اخبار المغرب

مشروع قانون الإضراب.. انفراد النقابات بالدعوة للإضراب يسائل وضعيات التنسيقيات واللامنتمين

في ظل الجدل الدائر حول مشروع القانون التنظيمي 97.15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، الذي صادق عليه مجلس النواب المغربي، تتجه الأنظار إلى وضعية اللامنتمين والتنسيقيات التي عرفت حضورا وازنا في العديد من الإضرابات التي شهدها المغرب، والتي كانت أطول من غيرها، إذ نص المشروع المذكور على أن الدعوة للإضراب تتم من النقابات والهيئات المحدثة بنص القانون، مما يستبعد التنسيقيات ويضع وضعية اللامنتمين لأي نقابة في حالة من الضبابية.

وتنص المادة 10 من مشروع القانون التنظيمي 97.15، الذي سيحال إلى المحكمة الدستورية للبث في مطابقته للدستور، على أن الدعوة إلى الإضراب على الصعيد الوطني تتم من قبل نقابة أكثر تمثيلا أو من قبل نقابة ذات تمثيلية على الصعيد الوطني، مما يثير تساؤلات حول وضعية التنسيقيات التي لا تتوفر على غطاء نقابي، ويطرح إشكالية تمثيلية هذه الإطارات في الدفاع عن حقوق العمال والموظفين، خاصة في ظل غياب قانون منظم للنقابات يوضح وضعية اللامنتمين.

ويأتي هذا النقاش في سياق لم يتم فيه بعد إخراج مشروع القانون 24.19 المتعلق بالمنظمات النقابية، الذي طال انتظاره، والذي كان من المفترض أن يحدد معايير التمثيلية النقابية ويضع حدا للازدواجية التي يعرفها الحقل النقابي بين الإطار النقابي والإطار الجمعوي، وأن ينظم مختلف الجوانب المرتبطة بالحرية والحق النقابيين، وهو ما اعتبرته الحكومة حسب ما جاء في الورقة التقديمية لمشروع القانون 24.19 المتعلق بالمنظمات النقابية مطلبا ملحا.

وينص الفصل 8 من الدستور المغربي على أن “تساهم المنظمات النقابية للأجراء، والغرف المهنية، والمنظمات المهنية للمشغلين، في الدفاع عن الحقوق والمصالح الاجتماعية والاقتصادية للفئات التي تمثلها، وفي النهوض بها. ويتم تأسيسها وممارسة أنشطتها بحرية، في نطاق احترام الدستور والقانون”.

وكان المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قد نبه، في رأيه حول مشروع القانون 24.19 المتعلق بالمنظمات النقابية، سنة 2021، إلى أن قضية “اللامنتمون”، ونظرا للحجم الوازن لهذه الفئة، لا يمكن السكوت عنها في مشروع قانون طموح من هذا القبيل، مؤكدا ضرورة البت فيها، واتخاذ ما يلزم لعقلنة المشهد النقابي وتقوية التنظيمات النقابية.

وأوصى المجلس باتخاذ موقف واضح بخصوصها، وإيجاد جواب يزاوج بين حقها في عدم التنظيم المنصوص عليه في المعايير الدولية، وواقع استبعادها من المجالس التمثيلية ومن المفاوضة الجماعية وإبرام الاتفاقيات الجماعية، وتقديم الملفات المطلبية، في مشروع القانون.

وكان يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، قد كشف في جوابه عن سؤال برلماني، حول مآل مشروع القانون 24.19 المتعلق بالمنظمات النقابية، أنه جرى تحديد شهر يوليوز من سنة 2024 كسقف زمني لإخراج قانون المنظمات النقابية؛ وهو الأمر الذي لم يتم بعد.

في هذا السياق، صرح الباحث في العلوم السياسية، عمر وقاد، بأن وضع قانون للعمل النقابي أصبح ضرورة ملحة في السياق المغربي الراهن، وذلك تفعيلا للفصل 8 من الدستور واستجابة لمعايير الحرية النقابية المعترف بها دوليا لاسيما منها الاتفاقية الدولية 87 بشأن الحريات النقابية، والاتفاقية الدولية رقم 98 بشأن تطبيق مبادئ حق التنظيم والمفاوضات الجماعية ، مؤكدا أن غياب إطار قانوني واضح ينظم العمل النقابي يساهم في تفاقم أزمة التمثيلية، مما يؤدي إلى انتشار التنسيقيات التي تنشأ كرد فعل على ضعف استجابة النقابات التقليدية لمطالب الشغيلة.

وأشار الباحث، في تصريح لجريدة “” إلى أن تنظيم العمل النقابي لا ينبغي أن يكون مدخلا لتقييد الحريات النقابية، بل يجب أن يهدف إلى تعزيز الشفافية والديمقراطية داخل الهيئات النقابية، مع ضمان حق جميع الفئات العمالية في التمثيل والمشاركة في الحوار الاجتماعي، منبها إلى خطورة استمرار الوضع الحالي، حيث تغيب القوانين المنظمة للنقابات، مما يخلق بيئة قانونية غير مستقرة قد تؤثر على استقرار سوق الشغل.

واعتبر أن التأخر في إخراج قانون منظم للنقابات، يسائل مدى جدية الحكومة في تنظيم العمل النقابي، ويطرح تساؤلات حول مصير التنسيقيات التي تعيش وضعية ضبابية، التي يعتبرها البعض غير قانونية، في حين أن البعض الآخر يرى فيها تعبيرا عن إرادة فئات واسعة من العمال والموظفين الذين لم يجدوا في النقابات التقليدية ما يعبر عن تطلعاتهم.

كما أن هذا الوضع، حسب المتحدث يضع تحديا أمام النقابات، التي يجب عليها أن تجدد آلياتها وتوسيع تمثيليتها لتشمل الفئات التي تمثلها التنسيقيات، وأن تكون أكثر انفتاحا على مطالبها وهمومها، وتجاوز الخلافات الداخلية التي تعيق عملها، وأن تعمل على توحيد الصف النقابي لمواجهة التحديات التي تواجه عالم الشغل.

وأضاف أن التجربة الدولية أظهرت أن تقنين العمل النقابي وفق معايير واضحة يعزز الاستقرار الاجتماعي ويحد من النزاعات العمالية، مشيرا إلى أن المغرب بحاجة إلى نموذج تشريعي يراعي خصوصياته الاقتصادية والاجتماعية، مع الاستفادة من التجارب الناجحة في دول أخرى، مشدد على ضرورة أن يراعي القانون الجديد التوازن بين حقوق العمال وحقوق المشغلين، لضمان استمرارية النشاط الاقتصادي دون المساس بالحقوق الأساسية للأجراء.

وأكد على أن نجاح أي قانون منظم للنقابات يتوقف على الإرادة السياسية لتنفيذه، وعلى مدى إشراك جميع الفاعلين الاجتماعيين في صياغته وتطبيقه. وأوصى بضرورة إطلاق حوار وطني شامل حول إصلاح المنظومة النقابية، لضمان توافق مجتمعي حول الإصلاحات الضرورية التي تضمن حقوق كافة الأطراف وتحقيق السلم الاجتماعي.

المصدر: العمق المغربي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *