اخبار السودان

عبد المعين (9 10): زمن الخرافات بدري فات !!

عبد المعين يدخل في عداد الذين أسهموا بقوة في النقلة الكبرى من الحقيبة إلي المدرسة الوترية ودنيا الموسيقى الحديثة والعوالم النغمية الجديدة (خليل فرح وعبد الحميد يوسف وإبراهيم الكاشف وحسن سليمان والتجاني السيوفي وعبيد الطيب واحمد المصطفى وحسن عطية وعثمان حسين وحسن سليمان وشقيقه عبد القادر سليمان)..بل والحاج محمد أحمد سرور نفسه..!
رجع عبد المعين في إجازة من القاهرة عام 41 عنما كان في معهد فؤاد الأول..وطلب منه سرور التعاون معه.. وقيل أن عبد المعين اجري في منزل “محمود ثابت” توقيع بروفة أغنية المتطوعات لعبيد عبد الرحمن (صاحب الرؤية الاجتماعية المتقدمة)..غناها سرور بمصاحبة العود لأول مرة بدون كورَس (شيالين)…!
والمتطوعات فتيات سودانيات تطوّعن للذهاب للجبهة الشرقية إبان الحرب العالمية الثانية..!
زي الزهور متنوّعات.. عجبني المتطوعات..
العارفات….زمن الخرافات بدري فات..
نهضن خفاف متكاتفات
..لي خدمة السودان..ومشرّفات
**
النابهات ..في خطوتن ورشاقتن متشابهات
نحو العمل متوجهات ..
ما استسلمن لي الترّهات..!
**
الحازمات.. ضحّن بأوقات راحتن..
خوف الشمات..
الـ بالفضيلة موسّمات
يحيّن بنات وطني العزيز..
بل يحيّن المتعلمات
**
الراسيات لي واجبن ما ناسيات
أسألني قول لي: هن يات..؟!
ديل ارقي نوع..سودانيات..
**
جمَع أحد البرامج الإذاعية بين عبد المعين وعائشة الفلاتية؛ وكان اللقاء غاية في التلقائية و(رفع الكُلفة)..تذاكرا فيه بعض الأغنيات وردّداها معاً في ما يشبه (الدويتو العفوي)…!
يقول لها حلاتك..! وتقول له (الله لو أداك صوت سمح مع ألحانك السمحه دي كان بدّعتَ..وكنت ما بتتلحق)…يضحك ويقول لها: ( أووووه…دي تكون حاجة تانية)..! تقول له: (مخك نضيف وألحانك حلوة) يقول لها: (تحلالك العافية)..!
غ ت الفلاتية معه “الحبايب” عني مالم صدوا واتواروا وأغنية “يجوا عايدين” وغنيا معاً : “سهر المنام لي وَحّدي” و”أنت كان زعلان” ثم أغنية “غزال حِكمت”: مَن هو (غزال حِمَكت هذا)..؟!
أريدو غزال حِكمَت
حبيبي سافر…بالليل يا ناس
آآآآه البريدو غزال حِكمَت
حبيبي سافر بالليل يا ناس
ثم غنيا معاً في إبداع وهارمونية عجيبة أغنية “الساكن جبال التاكا”
مين متلك في عُلاكا
يا الساكن جبال التاكا..
سنا البدر من سناكا ..وجنا النحل من لماكا
الوحيد في عُلاكا..وأنا الفريد في وفاكا
العوازل يوم لقاكا..ماتو بالهم من جفاكا..
يا الساكن..يا الساكن …جباااااال التاكا
**
جالس في عروشو
السلاح في رموشو
دا القدَر ما بحوشو..!
جذبتني عيونو
الله بيني وبينو
دا البخاف من عينو
الحبيّب وينو..؟
الله بيني وبينو…!
الشاهد هو إنهما وجدا نفسيهما في قلب وصميم إيقاع (التُم تُم) الذي انتقل به عبد المعين إلى الزنجران كما يراه..والذي لم يُزاح الستار عنه كما قال منذ أيام (زرياب) في العصر العباسي..!
