كيفية استقبال شهر رمضان المبارك

يحلّ علينا شهر كريم، وموسم عظيم، خصّه الله على سائر الشهور بالتشريف والتكريم، أنزل فيه القرآن العظيم، وفرض صيامه وجعله أحد أركان الإسلام، قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}، وقال تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه}، وقال صلّى الله عليه وسلم: “بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان”.
فاحرص أخي المسلم على استقبال رمضان بهذه الوسائل:
الفرح والابتهاج، ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يبشر أصحابه بمجيء شهر رمضان فيقول: “جاءكم شهر رمضان شهر رمضان شهر مبارك كتب الله عليكم صيامه فيه تفتح أبواب الجنان وتغلق فيه أبواب الجحيم”. وقد كان سلفنا الصالح يهتمون بشهر رمضان ويفرحون بقدومه، وأي فرح أعظم من الإخبار بقرب رمضان، موسم الخيرات وتنزل الرحمات.
الحمد والشكر على بلوغه، قال النووي: (اعلم أنه يستحب لمن تجددت له نعمة ظاهرة، أو اندفعت عنه نقمة ظاهرة أن يسجد شكرا لله تعالى، أو يثني بما هو أهله).
النية الخالصة، من التأهب لرمضان وحسن الاستعداد له أن تعقد العزم على تعميره بالطاعات وزيادة الحسنات وهجر السيئات، قال عليه الصلاة والسلام: “إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى”.
التوبة الصادقة، وهي واجبة في كل وقت ومن كل ذنب، ولكنها في هذا الحين ألزم وأوجب لأنك مقبل على موسم طاعة، وصاحب المعصية لا يوفّق للطاعة ولا يؤهل للقرب، فلابد من التوبة النصوح المستلزمة لشروطها، المصحوبة برد الحقوق إلى أهلها، ولابد من إظهار الرغبة بحسن الدعاء ودوام الاستغفار وكثرة الإلحاح، والتضرع إلى الله بالقبول وأن يجعلك ممن تقبل توبتهم قبل رمضان وأن يكتبك في آخره في ديوان العتقاء من النار.
معرفة شرف الزمان، رمضان من أنفس لحظات العمر، ومما يجعل الإنسان لا يفرط في لحظة منه أن يتذكر وصف الله له بأنه {أياما معدودات}.
تعلم أحكام فقه الصيام وآدابه، حتى يتم الإنسان صيامه على الوجه الذي يحبه الله ويرضاه فيستحق بذلك تحصيل الأجر والثواب وتحصيل الثمرة المرجوة والدرة الغالية وهي التقوى، وكم من إنسان يصوم ولا صيام له لجهله بشرائط الصيام وآدابه وما يجب عليه فيه، فلابد من تعلم فقه الصيام وأحكامه، قال تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
المسابقة والجدية والعزم الصادق، وهي أصل في العبادة، قال تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين}.
فتح صفحة جديدة مع الله سبحانه وتعالى بالتوبة الصادقة، ومع الرسول صلى الله عليه وسلم بطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر، ومع الوالدين والأقارب والأرحام والزوجة والأولاد بالبر والصلة، ومع المجتمع الذي تعيش فيه حتى تكون عبدا صالحا ونافعا، قال صلى الله عليه وسلم: “أفضل الناس أنفعهم للناس”.
استشعار الفضل العظيم والأجر الكبير المترتب على الصيام، فبعض الناس تعوّد على الصيام ولم يستشعر الأجر والثواب المترتب على الصيام، ففي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه”.
الاهتمام بالمحافظة على صلاة التراويح مع الإمام حتى ينصرف من أفضل الأعمال، عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة”.
الحرص على إفطار الصائمين وكثرة الصدقة، عن زيد الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من فطر صائما كان له مثل أجر صومه غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء”.
الإكثار من تلاوة القرآن الكريم وتدبره معانيه وتمعنه، قال صلى الله عليه وسلم: “خيركم من تعلم القرآن وعلمه”، وقال عليه الصلاة والسلام: “اقرؤوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه”.
ومما يستغل في هذا الشهر الإكثار من الدعاء، لأنه شهر الدعاء، قال تعالى: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}، وقال تعالى: {وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان}، مع الاعتناء بالعشر الأواخر من رمضان بمزيد عبادة حيث فيها ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يشدّ مئزره ويعتزل أهله ويحيي ليله، كما قالت أم المؤمنين رضي الله عنها.