أحزاب ومؤسسات تطلق شخصيات افتراضية .. إشادات واعتراضات

أطلقت مؤسسات وأحزاب سياسية مغربية شخصيات افتراضية عبر الفضاء الإلكتروني؛ ففي يناير الماضي أطلق المجلس الاقتصادي والاجتماعي شخصية افتراضية باسم “رؤية”، تهدف إلى تقديم مستجدات المجلس وآرائه حول مواضيع مثل الذكاء الاصطناعي، وبعدها قدم حزب الاستقلال شخصيتين افتراضيتين هما “آمال” و”حكيم”، تم تصميمهما باستخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، بهدف التواصل مع الشباب وتقديم مبادرات سياسية رقمية.
وتباينت آراء الخبراء حول دور هذا النوع من التواصل في المؤسسات السياسية، إذ يرى البعض أن التواصل المباشر والفاعل بين المؤسسات الحزبية والمواطنين هو الأساس لتعزيز الثقة والتفاعل، بينما يؤكد آخرون أهمية استخدام الأدوات الرقمية الحديثة وتقنيات الذكاء الاصطناعي لجذب انتباه الشباب وتعزيز التفاعل معهم، مما يفتح نقاشا حول كيفية الموازنة بين التواصل المباشر والتواصل الرقمي في المؤسسات السياسية.
في هذا الإطار يرى عبد الواحد زيات، رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب، أن المؤسسات الحزبية باعتبارها مؤسسات دستورية، يجب أن تخلق قنوات تواصل مباشر مع المواطنين، سواء عبر إداراتها أو من خلال مرافقها المختلفة.
وشدد زيات، ضمن تصريح لهسبريس، على أن دور الأحزاب السياسية الأساسي هو “تأطير المواطنين بشكل مباشر، وليس عبر الوسائل الافتراضية”، معتبرا أن “الفراغ الذي يعيشه المشهد السياسي اليوم جعل العلاقة بين المواطنين والأحزاب شبيهة بـأحزاب افتراضية لا حضور لها على أرض الواقع”.
وأشار المتحدث إلى أن “المسؤولية تقع على عاتق الأحزاب السياسية والمؤسسات التشريعية، إذ أصبح هناك نوع من التمثيل الافتراضي، ذلك أننا ننتخب نوابًا لكن مقراتهم الحزبية تبقى خاوية وكأننا أمام برلمانيين افتراضيين”.
وأوضح زيات أن “الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لها مجالاتها المناسبة، مثل تبسيط المساطر الإدارية والتجاوب مع الشكايات في بعض المرافق ذات الطبيعة التقنية، لكن لغة التواصل السياسي يجب أن تبقى مباشرة عبر الحكومة، البرلمان والجماعات الترابية”، مؤكدا أن التفاعل المباشر مع المواطنين يظل الأساس في تعزيز الثقة بين الناخبين والمؤسسات.
من جانبه، قال رشيد الصديق، رئيس المركز المغربي للمواطنة، إن “الأساليب التقليدية في التواصل أصبحت غير كافية لاستيعاب التغيرات السريعة في سلوكيات الشباب وطرق استهلاكهم للمعلومات، مما يستدعي اعتماد أدوات رقمية حديثة تتيح للمؤسسات تجاوز الاعتماد على الأساليب القديمة التي لم تعد تلبي احتياجاتهم”.
وأضاف الصديق ضمن تصريح لهسبريس: “في ظل التطور التكنولوجي المتسارع وتغير أنماط التواصل، باتت الشخصيات الرقمية وسيلة مبتكرة وفعّالة للتواصل مع الجمهور، وخصوصاً مع فئة الشباب، إذ تعتمد هذه الشخصيات على تقنيات الذكاء الاصطناعي والرسوم المتحركة لتصمَّم بأسلوب تفاعلي وجذاب، مما يتيح استخدامها في مجالات متعددة كالتسويق، التعليم والسياسة بهدف جذب انتباه الشباب وتعزيز تفاعلهم”.
وتحدث رئيس المركز المغربي للمواطنة عن التجارب الدولية “الملهمة”، قائلًا: “تعتبر التجربة اليابانية نموذجا يحتذى به، إذ تُستخدم الشخصيات الافتراضية في التعليم والتوعية عبر تصميم شخصيات تقدم محتوى تعليميا وترفيهيا يجمع بين الفائدة والمتعة، مما يسهم في جذب انتباه الشباب وتعزيز فهمهم للمواد الدراسية والمواضيع التوعوية”.
وزاد قائلًا: “من المهم التأكيد أن استخدام الشخصية الافتراضية ليس هدفاً في حد ذاته، بل هو وسيلة لنقل رسائل وأفكار تتماشى مع تطلعات الشباب. تواجه بعض المؤسسات المغربية تحديات في اختيار الرسائل المناسبة التي تُنقل عبر هذه الشخصيات، مما يؤثر على فاعلية التواصل مع الشباب”.
وأكد الصديق أنه لـ”ضمان نجاح المبادرات الرقمية الموجهة للشباب، ينبغي تبني استراتيجية شاملة تقوم على تقديم محتوى تفاعلي وملهم يعالج الموضوعات التي تهم الشباب ويعكس تطلعاتهم بشكل جذاب ومفيد، مع تعزيز الشفافية والمصداقية من خلال تقديم معلومات دقيقة وموثوقة والاستجابة الفورية لتساؤلاتهم. كما يجب فتح قنوات تواصل مباشرة مع الشباب للاستماع إلى آرائهم ومقترحاتهم وإدماجها في صياغة السياسات والبرامج المستقبلية”.
المصدر: هسبريس