حكايات المؤسِّسين ١ : لماذا أثار المضي قدمًا في تأسيس السودان الجديد غضبهم؟

د. أحمد التجاني سيد أحمد
قابل بعضُ كُتَّاب الأسافير تقديمي لميثاق التحالف السوداني التأسيسي (تأسيس) بأنه إساءةٌ لتاريخ عائلتي الناصع! لماذا؟ هل لأنني كنتُ من المؤسِّسين لميثاق يطمس عند تطبيقه مظاهر الطبقية والتهميش والعنصرية والجهوية؟ تلك الجريمة التي دأب مثقفو وأحزاب السودان على ارتكابها منذ الاستقلال؟ .
كانت حيثياتُ الذين هاجموني غريبةً للغاية. كتبوا ما يُفيد:
“لقد أسأتَ لتاريخك الناصع بانضمامك لميثاقٍ يعترف بأنّ الغرابةَ، والمساليت، والأمبررو، والمسيرية، والأنقسنا، والبرون، والبشاريين، وغيرهم، بشرٌ لهم حقُّ العيش تحت الشمس”.
“لقد أسأتَ لتاريخك الناصع لأنك تعمل تحت إمرة الجنجويد، السلاح الذي أتى إلى الدنيا السودانية من الجحيم الأبدي”.
“لقد أسأتَ لتاريخك الناصع عندما رفضتَ أن تسجِّل في بيانات الخيانة بأن من هم دون البيت الهاشمي حشراتٌ ضارّة سامة يجب سحقها”.
فكتبتُ لأحدهم:
يا أخي، خطر ببالي وأنا أقرأ ما كتبتَ ذلك “الطيش” و”التخلف” الذي يعاني منه السودان منذ أن تفتَّحت عيناي. تذكّرتُ سخرية أهل العاصمة من النوبيين حين صمدوا أمام جبروت عبود؛ سخِروا من لسان الحلفاويين المعوج، ولم يُبدوا اهتمامًا بمَن سُجِن أو قُتِل، أو مَن تعرَّض للترحيل الإجباري.
لقد كنتُ في ساحة النضال منذ وعيتُ، وزرتُ وعملتُ في ٨٨ دولةً في العالم، ولم أرَ شعبًا بائسًا منكسِرًا متخلّفًا كشعب السودان! دائمًا تحت بُوت العساكر، دائمًا مهاجرًا إلى بلاد الخليج ليقتات الفتات، دائمًا يعاني من مثقفين فارغين وجبناء. وأخيرًا، قابعٌ في مذلةٍ تحت تأثير إعلام الكيزان الذين أنفقوا حتى الآن تسعة مليارات دولار ليظلَّ الناسُ أسرى دينٍ ليس دين الله، وعنصريةٍ لا ينتمون إليها عِرقًا ولا جينيًا! .
لهذا اجتمعنا نحن عددٌ غيرُ قليلٍ من المدنيين وكتبنا ميثاقًا ودستورًا لم يُشارك فيه سوانا. ثم تقدَّمنا بمقترحٍ لحكومةٍ مدنية على أراضٍ خارجةٍ عن سيطرة الكيزان. وسنطوف بالميثاق على كل الدول الحرّة الديمقراطية، وحتى الشمولية مثل روسيا والصين. ولعلَّ البعض تأذّى عنصريًا لأن كتّاب هذا الميثاق ومفكريه لم يقتصروا على الفئة التي سيطرت على السودان منذ الاستقلال وتسبّبت في تخلفه.
لا تقعوا ضحايا إعلام الكيزان. إن شئتم، اقرأوا الميثاق الذي أسميناه “ميثاق مشروع تأسيس السودان الجديد”، الممتد من حلفا إلى بورتسودان، ومن الفاشر إلى الكرمك، وصولًا إلى خور يابوس. تعالوا واتبعونا بعد قراءته، فهذا خيرٌ لكم وخيرٌ للسودان الموحَّد.
أو استمرّوا في ملءِ الصحائف بالضجيج كعهدكم منذ عام ١٩٥٦م حتى صار السودان أكثر دولةٍ متخلّفةٍ في العالم.
نواصل…
[email protected]
المصدر: صحيفة الراكوبة