تقرير أممي: المغرب تحدى قيود التمويل وأصبح جسرا صناعيا لربط إفريقيا بأوروبا
![](https://alarabstyle.com/wp-content/uploads/2025/02/67a73fd60c414.png)
أفاد التقرير الأخير لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، المتعلق بـ”التعاون الصناعي بين بلدان الجنوب والتعاون الثلاثي”، أن المغرب يواصل تعزيز موقعه كفاعل رئيسي في التعاون الصناعي بين دول الجنوب، متجاوزًا دوره التقليدي كمستفيد ليصبح جسرًا استراتيجيًا يربط بين أوروبا والعالم العربي وأفريقيا جنوب الصحراء.
ووفقًا للتقرير، يشارك المغرب في مشروعين ضمن “SSTIC”، مشيرًا إلى أن المملكة قد عززت ريادتها في التعاون الصناعي من خلال مبادرات بارزة مثل برنامج الشراكة القُطري (PCP) وCleantech Morocco، إضافة إلى دوره المحوري في المشاريع الأفريقية.
التكنولوجيا الخضراء
ذكرت المنظمة أن الأكاديمية الخضراء الإقليمية قد استضافت خبراء من ست دول إفريقية (بوركينا فاسو، غانا، رواندا، السنغال، جنوب إفريقيا، وموريشيوس)، المعنية بتمويل الانتقال العادل نحو الاقتصادات الدائرية، مما يعكس التزام المغرب بنقل المعرفة وتعزيز القدرات الصناعية والتكنولوجية في القارة.
وأفاد التقرير بأن المغرب لعب دورًا جوهريًا في الشراكات الثلاثية، حيث أسهم في نقل التكنولوجيا الخضراء إلى دول مثل السنغال وكمبوديا عبر مشروع Cleantech Morocco، مما يعزز موقعه كحلقة وصل بين الشمال والجنوب. كما أشار إلى أن المملكة تستعد لاستضافة مؤتمر “التحالف من أجل الصناعة 14.0 والتصنيع الذكي في إفريقيا”.
وأوضح تقرير منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (ONUDI) أن القارة تحتضن 41 مشروعًا من أصل 149 مشروعًا عالميًا ضمن برامج التعاون الصناعي، ورغم تصدر إثيوبيا، تنزانيا، نيجيريا، ومصر للقائمة، إلا أن المغرب يبرز كلاعب محوري بمشروعين رئيسيين، مما يعكس التزامه بتعزيز التنمية الصناعية في القارة.
تحديات كبيرة
ورغم التقدم الملحوظ في مشاريع التعاون جنوبجنوب والتعاون الثلاثي (SSTIC) لعام 2024، لا تزال هناك تحديات كبيرة، أبرزها الاعتماد الهيكلي على التمويل الخارجي، فضلاً عن التوزيع الجغرافي غير المتكافئ. من حيث الانتشار الجغرافي، تشارك 24 دولة من أصل 54، ما يمثل 44% من القارة. إذ تستحوذ أفريقيا الغربية والشرقية على الحصة الأكبر من هذه المشاريع، كما يتركز 70% من المشاريع في قطاعي الزراعة والطاقة، فيما لا تزال مجالات مثل الصحة والتكنولوجيا الرقمية بحاجة إلى مزيد من الاستثمار.
ووفقًا لبيانات منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (ONUDI)، تعد جمهورية الكونغو الدولة الأفريقية الوحيدة ضمن قائمة أكبر 10 ممولين لهذه المشاريع، بمساهمة بلغت 5.7 مليون دولار، في المقابل، بلغ إجمالي المساهمات الدولية 60.3 مليون دولار.
توزعت هذه المساهمات بين جهات رئيسية مثل الاتحاد الأوروبي (13.8 مليون دولار)، البحرين (6.2 مليون دولار)، كندا (5.4 مليون دولار)، الصين (3.3 مليون دولار)، النمسا (2.5 مليون دولار)، الأمم المتحدة (2.2 مليون دولار)، واليابان (1.6 مليون دولار)، مما يعكس تناقضًا جوهريًا، حيث تبقى هذه الجهود رهينة لمصادر تمويل خارجية رغم الرغبة في تعزيز الاستقلالية الصناعية.
التعاون الصناعي
وسط هذه التحديات، تبرز إثيوبيا كأكثر الدول انخراطًا في التعاون الصناعي جنوبجنوب، متجاوزة نيجيريا وتنزانيا من خلال أربعة مشاريع نشطة. وتعتمد استراتيجية إثيوبيا على ثلاثة محاور رئيسية: تعزيز سلاسل القيمة الصناعية، الانتقال الطاقي نحو مصادر مستدامة، والإدماج الاجتماعي والاقتصادي.
تشمل المشاريع الإثيوبية مجالات متعددة مثل الطاقة المتجددة (التدريب على الطاقة الكهرومائية)، الصناعات الزراعية (برنامج OYA للشباب)، وتعزيز القدرة التنافسية للصادرات (برنامج WACOMP). وتتماشى هذه المبادرات مع التحديات الوطنية، مثل البطالة بين الشباب والاعتماد المفرط على الزراعة.
وحسب التقرير، تلعب تنزانيا دورًا محوريًا في برامج التنمية الإقليمية، لا سيما عبر برنامج “فرص الشباب في أفريقيا” (OYA)، وهو مبادرة تدعم ريادة الأعمال الزراعية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (ONUDI) ومنظمة الأغذية والزراعة (FAO). كما تسهم في تطوير المعايير التقنية للطاقة الكهرومائية، مستفيدة من عضويتها في مجموعة التنمية لأفريقيا الجنوبية (SADC) ومجموعة شرق أفريقيا (EAC).
وأوضحت المنظمة أن نيجيريا تركز على تعزيز الطاقة الكهرومائية الخالية من الكربون، إلى جانب تطوير قطاع مستحضرات التجميل والعناية الشخصية. حيث استضافت أبوجا واحدة من أكبر الدورات التدريبية التقنية لمنظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية، بمشاركة 276 متخصصًا في تشغيل محطات الطاقة الكهرومائية الصغيرة. في المقابل، يسعى برنامج WACOMP، بالشراكة مع غانا وليبيريا، إلى تعزيز سلاسل القيمة الإقليمية في صناعة مستحضرات التجميل، التي يقدر حجمها في إفريقيا بـ 31.5 مليار دولار بحلول 2030.
الأثر الاجتماعي والاقتصادي
أكد المصدر ذاته أن مصر تعد الدولة الأفريقية الوحيدة التي تنخرط في مشاريع صناعية ذات بعد عربي وأفريقي، حيث تركز جهودها على إعادة تدوير النفايات الصناعية، الطاقات المتجددة، وتعزيز موقعها كمركز إقليمي.
وأضاف أن مصر، من خلال مشروع MED TEST III، طورت نموذجًا لتحويل مصل اللبن إلى منتجات صناعية، وهو ما تسعى إلى تعميمه على صناعاتها الغذائية. كما تساهم القاهرة في تدريب الدول الأقل تقدمًا، مثل السودان، في مجال الطاقة الكهرومائية، مما يعكس دورها كجسر لنقل التكنولوجيا داخل القارة.
يُذكر أنه رغم تصدر إثيوبيا، تنزانيا، نيجيريا، ومصر المشهد، فإن 20 دولة أفريقية أخرى شاركت في مشاريع التعاون جنوبجنوب والتعاون الثلاثي في عام 2024، مما يعكس ديناميكية قارية متنوعة ولكن غير متكافئة. إلا أن التحدي الأكبر هذا العام سيكون تقييم الأثر الاجتماعي والاقتصادي لهذه المشاريع وتعزيز التكامل الإقليمي لضمان صناعات أكثر شمولية واستدامة.
المصدر: العمق المغربي