تغييرات جذرية في الاستخبارات الإسرائيلية.. دراسة العربية والإسلام

من المتوقع أن تشهد شعبة الاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال الإسرائيلي، تغييرات جذرية في الفترة المقبلة، تجعلها “عربية” أكثر ومتشككة أكثر حيال السيناريوهات العسكرية والهجمات المحتملة، وذلك في ضوء نتائج التحقيقات التي خلص إليها جيش الاحتلال بشأن هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 الذي شنته المقاومة الفلسطينية على مواقع عسكرية ومستوطنات في محيط قطاع غزة.
وتهدف التغييرات إلى جعل قسم الاستخبارات أكثر تواصلاً مع الواقع وأكثر تنوعاً وإدراكاً للغة العربية، والأهم من ذلك، أكثر تشككاً. ومن المتوقع أن يبدأ جيش الاحتلال، خلال الأسبوع المقبل، عرض نتائج التحقيقات التي أجراها، على الجمهور. وتعتبر هذه التحقيقات من أهم التحقيقات التي أجراها وأصعبها، وتتعلق بالفشل الاستخباري وأداء شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” في السنوات التي سبقت الحرب، وكذلك الساعات التي سبقت عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة حماس.
واكتمل التحقيق قبل عدة أشهر، فيما كشفت إذاعة الجيش الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، عن بعض النتائج والدروس التي خلص إليها، وعن تغييرات جذرية في إطار استخلاص العبر. وخرجت “أمان” من أحداث 7 أكتوبر متضررة كثيراً، ومنذ ذلك الحين وضعت نصب عينيها إصلاح الأضرار وتعلّم الدروس. ومن بين التغييرات الرئيسية، تعزيز كبير لتعليم اللغة العربية والدين الإسلامي في مختلف أقسام الاستخبارات العسكرية.
ويقرّ مسؤولون في “أمان” بأنّ هذه المجالات قد أُهمِلَت على مرّ السنين في أجزاء واسعة من شعبة الاستخبارات. وباستثناء مختصي اللغة، لم يتعامل جميع أصحاب المناصب الأخرى مع هذه المواضيع بجدية، ولذلك يكمن أحد التغييرات الكبيرة في زيادة دراستهم العربية بشكل كبير. ووفقاً للرؤية الجديدة، سيخضع الباحثون في الوحدة 8200، وضباط الاستخبارات في الألوية والكتائب، حتى العاملون في مجال السايبر، لتأهيل في مجالات الإسلام والثقافة، خلال فترة زمنية قصيرة.
تعزيز دور الجواسيس في الاستخبارات
أما النقطة الثانية التي تشدد التحقيقات عليها، فهي استخدام مصادر استخبارية إضافية، بحيث لا يكون الاعتماد على التنصّت والسايبر فقط، وذلك مع مشاركة المعلومات بين الجهات المختلفة داخل شعبة الاستخبارات، عبر التواصل بين المحلل الذي يحلل صور الأقمار الصناعية، ومختص السايبر ومشغّل العملاء الجواسيس. ويعود السبب في هذه التغييرات إلى عاملين استخباريين ضعفا كثيراً في السنوات الأخيرة، هما الاستخبارات البشرية وتشغيل العملاء.
ويتضح من التحقيق أنه حتى 7 أكتوبر لم تشغّل الوحدة 504 أي عميل في قطاع غزة، وكان ذلك حصراً من اختصاص جهاز الأمن العام “الشاباك” حصراً. وفي أعقاب الحرب، بدأت الوحدة بتشغيل عملاء في قطاع غزة. كذلك غابت عن المخابرات العسكرية الاسرائيلية، الاستخبارات التي تعتمد على المصادر المكشوفة والعلنية، من قبيل ما قاله زعيم حركة حماس الذي اغتالته إسرائيل في الحرب الحالية يحيى السنوار، في خطابه الأخير قبل الحرب، أو ما يكتبه سكان غزة على وسائل التواصل الاجتماعي.
قبل بضعة أعوام أُغلقت الوحدة التي كانت تعمل في هذا المجال، وهي وحدة “حتصيف”، وفي هذه الأيام تفتح شعبة الاستخبارات العسكرية وحدة جديدة بدلاً منها. ويشير التحقيق الإسرائيلي إلى أن تقارير المراقبات العسكريات وبلاغاتها في فرقة غزة، وكذلك تقارير جنود جمع المعلومات في الوحدات القتالية، لم تصل كفايةً إلى القيادة العليا ولا إلى قادة “أمان”، ولم تُعرض في تقييم الوضع الاستخباري. وفي إطار التغييرات المستقبلية في شعبة الاستخبارات، تجري دراسة إمكانية وضع ضباط في غرف المراقبة في كل واحدة من المناطق.
كذلك سيُفعَّل محققون في مجال الاستخبارات، بحيث يكونون القوة النشطة والفاعلة على الأرض، وسيربطون بين المعلومات الاستخبارية التي يرونها بأعينهم، وتدفق المعلومات من مصادر أخرى. وخلص التحقيق أيضاً إلى نتائج تعود على نفسها منذ عام 1973، التي تتعلق بالقسم الذي يُعنى بالاحتمالات العكسية والمشككة بالتقديرات الاستخبارية والتقييمات السائدة، بحيث يفترض أن العكس هو الصحيح. ويكشف التحقيق أن هذا القسم التابع لشعبة الاستخبارات العسكرية، كان يتألف من شخصين فقط في 7 أكتوبر، وكانت لديهما صلاحيات محدودة، لذلك من المتوقع أن يتوسع على نحو كبير وتزداد صلاحياته.