الفيتامينات والكركم والزنجبيل: هل يمكن فعلاً أن تعزز المناعة؟
![](https://alarabstyle.com/wp-content/uploads/2025/02/32031167-5827315903178045244676-71133340017082-487200766352449765-0081-708019.jpg)
الفيتامينات والكركم والزنجبيل: هل يمكن فعلاً أن تعزز المناعة؟
صدر الصورة، Emma Lynch/BBC
- Author, جيمس غالاغر
- Role, إذاعة بي بي سي
في صباح يوم شتوي بارد، شعرت وكأنني تركت عقلي وملابسي الدافئة في غرفة التبديل، عندما وقفت على حافة حوض مياه للسباحة.
كانت أمامي لوحة، كتب عليها بالطباشير “تنبيه: حرارة المياه اليوم 3.9 درجة مئوية”، وقال لي أحد المعتادين على ارتياد المكان، إنها ليست سباحة في المياه الباردة، إنها سباحة في المياه الجليدية.
كيف وصلت إلى هنا؟
ما حدث هو أنني انجذبت إلى فكرة تعزيز أو تقوية الجهاز المناعي، إذ أصبح جسمي مثالاً حياً للإصابة بالفيروسات الأربعة التي تحذرنا منها هيئة الصحة العامة، طوال فصل الشتاء، وانتابتني نوبات متواصلة من البرد والسعال، وأمراض الأمعاء.
يؤدي جهاز المناعة لدنيا دوراً كبيراً في مكافحة الفيروسات، وغيرها مما تتعرض له أجسامنا، فلو نظرنا إلى الهواء أثناء الزفير خلال دقيقة واحدة، لوجدنا أنه يحتوي على ما بين 100 إلى 10 آلاف من البكتيريا، و25 ألف فيروس، وفطراً واحداً على الأقل، بحسب البروفيسور، جون تريغونين، المختص في علم المناعة، في جامعة إمبريال لندن.
تخطى قصص مقترحة وواصل القراءة
قصص مقترحة
قصص مقترحة نهاية
ويقول البروفيسور إنك “تتنفس هذه الأشياء كل يوم، فهناك كميات كبيرة من الكائنات المسببة للأمراض، تسبح في الهواء”.
ولكن هناك أيضا الكثير من الأطعمة والمكملات الغذائية والنشاطات، المعروفة بخصائصها المعززة للمناعة، فهل بإمكاننا تقوية مناعتنا حقاً؟
هل يمكن للسباحة في الماء البارد أن تقي من المرض؟
لهذا وجدت نفسي أتخبط في الماء، في هذا البرد القارس.
كان الماء الجليدي يحرق جلدي، وكل ما فكرت فيه حينها، هو الوصول إلى الطوافة، دون الحاجة إلى مساعدة من حراس الإنقاذ.
ولكن الدراسات بينت أن الماء البارد يجعل الأدرينالين يملأ مجرى الدم بالخلايا المكافحة للعدوى.
فالخلايا البيضاء، التي يمكنها أن تنتج المضادات الحيوية أو تهاجم الأنسجة المصابة، تخرج من أماكنها الاعتيادية في دوريات بالجسم، اعتقاداً منها بحدوث عدوى.
“وبعد ساعات قليلة تعود كل الأمور إلى ما كانت عليه من قبل” كما توضح البروفيسور إلينور رايلي، المختصة في علم المناعة بجامعة إدنبره.
وتضيف أنه “ليس هناك أي دليل على أن الذين يسبحون في الماء البارد أقل عرضة لنوبات البرد أو أقل عرضة للعدوى”.
صدر الصورة، Emma Lynch/BBC
التمارين الرياضية المنتظمة قد تجدد الجهاز المناعي
قد لا يكون هناك دليل على فعالية الماء البارد، ولكن التمارين الرياضية المنتظمة قد تنفعك.
