحوالي ثلاثة عقود، اتخذ الملك الراحل الحسن الثاني خطوة مشابهة عندما أعلن إلغاء القيام بشعيرة النحر خلال عيد الأضحى، ورغم أن الخطوة جاءت بسبب الجفاف وتأزم الظروف الاقتصادية، إلا أنها جاءت في سياق مختلف عن سياق اليوم.

ففي سنة 1996، وجه الملك الحسن الثاني الشعب المغربي إلى إلغاء شعيرة النحر في العيد، نظراً لتعاقب موجات الجفاف التي بلغت ذروتها سنة 1995، حيث وصف الوضع آنذاك بـ”الكارثة الوطنية”.

وقال الحسن الثاني، في رسالة تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية آنذاك، عبد الكبير العلوي المدغري، “لقد أمعنا النظر هذه الأيام الأخيرة فيما ينبغي توفيره لإقامة عيد الأضحى المبارك هذه السنة، وما يتبع ذبح الأضاحي من آثار على اقتصادنا الوطني”.

واسترسل قائلاً: “فوجدنا أن الأمر يتطلب توفير ما يقرب من أربعة ملايين وسبعمائة ألف رأس من الغنم لهذه المناسبة السعيدة، بينما عدد الرؤوس المتوفرة حالياً لا يتعدى ثلاثة ملايين رأس، فالخصاص يبلغ بذلك مليوناً وسبعمائة ألف رأس، سيكون علينا استيراده بالعملة الصعبة”.

“هذا بالإضافة إلى ما سيحدث بعد العيد من نقص هائل بالنسبة لحاجيات البلاد من اللحوم، مما سيؤدي إلى ارتفاع أسعارها، وهذا كله بسبب سنوات الجفاف الأخيرة التي مرت ببلادنا، والتي جعلتنا نعلن السنة المنصرمة سنة كارثة وطنية”، يضيف الحسن الثاني.

شهداء الكوميرا

وفي سنة 1981، ألغيت شعيرة النحر أيضاً، وذلك عندما اتخذ الحسن الثاني القرار، نتيجة للجفاف الحاد الذي اجتاح المغرب وتسبب في نفوق عدد كبير من الماشية، وهو الجفاف الذي تزامن مع ارتفاع الأسعار، ما تسبب في احتجاجات عارمة.

وقبل موعد عيد الأضحى في سنة 1981 ببضعة أشهر، اندلعت احتجاجات شعبية عارمة بمدينة الدار البيضاء راح ضحيتها العشرات من القتلى، وهو ما عرف بـ”شهداء الكوميرا”. وجاءت الاحتجاجات رداً على إعلان حكومة الراحل المعطي بوعبيد زيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية.

وكانت الكونفدرالية المغربية للشغل قد دعت لشن إضراب عام في البلاد يوم 20 يونيو 1981 احتجاجاً على قرار حكومة بوعبيد. وبعد نجاح الإضراب بمدينة الدار البيضاء، تدخلت قوات الأمن لتفريق التجمعات، ما أدى إلى اندلاع مظاهرات في مختلف أحياء المدينة، فواجهها الجيش بالعنف والاعتقالات.

حرب الرمال

لكن المرة الأولى بعد الاستقلال، التي اتخذ فيها المغرب قراراً بإلغاء شعيرة النحر في عيد الأضحى، كانت في سنة 1963 في عهد الراحل الحسن الثاني أيضاً، وذلك بعدما اتخذ قراراً بإلغائها بسبب “حرب الرمال” التي دارت بين المغرب والجزائر.

وعرفت سنة 1963 اندلاع حرب بين المغرب والجارة الشرقية، استمرت لعدة أيام، قبل أن تضع أوزارها إثر وساطة الجامعة العربية ومنظمة الوحدة الأفريقية. وكانت هذه المواجهة العسكرية بسبب مطالبة المغرب باسترجاع منطقتي تندوف وبشار، بعدما ضم الاستعمار الفرنسي سنة 1950 للأراضي الجزائرية.

وأقرت الجزائر، في اتفاق مع المغرب سنة 1961، بوجود مشكل حدود مع المغرب، الذي كان يدعم ثورتها ضد الاستعمار الفرنسي، وتعهدت ببدء مفاوضات لحله بعد استقلالها.

وبعد استقلال الجزائر سنة 1962، أكد أول رئيس لها أحمد بن بلة، أن التراب الجزائري “جزء لا يتجزأ”. لكن الحسن الثاني عند زيارته للجزائر سنة 1963، ذكر الجزائر بالاتفاق الذي وقعته بشأن حل إشكالية الحدود التي خلفها الاستعمار.

بعد ذلك اندلعت مواجهات إعلامية بين البلدين، قبل أن تتطور الأحداث وتتسارع، إذ هاجم الجيش الجزائري منطقة حاسي بيضا وقتل عناصر من الجيش المغربي، لتندلع بعد ذلك بمدة قصيرة مواجهات عسكرية بين الطرفين عرفت بـ”حرب الرمال”.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *