بوادر خفض التوتر بين الجزائر ومدريد

اعتبر الرئيس عبد المجيد تبون، اليوم، أن “الدولة الاسبانية صديقة للجزائر”، وهو ما يفتح الباب في رأي متابعين، لخفض التوتر ورفع التجميد عن الاتصالات السياسية بين الجزائر ومدريد.
في تهنئته للكاتب والروائي الجزائري، محمد مولسهول، المشهور بـ “ياسمينة خضرا”، عبر تغريدة في حسابه الرسمي على منصة “اكس”، اختار تبون عبارة “الدولة الصديقة”، في إشارته إلى إسبانيا التي فاز فيها الكاتب الجزائري بجائزة “برلمان كتّاب البحر الأبيض المتوسط”.
وجاء في تغريدة الرئيس: “إلى ابن الجزائر البار محمد مولسهول، المدعو ياسمينة خضرا.. أبارك لكم هذا الفوز العالمي الذي تحصلتم عليه من قبل الدولة الصديقة إسبانيا، والذي أبرز، مرة أخرى، قدراتكم العالية في مجال الرواية.. ألف مبروك للثقافة الجزائرية وتمنياتي لكم بمزيد من التألق”.
ومن المتوقع أن تمهّد العبارة الواردة في تغريدة تبون ومعها تحركات أخرى من الجانب الآخر، إلى خفض التوتر ورفع التجميد عن الاتصالات السياسية المجمّدة طيلة ثلاث سنوات بين الجزائر ومدريد، خاصة وأن مدريد قامت بعدة خطوات وصفت بالإيجابية لتدارك إساءة تقدير رئيس حكومتها بيدرو سانشيز لعواقب قراراته الانقلابية على القضية الصحراوية في ربيع عام 2022.
وتفتح تغريدة تبون، أيضا، الباب أمام الدوائر السياسية والاقتصادية الاسبانية لرأب الصدع وعودة العلاقات واسترجاع مكانة مدريد في الفضاء الاقتصادي الجزائري الذي خسرته الشركات الاسبانية بنسبة بلغت نحو 93 بالمائة، حسب ما أكدته مصادر إسبانية رسمية، وهو الملف الذي شكّل ضغطا رهيبا على حكومة سانشيز طيلة الفترة الماضية.
ستمثل عبارة تبون لأوساط إسبانية محطة هامة وضرورة قصوى لرفع وتيرة التشاور وتنشيط التعاون في عدة مجالات، من بينها ملف الهجرة والتبادل التجاري وإنعاش القطاعات الحيوية التي تضررت لدى الجانبين طيلة الأشهر الماضية، بسبب الموقف الإسباني الذي أحدث ردة فعل قوية من الجزائر فشلت معها جميع المحاولات، بل وحتى الضغوطات التي نقلت من مدريد إلى الاتحاد الأوروبي لتخفيف القيود المفروضة على شركاتها.
وتحاط بعبارات الرئيس تساؤلات إن كانت ستمهّد إلى عمل مشترك لتجاوز حالة التأزم في العلاقات التي برزت شهر مارس 2022، بإعلان الجزائر سحب سفيرها سعيد موسي من مدريد، ثم قرار رئاسة الجمهورية في جوان 2022 التعليق الفوري لمعاهدة الصداقة وحسن الجوار والتعاون المبرمة مع المملكة الإسبانية سنة 2002، وهي قرارات جاءت بعد الكشف عن تبني الحكومة الإسبانية خطة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية، الأمر الذي تعارضه الجزائر بقوة من منطلق دفاعها عن الشعوب المضطهدة وعن آخر مستعمرة في إفريقيا.
وبالرغم من بقاء الموقف الجزائري حازما تجاه مدريد التي لم تعلن رسميا تراجعها عن الخيار الانقلابي تجاه آخر مستعمرة في أفريقيا، إلا أن خطوة الرئيس تبون تحمل بوادر انفراج ستكشف لاحقا، خاصة وأن تبون في تصريح سابق له، أعرب عن “أسفه على الوضع الذي آلت إليه العلاقات بين الجزائر ومدريد التي تسببت في المشكلة بقيامها بالخطوة الخاطئة”.
احترام متبادل
وما يعزز جهود التقارب، تأكيد تبون أن “الشعب الإسباني بريء والعلاقة مع الشعب الإسباني طيبة جدا، والملك نحترمه كثيرا وهو يعرف ذلك”.
ومن مؤشرات العودة المحتملة للعلاقات مع الدولة التي لا يمكن تجاهلها في تنفيذ الاستراتيجية الجزائرية الجديدة تجاه الفضاء المتوسطي، تأكيد سابق للرئيس تبون بأن الجزائر لم تلغ معاهدة الصداقة وحسن الجوار الموقّعة مع مدريد في سنة 2002، وإنما تم تجميدها فقط، مما يعني عدم وصول القطيعة إلى نقطة الرجوع”.
مؤخرا أبدت إسبانيا اهتماما بالاستثمار في الجزائر في مجال الهيدروجين الأخضر، فقد استقبل كاتب الدولة لدى وزير الطاقة، المكلف بالطاقات المتجددة، نور الدين ياسع، في 12 فيفري الماضي، الرئيس المدير العام للشركة الإسبانية “كولارغي”، كيريل لياتس.
وخصص هذا اللقاء، حسب بيان الوزارة الوصية، لـ “بحث فرص التعاون والاستثمار بين سوناطراك والشركة الإسبانية كولارغي في مجال تطوير الهيدروجين، خاصة فيما يتعلق باستعمالاته المتعددة لاسيما النقل. وركزت المحادثات على تقنيات الهيدروجين السائل، بما في ذلك التسييل والتخزين والنقل والاستفادة من ات الإسبانية في هذا المجال”.
كما ناقش الطرفان “إمكانيات تطوير استخدامات الهيدروجين في النقل بما يشمل القطارات التي تعمل بالهيدروجين السائل، السفن، الشاحنات والحافلات، حيث أكد كاتب الدولة على الإمكانات الكبيرة التي تتمتع بها الجزائر في مجال الهيدروجين الأخضر والأزرق. مشيرًا إلى أهمية بناء شراكات استراتيجية لتطوير بنية تحتية متكاملة تعزز مكانة الجزائر كمركز إقليمي لإنتاج وتصدير الهيدروجين”.
رحلات سياحية في الجزائر
من جهته، أعرب كيريل لياتس، عن استعداد شركة “كولارغي” لتعزيز التعاون مع الجزائر، خاصة مع سوناطراك في مشاريع الهيدروجين.
وأكد أن الجزائر تمثل “شريكا استراتيجيا” لمخططات الشركة الهادفة إلى إنشاء مراكز إنتاج للهيدروجين السائل في إفريقيا وأوروبا.