يصاب البالغون في المعدل بالبرد من مرتين إلى ثلاث مرات في العام، أما الأطفال فيصابون من خمس إلى ثمان مرات، حسب الدكتورة ماغريت ماكارتني، الطبيبة العامة، والخبيرة في الطب القائم على الدليل، بجامعة سانت أندروز.
ولكن الناس الذين يمارسون قدراً معتدلاً من التمارين الرياضية، يصابون عدد مرات أقل بالفيروسات، وفق ماكارتني.
وتقول إنه “ليس هناك تجارب سريرية قطعية، ولكن جميع البيانات، التي بحوزتنا تشير إلى أن الرياضة مفيدة لك. ولكنها ليست علاجاً سحرياً”.
وتفيد الدراسات المختبرية بأن التمارين الرياضية المنتظمة قد تؤخر شيخوخة جهاز المناعة، إذ تبدأ دفاعات الجسم في التراجع بداية من عمر العشرينات، ولكن الدراسات كشفت أن سائقي دراجات في عمر الثمانين، لهم أجهزة مناعية أصغر من أعمارهم، بعشرات السنين.
وتقول ماكارتني: “أعرف أن التجارب، التي أجريت حتى الآن، ليست كافية، ولكنني سأخصص وقتاً أكبر بكثير لركوب الدراجة”.
ماذا عن الفيتامينات؟
تخطى يستحق الانتباه وواصل القراءة
يستحق الانتباه نهاية
أول ما يخطر ببالي حين الحديث عن الفيتامينات هو فيتامين سي، بسبب الكميات الهائلة التي أتناولها من البرتقال أو في شكل حبوب.
تقول ماكارتني: “بالنسبة لي، هذا غير صحيح”، إذ أن نقص فيتامين سي قد يضعف الجهاز المناعي، ولكن بالنسبة للأغلبية لا فائدة من الحصول على فائض منه، والأمر نفسه ينطبق على الفيتامينات المتعددة، التي ترى الدكتورة ماكارتني أنها لا تنتج إلا “إدرار البول”.
ولكن الدليل على فعالية فيتامين دي محل جدل، ذلك لأن فيتامين دي ينخفض في الشتاء، إذ أنه يتشكل في الجسم عندما يتعرض الجلد لأشعة الشمس.
وتقول الدكتورة ماكارتني: “أعتقد أن الأدلة تشير إلى فائدة محتملة بالنسبة للمصابين بأمراض تنفسية، ويعانون من نقص حاد في فيتامين دي”، ولكن لا يمكن إثبات أنه ينفع جميع الناس.
وبينما تفكر فيما قد تضعه في سلة مشترياتك، لا يزال الباحثون ينظرون فيما إذا كانت مادة البروبيوتيك التي تحول بكتيريا النبيت المجهري الطبيعي في الأمعاء، مفيدة للمناعة.
وتقول الدكتورة ماكارتني: “أعتقد أن هذا مجال جدير بالدراسة، ولكن ليس بحوزتنا بيانات عالمية حقيقية، تسمح لنا بالتوصية بذلك”.
وتضيف أن مشروبات الكركم والزنجبيل لا تفيد في تعزيز المناعة.
انتبه إلى الوقت
قدرات جهاز المناعة تختلف من وقت لآخر خلال اليوم.
صدر الصورة، Getty Images
يقول البروفيسور رايلي إن “جهاز مناعتنا أكثر فاعلية في الصباح الباكر، وقت الاستيقاظ، ويبقى فعالاً خلال الساعات الأولى من اليوم، ثم يبدأ بعدها في التراجع”.
لذلك فإنك تشعر بقوة نزلة البرد في الصباح أكثر، لأن الأعراض تظهر نتيجة مقاومة الجهاز المناعي، الذي يعمل وقتها بكامل طاقته.
ويبدأ التراجع في حوالي الرابعة أو الخامسة مساء، وتساعد المطاعيم في توفير حماية أفضل.
وبما أن الجهاز المناعي يعمل بدورة 24 ساعة، فإن التزام النشاط اليومي الاعتيادي، بدل السهر لوقت متأخر في الليل، ثم البقاء في السرير لوقت أطول في نهاية الأسبوع، قد يساعد في تعزيز جهازك المناعي، حسب البروفيسور رايلي.
توقف عن الإضرار بالدفاعات المناعية
وبينما نفكر في تعزيز جهازنا المناعي، علينا أن نتذكر أن هناك أشياء تزيد من ضعفه أمام العدوى.
ويعد التدخين أحد أكبر هذه العوامل، لأنه يضر بالرئتين مباشرة، فتصبح أقل فاعلية في التصدي للفيروسات.
“لو تصورنا الرئتين في شكل غربال، فالتدخين يحدث ثقوبا في الغربال، ويسمح بدخول كميات أكبر من الهواء المليء بالعدوى”، بحسب البروفيسور تريغونين.
ويمكن أن يُفاقم التدخين من الالتهابات في الجسم، التي تعمل كمؤشر الحرارة بالنسبة للجهاز المناعي، وهي أيضا جزء الطريقة التي يتعامل بها الجسم لمكافحة العدوى.
ولكن “الالتهابات الكبيرة” مضرة، لأنها تحدث خللاً في الجهاز المناعي، فيكون رده أقل فاعلية.
والبدانة أيضاً عامل آخر يمكنه أن يجعل الشخص أكثر عرضة للعدوى بزيادة الالتهابات في الجسم، وهما عاملان يصعب على الناس وقفهما أو عكس مفعولهما، ولكنها ربما الأكثر قابلية للتغيير لدى البعض.
تجنب التوتر إذا استطعت
التوتر المستمر يرفع مستوى هرمون الكورتيزول في الجسم، ويعمل الكورتيزول على إضعاف الجهاز المناعي، وهو ما قد يجعلك أكثر عرضة للعدوى.
بخاخات الأنف
ربما رأيت منتجات في الأسواق من بخاخات الأنف لمكافحة أعراض البرد.
كشف تقرير نشرته مجلة لانسيت أن هذه السوائل لها فعالية بالفعل.
وخلال الدراسة، تم إعطاء آلاف الأشخاص محاليل ملحية على شكل بخاخ أو مادة هلامية، وطُلب منهم استعمالها ست مرات في اليوم، إذا شعروا بأعراض البرد.
فكانت النتيجة أن الذين لم يستخدموا البخاخات قضوا معدل ثمانية أيام يعانون من أعراض المرض، بينما تقلصت المدة إلى ستة أيام بالنسبة للذين استعملوا البخاخ أو المادة الهلامية.
وتقول الدكتورة ماكارتني إن المادة، التي تباع في الأسواق بعلامة تجارية، ليست أكثر فاعلية من محلول الماء والملح الذي يمكن إعداده في المنزل.
هل يمكن فعلا تعزيز الجهاز المناعي؟
تقول البروفيسور رايلي: “إذا كنت تفعل ما ينبغي للاهتمام بصحتك، بعدم التدخين، وبتناول الأغذية الصحية، وممارسة النشاط الرياضي، فإن جهازك المناعي يعمل بأفضل طاقة ممكنة للتصدي للعدوى”.
لكن: هل يمكنك أن تفعل شيئا لتعزيز قدراتك المناعية أكثر من شخص في صحة جيدة؟ الإجابة ببساطة: لا دليل علمي على أن ذلك ممكن.
“وأيضاً المطاعيم يمكنها تحسين مناعتك ضد عدوى معينة” كما تقول البروفيسور رايلي، وتضيف: ” وربما بدل أن تنفق أموالك على أحدث المنتجات لتعزيز المناعة، من الأفضل أن تبحث عن السبل التي تجنبك العدوى في المقام الأول”.
المصدر: صحيفة الراكوبة