**
وبهذه المناسبة فإن عبدالكريم الكابلي تغنّى كثيراً بأغنية عبد المعين “أنت كان زعلان أنا ما بزعل”؛ وكان احمد المصطفى يردد أغنية “الساكن جبال التاكا” بإعجاب وكان يغنيها سيد خليفة كذلك بإعجاب كبير؛ فقد كان سيد قريباً من عبدالمعين في فترات كثيرة من حياته خاصة في القاهرة..! وطبعاً ظلت أغاني عبد المعين حيّة لدى كثير من المطربين وعلى رأسهم عائشة الفلاتية وابراهيم الكاشف وسيد خليفة وخضر بشير وخليل إسماعيل..إلخ
ومن المطربين والمطربات الشباب الذين واللواتي رددوا ورددن أغاني عبد المعين؛ النور الجيلاني وسيف الجامعة وإيمان الشريف على سبيل المثال..وآخرون كثر..وقيل إن عبد المعين كان يشيد بالنور الجيلاني ويقول إنه الوحيد الذي يغني “زنجران”..!
أما محمود عبد العزيز “الحوت” ققد ذكرنا إحياءه لأغاني عبد المعين..ومحمود عبدالعزيز ظاهرة فنية وغنائية (لا نظير لها)..! لقد استطاع في حياته القصيرة أن ينشئ جمهوراً فريداً يتبعه حيثما حلّ.. وقد رافقه بدأب عجيب طوال مسيرته..وظل كذلك بعد رحيله..!
(جمهور له لغته الخاصة وماركته المُسجلة)..وله إشارات ورموز جسدية ولفظية متبادلة…جمهور خاص توّحدت مشاعره وتوّحد مزاجه النغمي والوجداني والاجتماعي..بل ربما (مزاجه السياسي)..!
**
هناك أغنية لعبد المعين نادرة ومتميزة عن جميع إعماله الأخرى العديدة ويمتثّل تميزها من عدة أوجه: أولاً لأنها بالفصحى خلافاً لمعظم أغانيه العاطفية (عدا إيه يا مولاي إيه)..ولأنه غناها في مرحلة باكرة وصوته في سحر الشباب واكتمال النضج الصوتي؛ وثالثاً لأنها سجّلها باوركسترا كاملة..وهذا من نوادر تسجيلاته، ورابعاً لمرافقة (كورَس نسائي مصري)..يردد معه بعض المقاطع.. كما أن لها (ميلودي كلاسيكي وئيد) غاية في الشجن. يختلف عن طبيعة أغاني عبدالمعين الشعبية وطقطوقاته وأغانيه الوطنية وأناشيده الهتافية الصادحة بالجلالات وأنغام المارشات..!
هذه أغنية لم يتم ترديدها وتداولها بعد عبدالمعين..بل أن عبدالمعين نفسه لم يرددها في جلساته وحواراته..!
الأغنية اقرب للموشح من حيث التفريع والترصيع وهو مشحونة بشجن بالغ عن لحظات وداع فارقة..!
اسم الأغنية في اسطوانة التسجيل من كلمة واحدة هي (صبراً)..ولكن لم نستطع العثور على اسم شاعرها:
أوداعٌ لتنائي؟ .. أم وداعٌ لفراقِ..؟
وسلامٌ للقاءٍ.. ام سلامٌ لفراقِ.؟!
يا حبيبي
امسحي الدمعة من عينيك قد خانتك عبرَه
واقتلي الهم بخمرٍ واجعلي الكاسات خمرا
غصةٌ في الحلق أفشت في جبين الهم سرا
اشهد اليوم تلاقي
ودموعاً في المآقي
أتُرى دمع اشتياق..؟ أم تُرى دمع فراقِ..؟!
يا حبيبي
مالها البسمةُ ماتت..مالها؟ في شفتيكي
والخيالات تراءت..ما لها..؟ في ناظريكي
دمعة حيرى بدت.. مالها؟ في وجنتيكي
لا تُراعي لفراقي
فعلي عهدي باقي
إنه مُر المزاق .. طاب بالسُم التساقي..!
يا حبيبي
طبع الحزنُ على عينيك هما واستكانه
وقضى الدهر بنا يا صاحِ..أمراً ولُبانه
وزمان الحبٍ ولى…أخذ الهجر ُ مكانه
يا صحابي يا رفاقي
لم يعد للصبرِ باقي..
فوداعاً لا تلاقي..قد مضى عهد الوفاقِ
يا حبــــيــبـــــــــــــيييييي
**
عُذراً لنشرها كاملة…فقد تجد من يعيدها للحياة..أو يعيد الحياة إليها…!

المصدر: صحيفة الراكوبة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *