محمد بن سلمان منبوذ الأمس.. إلى “صانع سلام” اليوم

وطن بعد سنوات من العزلة الدولية بسبب تورطه في مقتل الصحفي جمال خاشقجي عام 2018، يسعى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى إعادة تقديم نفسه كزعيم عالمي قادر على لعب دور الوسيط في النزاعات الدولية.
فبعد أن كان يُعتبر منبوذًا سياسيًا، بات اليوم يسوّق نفسه على أنه شخصية دبلوماسية مؤثرة، وهو ما تؤكده وساطته الأخيرة في محادثات أوكرانيا، والتوسط في صفقات تبادل الأسرى بين موسكو وكييف، وحتى بين الولايات المتحدة وروسيا.
التقارير الأخيرة كشفت أن السعودية قد تكون المكان المقترح لاستضافة لقاء القمة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وهي الخطوة التي كانت الإمارات تسعى للاستحواذ عليها، إلا أن ابن سلمان نجح في التفوق على أبوظبي وانتزاع هذا الدور لصالح الرياض. هذا التحول الكبير لم يكن مجرد مناورة سياسية قصيرة المدى، بل يأتي ضمن استراتيجية أوسع لإعادة بناء سمعة ولي العهد السعودي على الساحة الدولية.
في الماضي، كان يُنظر إلى ابن سلمان على أنه حاكم متهور، تورط في حرب اليمن، حصار قطر، واحتجاز رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، بالإضافة إلى شن حرب دبلوماسية على كندا، وإدارة سياسة داخلية قمعية تجاه المعارضة. إلا أن ضخ المليارات في مشاريع دبلوماسية واستثمارات دولية جعله اليوم جزءًا أساسيًا من مشهد السياسة العالمية، خاصة مع لعب بلاده دورًا في تخفيف التوترات بين روسيا وأوكرانيا من خلال المساعدات الإنسانية والوساطة في ملفات الأسرى.
في ظل هذه التطورات، يطرح مراقبون تساؤلات حول مدى نجاح ابن سلمان في تحويل صورته من “ديكتاتور مستبد” إلى “زعيم دبلوماسي”، وهل يستطيع تجاوز الإرث السلبي الذي خلفته سياساته السابقة؟ أم أن هذه التحركات ما هي إلا جزء من خطة كبرى لتأمين وصوله إلى العرش السعودي وفرض نفسه لاعبًا رئيسيًا في النظام العالمي الجديد؟
محمد بن سلمان يُرسّخ نفوذه في لبنان: كيف فرض قائد الجيش رئيسًا للبلاد؟