فضائل ليلة النصف من شعبان
![](https://alarabstyle.com/wp-content/uploads/2025/02/2025-02-13003549.739864-arapi.webp.webp)
في شهر شعبان ليلة معظمة مباركة مكرمة، وهي ليلة النصف منه التي يتجلّى الله فيها على خلقه بعموم مغفرته وشمول رحمته، فيغفر للمستغفرين ويرحم المسترحمين ويجيب دعاء السائلين ويفرّج عن المكروبين ويكتب فيها الأرزاق والأعمال.
ورد في فضلها أحاديث كثيرة متعدّدة، وقد صحّح الحافظ ابن حبان بعضها، منها ما أخرجه الطبراني وابن حبان عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: “يطّلع الله إلى جميع خلقه ليلة النصف من شعبان ويغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن”. قال ابن رجب الحنبلي: وليلة النصف من شعبان كان التابعون من أهل الشام كخالد بن معدال ومكحول ولقمان بن عامر وغيرهم، يعظّمونها ويجتهدون فيها في العبادة.
أما الدعاء في نصف شعبان، فلم يثبت عن رسول الله صلّى الله عليه وسلم دعاء معيّن خاص بليلة النصف من شعبان، وكذلك لم تثبت صلاة معيّنة خاصة بليلة النصف من شعبان، وإنما جاء الترغيب بإحيائها مطلقا بأي أنواع الدعاء والعبادة دون تعيين، فمن قرأ ودعا وصلى وتصدق وعمل بما تيسر له من أنواع العبادة، فقد أحياها ونال الثواب على ذلك إن شاء الله.
أما حكم صيام النصف من شعبان، فقد جاء فيما رواه ابن ماجه في سننه عن علي رضي الله عنه عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: “إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا يومها فإن الله تبارك وتعالى ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا فيقول: ألا من مُستغفر فأغفر له، ألا من مسترزق فأرزقه، ألا من مُبتلى فأعافيه، ألا كذا، ألا كذا، حتى يطلع الفجر”. قال علماء صناعة الحديث: في سنده أبو بكر بن عبد الله بن أبي سيرة، قال في التقريب: رموه بالوضع، وفي الخلاصة: وضعّفه آخرون. فالحديث بشواهده معتبر في فضائل الأعمال، وقد ذكره العلماء المحققون في كتب الفضائل كالمُنذري في “الترغيب والترهيب”، والشرف الدمياطي في “المتجر الرابح”، وابن رجب في “لطائف المعارف”.
والحاصل أن هذه المسألة لها أصل تصير به معتبرة للعمل، رجاء الثواب والأجر وفضل الله واسع. قال الإمام العلامة الصاوي: [ونُدب صيام نهارها وقيام ليلها].
وما ورد من الأحاديث في فضل ليلة النّصف وفضل إحيائها وصيام نهارها مما يجوز العمل به مع ضعفه لتوفّر الشروط فيه، ممن قال بذلك الإمام أحمد بن حنبل وابن المبارك والسفيانان والعنبري وغيرهم. قال ابن عبد البر: أحاديث الفضائل لا يحتاج فيها إلى من يحتج به. قال الإمام الرملي: الأحاديث الشديدة الضعف إذا انضمّ بعضها إلى بعض يُحتج بها في هذا الباب. وحكى الإمام النووي في عدد من تصانيفه الإجماع على العمل بالحديث الضعيف في الفضائل ونحوها خاصة.
* عضو مجلس الإفتاء بالعاصمة