اخبار السودان

نحن السودانيين مؤمنين؟

اوهاج م صالح

 

ان سبب طرحي لهذا السؤال الكبير يا جماعة لأنه خطر على بالي منذ فترة طويلة وتحديدا بعد اشتعال هذه الحرب القذرة، وليست العبثية، كما ظل يرددها الكثير، وانا واحد منهم، حيث كتبت عنها قصيدة بعنوان حرب عبثية، ولو كنت قد صبرت قليلاً حتى أسمع وأرى السلوكيات التي ظهرت في هذه الحرب لعنونت قصيدتي بعنوان “حرب قذرة”. يا جماعة اننا كشعب سوداني ظل الكيزان منذ 1989م يلدغوا فينا لدغة تلو أخرى، ويسوموننا سوء العذاب وبلا هوادة، وبعد كل لدغة نقول لهم هل من مزيد؟ واذا عددنا كمية اللدغات التي اتتنا من الكيزان فقط من 2013م وحتى يومنا هذا، فإن جميع اجزاء اجسامنا اصبحت لديغة، وهذه اللدغات الكثيرة كفيلة بأن تخلي اي انسان في قلبه ذرة ايمان ان يبتعد عن هذه الفئة الضالة الى الأبد، وإن كانوا ابائه أو ابنائه او عشيرته، وإلا فإننا بنص هذا الحديث الصحيح سوف نصبح اناس غير مؤمنين. الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم (لا يُلْدَغُ المُؤْمِنُ مِن جُحْرٍ واحِدٍ مَرَّتَيْنِ).

نعود لسبب هذا الحديثِ لنرى ما هي عدد اللدغات التي يجب الا يدعها المؤمن تتكرر عليه. لقد ورد ان سبب هذا الحديث أنَّه صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أسَر الشاعر أبا عزَّةَ يومَ بدرٍ، فطلب أبا عزة من النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أن يمُنَّ عليه بإطلاقِ سَراحِه، وذكر فَقْرَه وقِلَّةَ مالِه، فمَنَّ عليه الرسول صلى الله عليه وسلم واطلق سراحه، وعاهَده ألَّا يُحرِّضَ عليه ولا يَهجُوَه، فلَحِق أبا عزة بقَومِه، ولكِنَّه عندما رجع إلى مكَّةَ، اغواه صَفوانُ بنُ أُمَيَّةَ، وضَمِنَ له القيامَ بشئون عيالِه، فخرج أبا عزة مع قريشٍ لحربِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، وبدأ في التَّحريضِ والهجاءِ، ثمّ تمَ أُسِره مرة أخرى يومَ أُحدٍ، فطلَبَ مِن النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ان يطلق سراحه مرَّةً أُخرى، فقال صلَّى اللهُ عليه وسلَّم (لا يُلدَغُ المؤمنُ مِن حُجرٍ واحدٍ مرَّتَينِ)، وهو من جوامِعِ الكَلِمِ التي لم يُسْبَقْ إليها النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم. الخلاصة ان اللدغ يكون مرة واحدة فقط، ومنها يتعظ المؤمن. فهل يستطيع منكم احدا ان يحصي لنا عدد اللدغات التي اتتنا من الكيزان؟ انها لا تحصى ولا تعد، وبرضو نرجع ونقول شعب واحد وجيش واحد، علماً ان موضع لدغ القيادة العامة لا يزال ينزف بغزارة.

وفي حديث آخر عن صفة المؤمن، عن أَبي هريرة رضى الله عنه، أَن النَّبيَّ ﷺ قَالَ(واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، واللَّهِ لا يُؤْمِنُ، قِيلَ: مَنْ يا رسولَ اللَّهِ؟ قَالَ: الَّذي لا يأْمنُ جارُهُ بَوَائِقَهُ مُتَّفَقٌ عَلَيهِ) (بوائقة = غُشمه وظُلمه). ولقد رأينا في هذه الحرب القذرة كيف غدر الجار بجاره من خلال التبليغ عنه زورا وبهتانا بأنه ينتمي الى الفلول أو ينتمي الى الدعم السريع أو متعاون معهم، علما انه قد يكون هذا الجار ليس له أي علاقة بالدعم السريع ولم يتسبب في أي أذى للناس ولكنه من اثنيات الدعم السريع، وقد يكون من المغلوب على أمرهم ولم يتمكن من الخروج من منطقة الدعم السريع لضيق ذات اليد. كذلك الذين تم التبليغ عنه بأنهم فلول قد لا يكونوا من مردة الفلول الخطرين الذين يتسببون في اذى الناس. أو قد يكون هذا الجار قد قدم الماء لأفراد الدعم السريع خوفا منهم أو لطيبة السودانيين، أو عملا بالحديث الذي تحدث عن أمرأة بغي من بني اسرائيل سقت كلبا كان يلهث من شدة العطش فدخلت الجنة لهذا السبب، وقد تكون تلك المرأة التي عذبها الدواعش واغتصبوها، قصدها شريف وليس لها أي علاقة بالدعم السريع، ولكن بلغت عنها جارتها، حيطة بالحيطة” بل والذي عذبها واذلها واهانها ابن جارتها التي بلغت عنها. يا لها من بوائق وأذى يندى لها الجبين.

ولهذا الحديث رواية أخرى لمسلمٍ(لا يَدْخُلُ الجنَّة مَنْ لا يأْمَنُ جارُهُ بوَائِقَهُ)

كذلك ورد في حديث آخر، أَن رَسُول اللَّه ﷺ قَالَ: مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ باللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلا يُؤْذِ جَارَهُ، وَمَنْ كَان يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُت) متفقٌ عَلَيهِ. وهذا الحديث له علاقة بقانون الوجوه الغريبة الذي سنه كيزان ولايتي نهر النيل والشمالية وبموجبه قتل الكثير من ضيوفهم الذين حلوا لديهم خلال هذه الحرب او كانوا هناك قبل هذه الحرب، وكذلك الذين كانوا يعملون في التعدين ولا علم لهم حتى بنشوب الحرب، وكل هؤلاء في حكم الضيوف.

وفي حديث آخر (ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيء)، وهؤلاء امثال ناس صرفة وشيوخ البلابسة، وغيرهم من اللايفايتة الذين يسيئون لغيرهم متخطيين جميع الخطوط الحمراء، فهؤلاء أيضا ليسوا بمؤمنين بنص الحديث.

‏ وعن ‏أَبِي هُرَيْرَةَ ‏ ‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ‏ ‏أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏قَالَ ‏ ‏إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ وَلَا تَحَسَّسُوا وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا ‏ ‏تَنَاجَشُوا ‏ ‏وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا.

وأيضاً حديث “إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث”

جزء كبيرمن الشعب السوداني اصبح يتجسس على بعضه البعض ويبلغ عن بعضه البعض بمجرد الظن. أما الحسد عند الشعب السوداني فحدث ولا حرج، فإن نصف ما لدينا من حسد كفيل بأن يغني الكرة الأرضية حسدا. وقديما قال العلامة الدكتور/ عبد الله الطيب، طيب الله ثراه، ان 12 عرقاً من العرب معروفين بالحسد وان 11 عرقاً منهم قد دخل السودان، لذلك ابتلينا بهذه الآفة المنتشرة فينا انتشار النار في الهشيم فأثمرت عنه نشوب هذه الحرب القذرة. ‏ أما البغضاء والكراهية فأصبحت حية تسعى بيننا ونكاد نراها ونسمعها في كل ركن وزاوية، وفي كل منصة تواصل اجتماعي او قناة تلفزيونية.

لا للحرب، لا للحسد، لا للتباغض، لا للتجسس، لا للظن، لا لخيانة الجيران، لا للسباب واللعن والطعن.

 

[email protected]

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *