اخبار المغرب

هل نحتاج لمقاربة “ترامب” و”ماسك” لرفع فعالية وجودة الخدمات العمومية؟

منذ تنصيب الرئيس الأمريكي ترامب وقبلها في خضم الفوز الإنتخابي الساحق على منافسته من الحزب الديمقراطي، برزت في الساحة الأمريكية، النظرية الترامبية، التي إستهدفت مفاصل الحكومة الفيديرالية ومواردها البشرية، بل في غياب أي بعد إجتماعي، أعطى الرئيس الأمريكي الضوء الأخضر لرجل الأعمال إيلون ماسك لينزل إصلاحات تخفف العبء المالي على الإدارة الأمريكية والحكومة الفيديرالية من أجل الرفع من النجاعة المالية وتقليص كلفة التسيير إلى أقصى الحدود.

هذه العملية التي تشبه “الغربال” إتخذت عدة أوجه عبر تقليص الإنفاق والدعم الموجه للمنظمات الدولية والحكومية وتسريح الموظفين وخصوصا من هم في طور التدريب، بل إن آخر ما جادت به قريحة الرئيس الأمريكي هو طلبه بأن يكون قائد الإصلاح ماسك أكثر “عدوانية” في تنزيل هذا المشروع لإنقاذ الولايات المتحدة الأمريكية.

فهل نحتاج في المغرب لهذه المقاربة، حيث في بعض الأحيان لتنجز بعض المصالح الإدارية تحتاج على الأقل نصف يوم من الإنتظار في ظل تعقيدات المساطر الإدارية وغياب الموظفين خصوصا بالمقاطعات والمستشفيات العمومية؟!

إن أحد أكبر الإشكاليات التي تلتهم أكثر من نصف الميزانية العامة هي كتلة الأجور في القطاع العام بالإضافة إلى إشكالية التقاعد التي أصبحت شبحا يواجه الحكومات المتعاقبة ويبدو أن الحكومة الحالية نجحت في تمطيط الإصلاح الذي سترثه الحكومة المقبلة ونحن على بعد سنة ونصف من الإنتخابات، وهو ما يحتاج على الأقل سنة من النقاش والحوار بين المتدخلين والفاعلين.

هذا ما يطرح السؤال عن مساهمة الوظيفة العمومية في نسبة النمو الإقتصادي التي كانت أحد روافده في ستينيات القرن الماضي بعد الإستقلال وأصبحت اليوم أحد مصادر الضغط على التوازنات الماكرو إقتصادية في ظل تراكم العجز والمديونية وضعف نسبة النمو الإقتصادي مقارنة مع الدول الأكثر إنتاجية في شرق آسيا والتي ركزت مجهودها على دعم التصنيع والتطور التكنولوجي كمصادر لخلق فرص الشغل بدل النموذج المتبع هنا والذي ينتج وظائف عمومية لإستخلاص مداخيل الضريبة على الدخل منها لتمويل المناصب الجديدة.

هذه الحلقة المفرغة تحتاج فعلا لإعادة النظر في إنتاجية الموارد وتقليصها عبر مبادرات كالمغادرة الطوعية، على ألا تكون هذه المغادرة كسابقتها، حيث ترك الوظيفة العمومية خيرة الأطر والذين إلتحقوا بمؤسسات إقتصادية كبرى بعد تجربة متراكمة في الإدارة، وفي خضم إشكاليات أخرى مرتبطة بالإستدامة المالية للمشاريع الإجتماعية وتعمبم التغطية الصحية، وهو ما أصبحت بعض الدول تتحرر منه La démission de la responsabilité sociale.

ربما ستكون مقاربة ترامبماسك ملهمة لمجموعة من الدول في المستقبل خصوصا تلك التي تعاني التخمة في تكلفة الوظيفة العمومية وضعف مردوديتها وقد تكون هذه السياسة ميلاد نظرية جديدة، في نسق متسم بتطور تكنولوجي وإدماج أدوات حديثة كالذكاء الإصطناعي وأنترنيت الأشياء و الروبوتيك وقد تكون السنين القادمة حافلة بمستجدات أخرى في هذا الباب قد تحدث تحولا بل وصدمة شبيهة بصدمة فيروس كورونا لكنها من نوع آخر وأحد أهم محدداتها التنافسية العالمية La compétitivité internationale.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *