اخبار المغرب

الإثراء غير المشروع.. هيئة النزاهة تتشبث بالتجريم وحماة المال العام يهاجمون وهبي

جددت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، تشبثها بإفراد قانون خاص لتجريم الإثراء غير المشروع في المغرب، واعتماد “مبدأ قلب عبء الإثبات”، فيما اعتبرت الجمعية المغربية لحماية المال العام أن “الحكومة لا رغبة لها في التصدي لمظاهر الفساد”.

ولمح وزير العدل، عبد اللطيف وهبي، في تصريح قبل أيام، إلى عدم التنصيص على تجريم الإثراء غير المشروع في مشروع القانون الجنائي، وربط بينه وبينه التصريح بالممتلكات قائلا: “المواطن الذي له المسؤولية ويصرح بممتلكاته لدى المجلس الأعلى للحسابات، وثبت أن ما صرح به غير مطابق لما يعيشه، آنذاء يمكن أن نجري بحثا”.

ورفض وهبي ملاحقة كل من شهدت ثروته ارتفاعا مفاجئا، قائلا “إننا في دولة ليبرالية”، كما رفض أيضا ملاحقة كل من عرف ثراء مفاجئا إذا لم يكن هناك دليل على أنه متورط في الفساد، “لا يمكن أن أحول المغرب إلى مخافر للشرطة نعتقل فيها الجميع ليثبت الجميع حسن نيته”.

وكانت حكومة عزيز أخنوش قد سحب، في نهاية سنة 2021، مشروع القانون الجنائي الذي كان يتضمن مقتضيات تجرم الإثراء غير المشروع، وهو ما أثار جدلا واسعا حينها، قبل أن تؤكد الحكومة بأنها سحبته لتجويده.

هيئة النزاهة تتشبث

في هذا الصدد، عبرت الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، عن تشبثها بضرورة تجريم الإثراء غير المشروع وإفراد قانون خاص له بدل تضمينه داخل القانون الجنائي، وهو ما سبق أن أوصت به في تقريرها السنوي لسنة 2022، وجددت توصيتها في تقرير سنة 2023.

وقال مدير قطب المقرر العام بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، خالد اليعقوبي، في تصريح لجريدة “العمق”، إن تشبث الهيئة بإفراد قانون خاص لتجريم الإثراء غير المشروع، يأتي انطلاقا من التزام وطني مغربي إزاء اتفاقيات دولية وافق عليها وافق عليها.

ويتعلق الأمر باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي تنص على لزوم النظر بجدية في تجريم الإثراء غير المشروع، واتفاقية الاتحاد الإفريقي لمنع الفساد ومكافحته التي تنص على إلزامية تجريم الإثراء غير المشروع، يقول اليعقوبي.

كما يأتي هذا التشبث أيضا، يضيف المتحدث ذاته، انطلاقا من تشخيص واقع الفساد في المغرب، بحيث “تبين لنا أن الآليات المعتمدة لمكافحته غير كافية وعاجزة عن مكافحته بجدية، كما تبين أن مكافحة الفساد لن تتم إلا عبر تجريم الإثراء غير المشروع”.

وهذه الجريمة، بحسب المسؤول في الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، تطال فقط الموظف أو المسؤول العمومي، نظرا لكون الموظف العمومي مؤتمن على مصالح المواطنين ويتمتع بامتيازات، وهو ما يرتب عليه التزامات، مشيرا إلى الانطلاق من مبدأ “الحماية القانونية تقابلها المسؤولية الجنائية”.

ولإثبات هذا الجريمة، تدعو الهيئة إلى اعتماد مبدأ قلب عبء الإثبات، الذي جرى ويجري العمل به وطنيا ودوليا في مجموعة من الجرائم التي لا يمكن إثباتها إلا بهذا الإجراء. ولتطبيق هذا المبدأ شدد اليعقوبي على ضرورة توفر 4 ضوابط أساسية.

أول هذه الضوابط يتمثل في أنه يجب على النيابة العامة أن تثبت أن هناك زيادات كبيرة في موجودات الموظف العمومي، أما المقتضى الثاني فيتمثل في أن هذه الزيادات لا تتوافق مع المداخيل المشروعة للموظف، والثالث يشير إلى أن الزيادات جاءت بعد توليه لمنصب عمومي واكتسابه لصفة.

ويتعلق الضابط الرابع بكون تلك الصفة مما يتيح له إمكانية الإثراء غير المشروع. وفي ضوء إثبات النيابة العامة يحق للمعني بالأمر أن يفند هذه الادعاءات ويبرر المصدر المشروع لثروته، بحسب تصريح خالد اليعقوبي.

“تضليل الرأي العام”

من جهتها تشبث الجمعية المغربية لحماية المال العام بضرورة تجريم الإثراء غير المشروع، معبرة عن رفضها لتصريحات وزير العدل عبد اللطيف وهبي، مشيرة إلى أن كلامه يأتي في “سياق السياسة الحكومية التي ليست لها رغبة في التصدي لمظاهر الفساد”.

وقال نائب رئيس الجمعية المغربي لحماية المال العام، صفي الدين البودالي، في تصريح لجريدة “العمق”، إن وزير العدل “يريد أن يضلل الرأي العام بأن الدعوة إلى تجريم الإثراء غير المشروع تستهدف كل الأغنياء.

“لكن ما نطالب به هو تجريم الإثراء غير المشروع فيما يتعلق بالثراء المفاجئ وغير المبرر عن طريق استغلال وظيفة أو مسؤولية عمومية، أو عن طريق الرشوة والابتزاز والتهريب والاتجار في المخدرات وغيرها من الجرائم”، يضيف نائب رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام.

وتابع أن جريمة الإثراء غير المشروع لا يجب أن تطال الموظف أو المسؤول العمومي فقط، بل تشمل جميع الناس، “لأن هناك أشخاص بين عشية وضحاها انتقلوا من الفقر إلى الثراء الفاحش، وهذا يدعوا إلى التساؤل عن مصدر هذه الأموال ومشروعية تحصيلها”.

“نحن لسنا ضد الثراء، نحن مع الثراء ومع أن تكون لنا في المغرب بورجوازية وطنية ولا نريد بورجوازية هجينة مثل التي تشكلت في إسرائيل أو أفغانستان عبر العمل في أمور مجرمة”، داعيا إلى تشديد المراقبة على اختلاس وسرقة المال العام.

جدير بالذكر أن حكومة عزيز أخنوش لم تتفاعل مع توصيه الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، بسن قانون خاص لتجريم الإثراء غير المشروع، التي ضمنتها تقريرها السنوي لسنة 2022، ولم تتوصل بعد بأي مسودة بهذا الشأن من الحكومة، وهو ما أكده رئيس الهيئة البشير الراشدي سابقا.

وشرع مجلس النواب هذا الأسبوع في المناقشة العامة لمشروع المسطرة الجنائية بلجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، كما ينتظر أيضا أن تحيل الحكومة مشروع القانون الجنائي الجديد على المسطرة الجنائية، بعدما سحبت المشروع السابق من المجلس في بداية ولايتها.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *